الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مذكرة مادلين أولبرايت الى الرئيس الأميركي المقبل

مذكرة مادلين أولبرايت الى الرئيس الأميركي المقبل
18 يونيو 2008 23:20
ليس بريئاً أن تستهل وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت تقديم كتابها ''مذكرة الى الرئيس المنتخب''، الصادر مطلع العام الحالي عن دار هاربر كولينز، والمترجم حديثا عن الدار العربية للعلوم، بتوصيف الانطباع الذي تولده فكرة موت رئيس جمهورية عند الأميركي الذي يتقبل سريعا النهاية بعبارة من الموروث المسيحي: ''من مات وآمن بي فسيحيا''، ومن ثم يبدأ الرهان على ما لدى الأحياء من وعود· تنطلق أولبرايت من تلك المعادلة العملية في مخاطبتها الرئيس المرتقب الملقاة على عاتقه مهمة جوهرية تقتضي بحسب قولها تلميع صورة أميركا، ومحاولة اصلاح الضرر الذي لحق برفاهها وسمعتها، بعد ما شابها من وهن ونكسات بفعل هفوات ارتكبها رؤساء أو مستشارون في الأمن القومي وكثيرون غيرهم· وهي بذلك تختصر مهمتها الأساس بالآتي: عدم النظر الى الوراء لأن ثمة تحديات مخيفة تقع تحت عنوان ''ما الذي يجب عمله؟''· أما الأسلوب المعتمد في المذكرة، فهو التعامل مع موضوع الرئاسة التالية في قسمين: تحليل أدوات الأمن القومي المختلفة المتاحة أمام الرئيس الرابع والأربعين، وهو نوع من دليل المستخدم الى البيت الأبيض، بينما يبحث الثاني في كيفية استخدام هذه الأدوات لمواجهة مشكلات القرن الحادي والعشرين· توقعات تتوقع أولبرايت ضمن الفترة الفاصلة بانتظار تسلّم الرئيس التالي منصبه، استمرار الجدل بشأن السياسة الأميركية في العراق، واعلان خفض القوات وادخال تعديلات على المهمة، لكن من دون موعد نهائي لنهاية الانتشار هناك أو في أفغانستان، وبقاء الاضطرابات في الشرق الأوسط، مع الأخذ بالاعتبار بأن القاعدة سوف توسع عملياتها في افريقيا وآسيا، وسيسيطر الجدل على الأرجح بشأن الطاقة والأمن على مناقشات التحديات العالمية، فيما لن يقود برنامج ايران النووي الى نشوب حرب على الرغم مما يثيره من قلق· وفي الولايات المتحدة، تخمّن بأنه عندما تضل السياسات الأميركية، يلقي كل من الكونغرس والبيت الأبيض باللائمة على الآخر، وكذلك المدنيون والعسكريون، ومسؤولو الادارة ومسؤولوها السابقون· وسيتواصل النقاش الى أن يتفق الجميع في النهاية على لوم وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)· وفي كل ذلك، يبقى الوضع العراقي المتأزم مهيمنا في المذكرة التي تضمنها ''نصيحة'' تحث فيها الرئيس الجديد بضرورة تقسيم العراق· وبخصوص الكوابيس التي تراها عالقة في دربه، فتختصرها بثلاثة: القاعدة تسيطر على مناطق السنّة، ايران تسيطر على الحكومات العراقية، والعراق يتصدع فتشتعل المنطقة· تتعمّد الوزيرة السابقة مخاطبة القارئ بلغة مباشرة لا تخلو من النزعة الانسانية واظهار الوجه الايجابي لسياسات أميركا في العالم، وخصوصا في الشرق الأوسط، وذلك بخلاف الانطباع الذي ولّدته تجربتها في عهد الرئيس الأميركي السابق بيل كلنتون، وتعاطيها