الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معاقو الجزائر بين استحقاق إثبات الذات وبيروقراطية تنفيذ القرار

معاقو الجزائر بين استحقاق إثبات الذات وبيروقراطية تنفيذ القرار
19 مارس 2011 19:21
أحيا المعاقون الجزائريون في 14 مارس الجاري يومهم الوطني بتنظيم عدة نشاطات في أماكن مختلفة من البلد حضر وزير التضامن السعيد بركات إحداها في مركز متخصص لتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة بمنطقة بئر خادم بالجزائر العاصمة، وأعلن الوزير عزم الدولة اتخاذ عدة إجراءات لصالح هذه الفئة خاصة بالسكن والنقل وإعادة التأهيل. إلا أن ذلك لم يمنع الكثير من المعاقين وجمعياتهم من إعادة شكواهم الدائمة بأنهم ما زالوا يعانون النبذ والتهميش تبدي جمعيات رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة المغربية عدم رضاها عن الإجراءات التي اتخذتها السلطات إلى حد الآن للتكفل بهذه الفئة، على الرغم من كل الجهود المبذولة لتأهيلهم وتوفير احتياجاتهم الأساسية كالكراسي المتحركة والأعضاء الاصطناعية وفتح مراكز العلاج والتدريب الحركي. وغيرها من التدابير الرامية إلى دمج هذه الفئة في المجتمع حتى تكون أكثر فعالية وشعورا بالمساواة في المواطنة. وضع غير مرض وكشفت مصادر مستقلة عن أن عدد ذوي الاحتياجات الخاصة في الجزائر بلغ 2.1 مليون معاق، موزعين على الإعاقات الحركية والذهنية، وهو ما يشكل نسبة «كبيرة» من عدد السكان البالغ 36 مليون نسمة. إلى ذلك، قال حمزة بوزارة، رئيس جمعية «التحدي» لذوي الاحتياجات الخاصة إن وضعية هذه الفئة «غير مرضية» وبخاصة في مجالي السكن والمنحة. وكشف بوزارة عن طرد عدد من المعاقين من مساكنهم الاجتماعية بسبب عجزهم عن دفع مستحقات الإيجار لديوان السكن، وتساءل باستنكار «كيف يمكن أن يدفع المعاق ثمن كراء السكن الاجتماعي وهو بطال ومنحته الشهرية التي لا تتجاوز الـ4 آلاف دينار جزائري (نحو 60 دولاراً) لا تكفي حتى لاقتناء الخبز والحليب لأطفاله؟». ونبّه بوزارة إلى هذه المنحة التي تقدمها وزارة التضامن لذوي الاحتياجات الخاصة لا تصلهم إلا مرة كل ستة أشهر أو مرة في العام مجتمعة، ووصف قيمتها بـ«الهزيلة»، مطالبا بمضاعفتها لتصل إلى 15 ألف دينار (قرابة مائتي دولار) حتى «يستطيع المعاق تلبية الحد الأدنى من احتياجاته المعيشية ويخرج من دائرة البؤس التي وجد نفسه فيها». من جهتها، أبدت حيزية رزيق رئيسة جمعية «الأمل» لذوي الاحتياجات الخاصة، تذمرها من واقع هذه الفئة في الجزائر. وقالت إنها «لا تتمتع بأدنى حقوقها عدا بطاقة التأمين الصحي». صعوبات معيشية تطرقت رزيق إلى الصعوبات المعيشية اليومية التي يواجهها المعاقون في محيطهم ومنها انعدام مسالك مخصصة لهم في الطرق العمومية، وكذلك انعدام وسائل نقل خاصة بهم ما حرم الكثير منهم من مواصلة دراستهم، ما رفع نسبة البطالة لديهم خاصة في ظل عدم تقيُّد الشركات العمومية بالقانون الذي ينص على ضرورة تخصيص نسبة 1 بالمائة من وظائفها لذوي الاحتياجات الخاصة، ما جعل عشرات المتخرجين في الجامعات والمعاهد يعانون البطالة. وقالت