الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قمة ترامب - كيم.. مخاطر التسرع

8 ابريل 2018 23:08
ماذا سيحدث إذا التقى الرئيس دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون؟ يعتقد العديد من الخبراء أن قمة تم الترتيب لها بشكل متسرع ودون الإعداد الجيد من المرجح أن تفشل، وتُفقِد الجهود الدبلوماسية الثقة مبكراً وتضعنا على طريق الحرب. وهذا سيناريو معقول ومخيف، ولاسيما بالنظر إلى الوصول المعيق للصقر المتشدد «جون بولتون» ليشغل منصب مستشار الأمن القومي. بيد أن هناك سيناريو آخر مقبولاً أيضاً: أن يتحرك ترامب وكيم لإبرام «صفقة كبيرة» تنطوي فقط على أهم النقاط وتلزم واشنطن بمعالجة مخاوف كوريا الشمالية في مقابل وعد بيونج يانج بالسعي إلى نزع الأسلحة النووية، مع وضع التفاصيل في وقت لاحق. ومن شأن صفقة محبطة وتفتقر إلى الضمانات من هذا النوع أن تكون تقليدية بالنسبة لترامب، حيث تعطيه الرؤية لإحراز «فوز» دبلوماسي مع عدم بذل جهد كبير للحد من التهديد الذي يمثله البرنامج النووي للزعيم كيم. وقد يثبت أن هذا فخ للولايات المتحدة، ولكن ترامب من الممكن أن يسقط فيه. ولكن، لماذا تكون هذه نتيجة معقولة؟ أولاً، في أي قمة عالية المخاطر، تخلق قوانين الفيزياء (الطبيعة) الدبلوماسية الزخم الذي يدفع القادة للتوصل إلى «إعلان» أو «اتفاق»، حتى وإن كان هذا قد لا يعني بالضرورة تحقيق نجاح. وقد كان ترامب يظهر دائماً أنه حريص على التفاخر بـ«الفوز»، حتى وإن كان جوهر هذا الفوز يؤكد هذه المزاعم. وبالنسبة له، فإن الشكل الخارجي هو ما يهم، ويمكنه ترك الجوهر الحقيقي لوضعه في وقت لاحق وبواسطة آخرين. ثم فكر في نطاق الاتفاق المحتمل. من الواضح أن «كيم»، مثل والده وجده، قد أشار إلى أنه منفتح على التفوه بكلمة «نزع السلاح النووي»، على الأقل كمناورة للمساومة من أجل تخفيف ضغط العقوبات. وفي الوقت نفسه، فقد أظهر ترامب أنه، بالنسبة له، ليست هناك محرمات في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، سواء في آسيا أو في أي مكان آخر. ولذلك، فهناك الأسباب التي تدفعنا إلى الاعتقاد بأنه سيكون مستعداً لتقديم عرض شامل، يتضمن معاهدة سلام، وتطبيعاً، وإنهاء للعقوبات والحد من الممارسات العسكرية -إذا ما حصل على تعهد بنزع السلاح النووي- أي إذا حصل على مثل هذا التعهد في المقابل. (ويمكنه حتى طرح وجود القوات الأميركية للتفاوض). والحقيقة هي أن وضع الخطوط العريضة لـ«صفقة كبيرة» لم يكن إطلاقاً هو الجزء الصعب. وفي الواقع، فقد أجرت إدارة الرئيس جورج بوش الابن مفاوضات بشأن إصدار بيان مشترك في عام 2005، يتضمن بعض العناصر الرئيسية. أما الجزء الصعب فقد كان يتمثل في وضع التفاصيل وتنفيذها. وسيترك ترامب وكيم هذا لفرق التفاوض الخاصة بهما، وهي عملية ستشمل حتماً سنوات من الحركة وفرصاً كثيرة للوصول إلى طريق مسدود، والانهيار مع الغش الذي تمارسه كوريا الشمالية. وأخيراً، فكر في السياسة. إن مؤيدي ترامب، بدءاً من قناة «فوكس نيوز»، سيشيدون بالنتيجة بشكل مذهل، دون التوقف لتذكر أنهم كانوا يهاجمون الرئيس باراك أوباما بلا هوادة للتفاوض بشأن اتفاقات أكثر صرامة. وبلاشك، فإن منتقدي ترامب سيهدئون معارضتهم، لأن البديل هو الدخول في حرب كارثية. وفي حين أن بولتون سيكره هذا النهج في ظل وجود رئيس مختلف، وربما يفضل هذه السياسة لترامب في الوقت الحالي –ويرى أنه من الممكن أن يضغط من أجل القيام بعمل عسكري فيما بعد. ولكن هنا تكمن الصعوبة: هناك خطر حقيقي من أن هذا النوع من النتائج سيعمل كميزة بالنسبة لبيونج يانج أكثر منه لواشنطن. فشركاؤنا سيخففون من حدة العقوبات، حتى وإن كانت تنازلاتنا من المفترض أن تأتي فيما بعد. وبعد إعلان كبير، ولكنه سابق لأوانه، من قبل ترامب بأنه قد «حل» القضية النووية لكوريا الشمالية، من الطبيعي أن تسرع كوريا الجنوبية من وتيرة انخراطها مع جارتها الشمالية، بما في ذلك العلاقات الاقتصادية. أما الصين، التي تخشى من الانخراط بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، فستسارع (حتى أكثر مما هو عليه الحال الآن) لتقديم الحوافز لزيادة نفوذ بكين مع الزعيم كيم. وفي الوقت نفسه، ربما لا نحصل حتى على مزايا كاملة لتجميد قدرة كوريا الشمالية. ونحن نعلم أن لديها تاريخاً من قطع الوعود الكبيرة، وبعد ذلك العمل سراً لتحقيق تقدم في برنامجها. ونظراً لأن إدارة ترامب قد تعمدت التقليل من قدرتنا الدبلوماسية وخبرتنا في مجال منع الانتشار النووي –وأن ترامب لن يلقي بالاً لما يحدث بعد إيقاف تشغيل الكاميرات– فإن بيونج يانج ستستمتع بمميزات في الفترة التي تعقب انعقاد القمة. وفي إطار هذا السيناريو، ستنفذ كوريا الشمالية نسخة جديدة من نهجها القديم: تقديم سلسلة من الوعود في مقابل التخفيف من العقوبات الاقتصادية –وإلغائها فيما بعد. ومن شأن هذا أن يثير بسهولة خطر الحرب على المدى المتوسط. ومن المنصف أن نتساءل عما إذا كان القيام بمناورة استراتيجية جديدة يستحق المخاطرة، لأن كوريا الشمالية هي أرض الخيارات الرديئة. وهذه ليست حجة ضد الدبلوماسية، أو حتى ضد القمة. إنها حجة ضد الاقتراب من قمة مع وضع السياسة والاستعراض في الاعتبار، بدلاً من المخاوف العملية القوية. ولهذا السبب يتعين على الكونجرس أن يضغط على «مايك بومبيو» خلال جلسة التأكيد على تعيينه وزيراً للخارجية للإقرار بهذه المخاطر ومعرفة كيف سيتم التعامل معها، في حال تأكيدها. ولهذا السبب على حلفائنا أيضاً المطالبة بإجراء مشاورات دقيقة وشاملة قبل الانطلاق لعقد قمة. إن ترامب لن يفكر في المخاطر، بل فقط في المكافأة السياسية. والأمر متروك لنا لتحميله مسؤولية التعامل مع الواقع، وليس فقط عرض الواقع. * زميل بارز في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©