بقسوة في العديد من القضايا الانسانية· فالعالم العربي لا زال يذكر ردها على سؤال عن النصف مليون عراقي الذين ماتوا بسبب الحصار· كان جوابها: ''أعتقد أنه خيار صعب، لكن الأمر يستحق ذلك''· في المقابل فانها تحكي عن وطنها بكثير من الحب والشغف والمشاعر الرقيقة· تجربة في السياسة يقع الكتاب في ثلاثة فصول يندرج تحتها عدد من المحاور التي تستعرض التجربة الأميركية من حقبة ابراهام لنكولن الى جورج بوش الابن الذي تنتقد ادارته· تفوّض أولبرايت في القسم الأول القيادة للرئيس الذي سيتسلّم البلاد في 20 كانون الثاني من العام ·2009 تهنئه مسبقاً عسى ينجح في نزع فتيل الاعتقاد حول العالم بأن أميركا باتت تثير النزاعات أكثر مما تجلب الحلول· تخبره القصة: كان العالم قبل نحو ثماني سنوات ينعم بالسلام، والاقتصاد العالمي يرفل بالعافية والولايات المتحدة تتمتع بموقع لا نظير له، لكن منذ اليوم الأول لتولي بوش الابن الرئاسة، حصل أشخاص غير مناسبين على المناصب العليا وتم تشويه عملية اتخاذ القرار أو تجاوزها· وقدّم الامتثال للأيديولوجية على المهنية وسمح للأكاذيب بالتنكر بلبوس الحقيقة· أما المكاسب التي تحققت فجاءت متأخرة· مخاوف ثمة مخاوف ثلاث في الأفق الأميركي تختصرها أولبرايت: ''الطموحات العسكرية الصينية، القادة الروس، والرئيس الأيراني المكروه''· وهناك أخطاء تعدد بعضها: ''تبرز الغلطة المأساوية في العراق بجلاء، لكن ثمة أخطاء أخرى بينها اهمال الحلفاء وفرط الاعتماد على القوة العسكرية، والسماح لأمثال ديك تشيني ودونالد رامسفيلد أن يكونوا وجه أميركا''· وبناء على ذلك فانها تخصص الفصل الثاني بأكمله للبحث في موقع أميركا في القرن الآسيوي والأزمات العالقة في الشرق الأوسط· بعض تلك الأزمات نتج عن سوء تقدير، تماما كما حصل مع بوش الابن الذي ازدرى القادة الفلسطينيين، ولم يكتف باحتواء صدام حسين، بل باشر ـ مقتنعا بأن القوة الاميركية تستطيع اقامة الديمقراطية على الفور ـ بتنفيذ خطة أحادية لتحويل الشرق الأوسط بأكمله· وبذلك العمل، أحال الهيكل الأمني غير المثالي الى حطام· ففي الشرق الأوسط، كرات البليار لا تصطدم الواحدة بالأخرى فحسب، بل عند ضربها بقوة كافية، تنفجر وتشعل الكرات الأخرى اذا التفّت بشكل خاطئ· ومن ثم تحلل غزو العراق الى حرب أهلية متعددة الأطراف، فاقمت التوتر بين المسلمين السنة والشيعة، وزادت نفوذ إيران، وأوصلت تركيا الى شفير نزاع مع الأكراد العراقيين، ومنحت القاعدة حياة جديدة· ي يون لي الحائزة على جائزة فرانك أوكونور للقصة ترسم صورة لصين ماو وما بعده الدعوات الصالحات غير كافية من أجل تحصيل السعادة غادة سليم ''ي يون لي'' كاتبة أمريكية من أصل صيني، تعد اليوم واحدة من أفضل روائيات جيل الشباب في الولايات المتحدة الأمريكية· فلقد استطاعت مجموعتها القصصية ''ألف عام من الدعوات الصالحات'' أن تحظى باهتمام النقاد وتحصد عددا من جوائز القصة القصيرة· لما تحمله من صوت حاد وأصيل يتحدث عن أثر التغيرات الثقافية التي شهدتها الصين المعاصرة