إنه «برغم أن نسبة 1 بالمائة ضئيلة جدا وتعدُّ إجحافا وإقصاء لهذه الفئة، إلا أن الأدهى من ذلك أن الشركات العامة لم تتقيد بهذا أصلاً، وأصرَّت على معاملتها بشكل بيروقراطي منفر». وإزاء إصرار عدد كبير من المؤسسات العمومية والخاصة على نبذ المعاقين ورفض تشغيلهم والنظر إليهم على أنهم «عالة» و»عبء» عليها، فضل الكثيرُ منهم الاتجاه إلى أنشطة التجارة الموازية حيث يبيعون سلعاً «خفيفة» لا تكاد عائداتُها تسدّ حاجياتهم الأساسية كبيع المناديل الورقية والفول السوداني ولُعب الأطفال وترقيع الأحذية. في هذا السياق، قال المعاق بلقاسم مقدود، وهو اسكافي وأب لثلاثة صغار «بعد أن أعياني البحث عن عمل في شركة وعانيت الأمرِّين من البيروقراطية، اهتديت إلى هذه المهنة لإعالة صغاري، إذ أن منحة المعاقين لا تكفي حتى لتوفير الخبز لهم». وواصل الحديث عن معاناته، قائلا «طلبتُ سيارة بمحرك لضمان تنقلي بسلاسة، إلا أنهم رفضوا ووضعوا أمامي عراقيل بيروقراطية عسيرة». فئة مهمشة السلطات تصرّ على أنها أنجزت الكثير لذوي الاحتياجات الخاصة إلى حد الساعة، كما أعلنت عن مشاريع جديدة لفائدتها. وقال وزير التضامن السعيد بركات وهو يقابل مجموعة من المعاقين وجمعياتهم في مركز للتأهيل ببئر خادم إن «هذه الفئة ليست منسية أو مهمَّشة كما يقال، بل إن هناك جهات تحرص عليهم ومنها الأسرة والجمعيات والسلطات». وأضاف «الدولة لم تتخل عن ذوي الاحتياجات الخاصة ولكن أمام المعاق رهان إثبات ذاته وقدراته عبر المشاركة في جميع مجالات الحياة وعدم الانطواء على نفسه». وذكّر بما أنجزته السلطات لفائدة هذه الفئة من حيث فتح مراكز للعلاج والتأهيل والتدريب على المستوى الوطني وتوفير المستلزمات التي تساعد المعاق على الحركة ومنها الكراسي المتحركة والدراجات ذات المحرك والأعضاء الاصطناعية. وأعلن الوزير عن مشاريع قادمة منها تعميم استعمال «البراي» عن طريق الإنترنت وتعميم المكتبات السمعية، فضلاً عن قرار وزاري مشترك يتعلق بتكييف طريقة تشييد المباني العمومية مستقبلاً لجهة تمكين ذوي الاحتياجات الخاصة من الوصول بسهولة إلى مداخل المؤسسات وهيئات الخدمة العمومية المفتوحة للجمهور، وأجهزة الصراف الآلي، والأماكن العمومية ووسائل النقل، وهذا لتكييف المحيط مع احتياجات هذه الفئة وقدراتها المحدودة في الحركة، تجسيدا لانضمام الجزائر في سنة 2009 إلى الاتفاقية الدولية لإدماج المعاق في الحياة العامة، بإجراءات عملية تترجم هذه الخطوة على أرض الواقع. الإجراء المنتظر الإجراء الذي ينتظر منه ذوو الاحتياجات الخاصة الكثير لفك معاناتهم المادية والمعيشية المزمنة، هو إقرار السلطات منذ مطلع العام الجاري منح الأولوية لهذه الفئة في مشاريع وكالات تشغيل الشباب والتي تتعلق بمنح ملايين الشباب قروضاً يسيرة لتجسيد مشاريع مختلفة بشرط امتلاك مؤهِّل أو حرفة، علماً بأن مراكز تأهيل المعاقين تدرِّبهم على مختلف المهن والحرف، ما يسمح للكثير منهم بالاستفادة من هذه القروض وبالتالي فتح آفاق مهنية جديدة أمامهم.
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©