الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

«البوش» رحلة كفاح في الماضي الجميل

«البوش» رحلة كفاح في الماضي الجميل
15 مارس 2015 23:45
أشرف جمعة (أبوظبي) لا تزال حياة الأجداد مرآة صافية، تعكس بضوئها الغامر تلك الحياة القديمة التي عاش تفاصيلها الإنسان الإماراتي تحت حرارة الشمس، وتقلبات الأجواء الصحراوية، لكن التجربة التي أنضجت ذلك الجيل لم تزل تغذي الحاضر بمنجزاتها الجمالية، وحساسيتها المدهشة، فأضحت نموذجاً للفكر وتأسيساً للوعي بقيمة الطاقة الكامنة في المجتمع، والمشاركة الفعالة المنتجة في حركة الحياة ومن بين النماذج التي عشقت الصحراء، وتوارثت محبة الإبل، وامتزجت بعالمها.. حميد المنصوري مسؤول الهجن بجزيرة السمالية الذي يأخذنا في رحلة إلى زمن «سفينة الصحراء»، وما انطوى عليه الجمل الذي شارك الإماراتيين كل مناحي الحياة. وراثة الحب يقول المنصوري: ورثت حب الإبل من الأب الذي أخذه من الجد، إلى أن استطعت أن أمتلك وحدي نحو 500 رأس من الجمال، أرعاها حق الرعاية، وأمنحها ما أمنح عائلتي من الحب والاهتمام، وهو ما دفعني إلى أن أحمل تاريخها على ظهري، إيماناً مني بأنه الواجب الذي يحتم عليّ أن أحفظ تركة أجدادي، من ناحية قراءة تاريخ السلالة التي أنتمي إليها، أو المعرفة العميقة بالبيئة الإماراتية التي لم تعرف سوى الجمل في كل أحوالها أنيساً في الدار، وصاحباً في السفر. وقال: إن جماله الـ500 تشارك حالياً في السباقات والمزاينات، وبعضها يحالفه الحظ فيربح، والآخر لا يفقد الأمل بأن يناله حظ من الفوز والنجاح، لكن الفرحة تبلغ مداها عندما تلد الإبل وتتكاثر وتدر الحليب، مؤكداً أن حليبها الكثير يصل إلى القريب والبعيد، من دون أي مقابل، لأنه تربى على قيم العطاء. بيوت متناثرة ويصف المنصوري- الذي عاشت أسرته في أبوظبي منذ القدم- حال «البوش» قديماً بأنها كانت شحيحة، والبيوت المتناثرة هنا وهناك في الفريج بعضها يمتلك من ثلاثة إلى خمسة، فكانت هي وسيلة مريحة للذهاب إلى السوق، فيحمل على ظهورها «المير» ثم تعود إلى البيوت التي كانت عبارة عن بيوت شعر. وعن طعام الناس في ذاك الزمن يذكر أن وجبة الإفطار كانت عبارة عن تمرة أو ثلاث، وبعضاً من حليب الناقة، أما طعام باقي اليوم فإن لم يطبخ في البيوت شيئاً قليلاً منه، فالناس كانوا يأكلون التمر، ويشربون حليب الإبل أيضاً، وهو ما كان يؤثر بالإيجاب في صحة الناس. رحلة المسافر وحول رحلات السفر وقدرة الجمل على تحمل مشاق المسافات الطويلة، ونقل الناس فرادى وجماعات، عائلات أو صحبة، والجمل كان يقطع المسافة من أبوظبي إلى ليوا تقريباً في يومين، وبحسب ما يتميز به الجمل، سواء من ناحية السلالة بحيث تكون الناقة أصيل وأمها «سبوق» أو من ناحية الطعام الذي تتناوله، ويشير إلى أنها كانت تأكل وجبتها من طحين وتمر بعد عجنه، وتظل على ذلك ما يقارب يومين وهي خفيفة رشيقة، لافتاً إلى أنه في لحظات الراحة وعند مواطن العشب كان ينيخ المسافر إبله ويقيدها قليلاً فترعى، وهي مقيدة، وهو يجلس بجوارها يحتسي القهوة، وعندما يجن الليل، يُخرج المسافر خيمته إذا كان الوقت شتاء لينصبها، أو يقيم بدلاً منها بيت الشعر وينام ليلته، وينهض في الصباح الباكر ليواصل رحلته.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©