على الشعب الصيني في الوطن والمهجر· واستطاعت موهبتها المتميزة أن تثبت في سنوات قليلة أن التاريخ والثقافة والأساطير يمكن أن تغير مقدرات البشر· بداية صينية ـ أميركية ولدت ''ي يون لي'' في بكين عام ،1972 وهو العام الذي صدر فيه كتاب ''البذور'' الموسوعة الصينية الشهيرة التي تضم شهادة عدد من أدباء الصين حول إنجازات ثورة ''ماو تسي تونج'' الأب الروحي للصين المعاصرة· واليوم وبعد ما يقرب من أربعة عقود نمت البذور وطرحت جيلا جديدا من الكتاب الصينيين ممن هاجروا إلى الغرب ليسجلوا شهاداتهم بمزيد من الصدق والحرية والنضج· من بينهم تلك الكاتبة الشابة ''ي يون لي'' التي سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة الطب وحصلت على الماجستير في علم المناعة· ودرست إلى جانب ذلك كتابة القصة في جامعة أيوا وبرعت في التعبير عن ذاتها بلغة غير لغتها الأم· ولم تكتف بذلك بل تفوقت على نفسها في نسج الشخصيات وإضافة المؤثرات الصوتية والحسية للأحداث ولفها بأجواء ساحرة من الخيال· فحازت مجموعتها القصصية ''ألف عام من الدعوات الصالحات'' على جائزة فرانك أوكونور الدولية للقصة القصيرة، وجائزة بليمبتون للكتاب الجدد ومنحت جائزة مؤسسة لانان للإبداع الأدبي وجائزة همينجواي وجائزة الجارديان للكتب وجائزة كاليفورنيا للرواية· واختارتها مؤخرا مجلة ''جرانتا'' الأدبية الصادرة عن جامعة كامبريدج كأفضل روائية أمريكية شابة· وفي غضون سنوات قليلة أثبتت ''ي يون لي'' أنها قاصة تتمتع بقدر كبير من الثقة بالنفس والقدرة على التعبير عن ذاتها بشفافية والمزج بين الواقع الحياتي والاجتماعي والسياسي لشخصياتها بيسر تام· ويتجلى ذلك في استعراضها لحال الصينيين من أجيال ما بعد ثورة ''ماو'' وقد طحنوا بين شقي رحى التقاليد القديمة والتغيرات الحديثة· فالجيل الذي نشأ يردد أناشيد الحب والولاء الأعمى للحزب الاشتراكي ويقول: ''الحزب أغلى عندي من أمي، فأمي وهبت لي جسدي، بينما الحزب وهب لي روحي'' اليوم تجد روحه محطمة في ظل انحسار الاشتراكية وطغيان الرأسمالية· ونجد في شخصيات روايتها نماذج قمة في التناقضات فهناك كهول يجلسون على مقاهي الانترنت لمراقبة حركة الأسهم في البورصة، وشباب تهاجر إلى الولايات المتحدة حيث الفوضى والطلاق والإجهاض والانحراف أمور شائعة لا تلفت النظر· نحو التغيير ولقد استجمعت ''ي يون لي'' كل مخزونها الثقافي في مجموعتها القصصية التي تضم عشر قصص، لتشهد على شعب الصين الذي يسارع الخطى نحو التغيير في الوقت الذي لا تزال تسكنه أشباح الماضي بما فيها من يأس وعجز وقسوة· ويبدو ذلك جليا في الشخصيات الرئيسية لقصصها مثل شخصية ''جراني لين'' الأرملة المسنة في قصة ''زيادة''· والتي كانت تعمل في مصنع للأقمشة قبل إنهاء خدماتها لاعتبارها زيادة عن حاجة العمل· ثم وجدت ضالتها في عمل جديد كمشرفة في مدرسة داخلية· وهناك تعرفت على ''كانج لي'' طفل في السادسة من عمره· وهو ابن غير مرغوب فيه لرجل ثري وسياسي متنفذ من زوجة غير محببة· فقاربت مشاعر الوحدة بينهما· ثم اكتشفت ''جراني'' شيئا آخر يقرب بينهما وهو أن كلاهما زيادة عن حاجة المجتمع وغير مرغوب فيه وعقبة في طريق الآخرين· وفي نهاية القصة تفقد ''جراني لين'' وظيفتها مجددا وتعود للبحث عن عمل· وكذلك شخصية السيد ''بانج'' في قصة ''الموت ليس نكتة سخيفة إذا ما ألقيت بشكل صحيح'' وهو الرجل الذي يحرص على أن يذهب كل يوم إلى مقر عمله رغم طرده من وظيفته منذ سنوات· وهو بفقده لوظيفته فقد الثقة في العالم من حوله ويقضي وقته في عد حبات الأرز في صحن عشائه· واعتادت زوجته أن تقول له أن كل شيء خاضع للتغيير فالنهر يمكن أن يجف والجبل يمكن أن يسوى بالأرض· ورغم ذلك يستيقظ الرجل كل صباح ليقف على باب عمله السابق· ونجد ملامح اليأس ذاتها في قصتها ''أميرة نبراسكا'' والمشهد الذي يجمع بين رجل وامرأة يعيش كلاهما في المنفى ويلتقيان في مطعم في مدينة شيكاغو ويتجاذبان حديث مؤثر يدور في ظاهره حول ممثل كان يحظى بإعجابهما في الصين وفي باطنه يفيض بذكريات الوطن· فوضى صينية ورغم حرص ''ي يون لي'' على إشراك القارئ الغربي في فوضى ما بعد الماركسية في الصين إلا أن لديها أكثر من ذلك لتقوله· فهي بالإضافة إلى التنوع المكاني الذي تقدمه بتنقلها بين بكين وشيكاغو ومنغوليا، قدمت نماذج متباينة للعلاقات الأسرية والتعقيدات السياسية والأزمات الاجتماعية· واستطاعت ''ي يون لي'' أن تتناول ظاهرة انهيار الزواج لدى المهاجرين الصينيين في الولايات المتحدة الأمريكية بسبب التحرر الزائد لجيل الشباب والتعاسة المفرطة لجيل الكبار الذين نشأوا على القهر والتبعية· وتتجسد التعاسة كلها في أبطال قصة ''بعد حياة''· وهما رجلان في خريف العمر يلتقيان كل يوم على مقهى الإنترنت طمعا في زيادة استثماراتهما في أسهم البورصة· وكل منهما يشرك الآخر في سره· فالسيد ''فونج'' يكتم علاقة غير شرعية من وراء زوجته بينما السيد ''سو'' يخفي أمر ابنته ''بيبي'' المختلة عقليا والتي قرر إخفاء أمرها عن أعين الناس لثمانية وعشرين عاما· ويتجسد اليأس عندما يعود ''سو'' ليلا إلى زوجته التي تحاول قتل ابنتها خنقا حتى تعيد الحياة إلى زواجها الذي انهار بعد مولدها· أما في قصة ''حب في السوق'' فنشهد نوعا آخر من العلاقات العاطفية عندما تقرر ''سانسان'' معلمة المدرسة أن تقبل عرضا بالزواج من شاب سبق وأن هجرها ليرتبط بصديقتها المقربة· وتحاول والدة ''سانسان'' أن تقنعها بالعدول عن رأيها لكن فكرة الحب الأول تسيطر عليها وتضعف قراراها وتنتهي القصة بمشهد دموي مفجع ومؤثر للشابة الموهومة المحطمة· أما القصة التي تحمل عنوان المجموعة ''ألف عام من الدعوات الصالحات'' فتحكي قصة أب يشعر بالأسى لطلاق ابنته ويتمنى أن يراها متزوجة من جديد· ويقول لها: أن البنات بين سن العشرين والثلاثين كالفاكهة التي قطفت من على الشجر، كل يوم يمر عليها تفقد نضارتها وجاذبيتها· إلا أن الفتاة لا تلقي بالا لنصائح والدها وتستعيد في مخيلتها ذكريات مريرة لحياته الفارغة وزواجه الفاشل· ويرى النقاد أنه من بين عشرات الكتاب الصينيين الذين هاجروا إلى الغرب تظل ''ي يون لي'' الأفضل والأكثر عمقا وصدقا· ولا شك أن ما جعلها قاصة متميزة هو أسلوبها الشيق في الكتابة والأشبه بالتقارير الإخبارية في قالب قصصي مثير، وحرفيتها في السرد ورؤيتها البعيدة للأحداث ووعيها التام لواقع الحياة الصينية· ففي قصتها ''بلا أخلاق'' والتي فازت بجائزة بليمبتون الفرنسية لعرض الكتب نجحت ''ي يون لي'' ببراعة في مزج الواقع بالخيال وهي تحكي قصة طفل ولد بملامح متطابقة مع ملامح الديكتاتور· في البداية كان الأمر نعمة ثم انقلب إلى نقمة· فلقد اتضح أن الدكتاتور اختار أن يعود إلى الحياة في جسد هذا الشاب ليمارس فظائعه· وفي القصة لم تذكر ''لي'' من هو الدكتاتور بل جاءت بصفات تنطبق على كل أصحاب السلطة الفردية المطلقة على مر التاريخ· وتدور أحداث قصتها في القرن العشرين في حقبة الآمال المزيفة والقهر والعنف والتي تركت شعبا سليبا لا يؤمن إلا بما أمر أن يؤمن به· أصدرتها هند نوفل منذ 120 عاماً في القاهرة الفتاة أول مجلة عربية للمرأة حلمي النمنم، منذ ربع قرن بدأت موجة إعادة طباعة بعض المجلات القديمة، كانت مجلة ''الرسالة'' هي الأولى في المشروع الذي وقفت وراءه الشاعرة الكويتية د· سعاد الصباح، ثم تدخلت فيه المؤسسات الرسمية المصرية، فأعادت دار الكتب طباعة ''روضة المدارس'' التي أسسها وأصدرها رفاعة الطهطاوي، وأصدرت هيئة الكتاب طبعة جديدة من ''الكاتب المصري'' التي كان يصدرها د· طه حسين ومجلة ''أبوللو'' وغيرها من المجلات، وفي سوريا أنجزت وزارة الثقافة مشروعا مشابها، وفي الجزائر أعيدت طباعة مجلة ''المنار'' وكانت مجلة إسلامية والمجلات التي طبعت ثقافية وأدبية، لكن د·هدى الصدة أستاذ الأدب الانجليزي بجامعة القاهرة، عكفت على اعداد مجلة ''الفتاة'' واصدرت طبعة جديدة منها، ضمن مطبوعات مؤسسة المرأة والذاكرة· ''الفتاة'' أول مجلة نسائية عربية أصدرتها هند نوفل وكانت كاتبة وأديبة وصحفية، أسست ''الفتاة'' في عام 1892 وصدر عددها الأول في 20 نوفمبر من نفس العام، وكانت شهرية، ثم توقفت بين أغسطس 1893 وحتى منتصف فبراير ،1894 بسبب انشغال صاحبتها ورئيسة التحرير في خطبتها، وتقرر أن تصدر ''الفتاة'' نصف شهرية، وكان معنى ذلك أنها حققت نجاحا ووجدت إقبالا، لكنها توقفت نهائيا بسبب زواج هند نوفل، كما صدر العدد الاخير في 18 مارس ،1894 ومجموع ما صدر منها 12 عددا فقط، وهي بذلك لم تعمر طويلا، ولكنها أرست فكرة اصدار مجلة نسائية باللغة العربية، وكانت تصدر من الإسكندرية، ويلفت النظر أنه حين عُرفت الصحافة العربية في مصر، كانت الصحف تصدر من الإسكندرية، حيث كانت العاصمة الصحفية والثقافية لمصر آنذاك وكانت مقر الجماعات الثقافية والادبية الحديثة، ومقرا للمطابع وللجاليات الأجنبية· وشهد عام 1892 حراكا صحفيا وسياسيا في مصر، فقد تولى الخديو عباس حلمي حكم مصر خلفا لوالده محمد توفيق وكان عباس شابا كارها للوجود الانجليزي، وبدأ يفسح للعناصر الوطنية في حكمه وتبنى الطالب مصطفى كامل، الذي اصبح زعيما، واعاد عبدالله النديم الى الحياة العامة فصدرت مجلة ''الأستاذ'' وصدرت مجلة ''الهلال'' وكذلك صدرت ''الفتاة''· افتتاحية يحمل العدد الأول من ''الفتاة'' عبارة أنها ''جريدة علمية تاريخية أدبية فكاهية''، وهكذا فإن هذا الشعار لا ينبئ عن حقيقتها، لكن افتتاحية العدد الأول تكشف الأمر، وقد كتبت هند نوفل تلك الافتتاحية، التي جاء فيها: ''الفتاة'' هي جريدة علمية تاريخية أدبية فكاهية مختصة في جنسها، مبتكرة تحت سماء الشرق بموضوعها لا غرض لها في الأمور السياسية، ولا نزع فيها الى المشاحنات الدينية، ولا غاية لها من البحث في مواضيع لا فائدة منها للنساء ولا مطمع لها في المناظرات، إلا ما كان في أدب الهيفاء ومحاسن الحسناء، وهي لم تنشأ إلا لتكون مرآة تجلو محاسن الحسناء وتظهر جمال الغيداء، وتزين صفحاتها بما يصل إليها من درر أقلام الفاضلات ونفائس أفكار الأديبات في المواضيع العلمية والفصول التاريخية والمناظرات الأدبية والشذرات الفكاهية، فإن مبدأها الوحيد الدفاع عن الحق المسلوب والالتفات الى الواجب المطلوب''· ولم يفت ''الفتاة'' أن توجه التحية الى اللواء الحميدي لواء سيدنا السلطان عبدالحميد خان الغازي أيد الله ملكه، وبظهورها في السنة الأولى من تولي سمو خديونا المعظم عباس حلمي الثاني الأريكة الخديوية، وهو فتى في زهرة الشباب وقد فاق الراشدين حلما والشيوخ حكمة وعقلا، وذلك برهان على مستقبل نجاحها إن شاء الله· كما لم يفت هند أن تذكر بالتقدير الوالدة باشا التي تتمتع بواسع الحلم وعظيم الفضل، ولذا فإنها ترفع إلى مقامها الشريف ''فتاة'' العصر في مصر مفتخرة بنشر مآثرها وتخليد فضائلها، بما لا يبقي ذكرا لسميراميس ولا خبرا لبلقيس· وتفخر هند نوفل بأن ''الفتاة'' تظهر في أرض مصر وهي الأرض التي كانت بها المرأة المصرية ''زمن الفراعنة'' بمدة 2000 سنة تجر أذيال اللطف والأدب وتتيه بأنواع المفاخر والكمال بما لم تصل إليه حتى الآن نساء الغرب· وبدأ العدد الثاني بالشكر للاستقبال الجيد الذي لقيته ''الفتاة''، ومما يزيد فتاتنا إقداما على استمرار مشروعها ودوار السير على تأييد مبدأها وموضوعها ما صادفته من مناصرة ألباء هذا القطر ومساعدة نبلاء هذا العصر بقبولهم عددها الاول واستحسانهم منهاجه الذي بإذن الله لا يتغير ولا يتحول فنسدي الجنسين خالص الشكر والثناء ونهدي للفريقين عاطر الحمد والإطراء ونسألهما غض الطرف عما يتخلل أجزاء ''الفتاة'' من الأغلاط والهفوات؛ لأن العصمة لله ولم يكن هؤلاء فقط من استقبلوا ''الفتاة'' بالتقدير، فهناك ايضا الزملاء اصحاب الجرائد العربية وأرباب الصحف الاجنبية الوطنية الذين قابلوا ''الفتاة'' بالتحيات وألبسوها من درر المقالات وجواهر الشذرات· وكتب للمجلة كاتبات العصر مثل زينب فواز التي كانت مكاتبة ''الفتاة'' بمصر، أي مراسلتها بالقاهرة، والواقع أن زينب لم تغب عن أي عدد من أعداد ''الفتاة''، وأعدت دراسة مهمة نشرت في حلقات عن عوائد الزواج والأفراح بمصر، ومن يود دراسة العادات الاجتماعية في تلك الفترة فلا غنى له عن مراجعة تلك الدراسة، وكانت مريم خالد تكاتب المجلة من بعلبك في لبنان، وكانت الكاتبة هنا كوراني وهي لبنانية ترسل مقالاتها الى ''الفتاة'' من بيروت، ومن العدد الأول نجد لها مقالا· كانت ''الفتاة'' تنشر المقالات عن المرأة وعن العادات الاجتماعية، وكانت مهتمة بصفة خاصة بنشر تراجم للسيدات المؤثرات في مجتمعاتهن، في الأدب والثقافة والسياسة، ولذا لم يكن غريبا أن نجد مقالا عن الشاعرة والناثرة عائشة عصمت تيمور في العدد الثاني من ''الفتاة'' وكانت عائشة أبرز شاعرات وكاتبات ذلك العصر وكانت تحمل لقب ''خنساء العصر'' بعد أن فقدت ابنتها توحيدة وحزنت بشدة عليها وظلت ترثيها، وأصابها المرض من الحزن عليها· توجه اجتماعي وكانت ''الفتاة'' تهتم بالأخبار وما يتعلق منها بالفساد أو الأخبار الاجتماعية كحفلات الزواج والميلاد وغيرها، فنجد في العدد الثاني خبرا مطولا عن زيارة الخديو عباس حلمي الى المدرسة السيوفية للبنات، التي تغير اسمها فيما بعد لتصبح المدرسة السنية للبنات، وما تزال هذه المدرسة موجودة الى اليوم، على الحدود بين حي السيدة زينب وحي الناصرية بالقاهرة، ونعرف أن الخديو سعد بمستوى التدريس بالمدرسة لكن نكتشف ان الطالبات اللائي ألقين الكلمات أمام الخديو تحدثن بالفرنسية وليس بالعربية· وحين صدر العدد الأخير من ''الفتاة'' لا نجد فيه كلمة واحدة تنبئ عن أن المجلة ستتوقف عن الصدور بل يختتمه الوعد للقراء بعدد جديد، ويضم العدد الأخير عدة مقالات، منها مقال عن الحالة النفسية والعصبية للمرأة الحامل، ومقال آخر من حلب الشهباء بعثت به الآنسة مردم الأنطاكي، وردا على مقال كان قد نشر في ''الهلال'' بعنوان هل للنساء أن يطلبن حقوق الرجال؟ مقال ''الفتاة'' انتقاد لمقال ''الهلال'' ودفاع عن حقوق الفتيات والنساء، ويتضمن ذلك العدد ايضا مجموعة من الاخبار المهمة مثل خبر تعيين قابلة بـ''استبالية'' قصر العيني ـ المستشفى ـ بمرتب شهري قدره تسعة جنيهات واسمها السيدة اديت، وكانت قابلة من الدرجة الثانية، بينما ''رفتت'' السيدة كاترين ستوكر القابلة من 11 مارس· وهناك خبر عن سفر الليدي كرومر حرم لورد كرومر الى لندن من ميناء بورسعيد، ومشهد وداعها، وخبر مطول عن استقبالات الوالدة باشا، وكانت تستقبل في المناسبات السيدات الوطنيات صباحا والأوروبيات عصرا· ولم تعمر مجلة ''الفتاة'' طويلا، لكنها اول مجلة عربية تتوجه الى المرأة اساسا وتحرر معظم صفحاتها الكاتبات وصاحبتها ورئيس تحريرها كاتبة، ولكن كان هناك عدد محدود من الكتاب من بينهم خليل افندي مطران ونشر مرة واحدة مقالا مترجما عن الفرنسية واصبح فيما بعد شاعر القطرين ورئيس تحرير صحيفة ''الأهرام''· معاهدة أنجلو تركية قسمت اليمن عام 1914 حروب الوحدة بين الاحتلال والانفصال مهيوب الكمالي، قد يبدو عنوان الكتاب الذي بين أيدينا غريبا لأول وهلة ومثيراً في نفس الوقت لكن سرعان ما يتبدد الخوف عندما يظهر لدى القارئ الغرض من الكتاب باعتباره دراسة في إطار القانون الدولي، رسالة قدمت في كلية الحقوق جامعة القاهرة للباحث اليمني عبدالرحمن محمد حمود الوجيه· يقع الكتاب في 604 صفحات ويتكون من عدة أبواب ومباحث وفصول ويستهل المؤلف الكتاب بمدخل يتحدث فيه عن أن القرن العشرين قد شهد اختفاء دول وظهور اخرى، فلم يكمل العقد الثاني نهايته حتى انحلت امبراطوريات كانت أهمها الدولة العثمانية، ولم ينتصف النصف الثاني من القرن إلا وقد استقلت العديد من المستعمرات الأوروبية، وما إن بدأ العقد الأخير حتى بدأ تفكك الاتحاد السوفياتي والاتحاد اليوغسلافي· يربط المؤلف تلك الأحداث بدخول الدول عصر التنظيم الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية، معتبرا ذلك بداية الفصل لميلاد مرحلة القانون الدولي التقليدي ومرحلة القانون الدولي المعاصر· ويعرج المؤلف على الحروب التي شهدتها بعض البلدان والاقاليم سعيا للانفصال عن الدولة الأم وينبه الى مخاطرها ويضرب بذلك أمثلة لعدد من مشكلات الانفصال على مستوى العالم مثل جنوب السودان وجنوب الفلبين وجمهورية الشيشان واقليم كويبك في كندا واقليم الباسك في اسبانيا واقليم جافا في سيريلانكا· ويعرف صاحب الدراسة في مؤلفه هذا ماهية الانفصال لغة، فهو مشتق من فصل بمعنى قطع او خرج ويعرف الانفصال اصطلاحا بـ ''الانسحاب من تحالف او اتحاد او منظمة دينية او سياسية''· ويخلص الكاتب الى تعريف الانفصال كمشكلة تبدأ بإعلان سكان جزء من الإقليم الاستقلال عن دولتهم الأصلية، معتبرا الانفصال بحد ذاته حقا مما يثير التساؤل عن مصدر هذا الحق أهو نص دولي أم سلوك عرقي ومن صاحب الحق فيه· ويتحدث المؤلف أيضا عن علاقة الانفصال بالانحلال والتنازل والتقسيم ويلصق ذلك بالقانون، ويسهب مؤلف الدراسة في شرح معاني هذه المفاهيم الى أن يعود إلى الحديث عن علاقة الانفصال بالثورة والحرب الأهلية، لكنه يؤكد ان بعض الفقهاء ينظر الى الانفصال على انه نوع متميز من الثورات التي لاتهدف إلى التغيير داخل الدولة· ويقول المؤلف: الواقع إن المساواة بين الثورة والانفصال أمر غير دقيق، في حين ذهب رأي فقهي الى وجوب التفرقة بين الحروب الاهلية وحروب الانفصال·· ويؤكد أن الانفصال هو أحد الأسباب الأساسية للحرب الأهلية· وبعد ان يتحدث المؤلف عن أنواع الاتحادات الدولية وهي الاتحاد الشخصي والكونفدرالي والفدرالي والوحدة الاندماجية، يعود الى استعراض آفاق التجربة اليمنية· وفي هذا الصدد يشير المؤلف الى أن التقسيم الفعلي لليمن بدأ عام 1839م عندما احتل الانجليز عدن وخلال الفترة 1840 ـ 1872 تمكنت قوات الشمال من دخول صنعاء والسيطرة على المناطق الشمالية وقد أقرت الدولتين البريطانية والعثمانية ذلك التقسيم بموجب المعاهدة الانجلو تركية في عام 1914م التي رسمت الحدود بين الولاية العثمانية والمحميات البريطانية· وبعد انسحاب العثمانيين عقب هزيمتهم في الحرب العالمية الأولى أصبحت ولاية اليمن دولة مستقلة، وقد تأكد استقلال اليمن وصودق عليه واعترف به دوليا في 24 يوليو 1922م في أثناء الدورة الثانية لمؤتمر الصلح الذي عقد بمدينة لوزان· ويمضي المؤلف فيقول: ورغم الجهود التي بذلتها الدولة اليمنية من أجل استعادة المناطق الجنوبية المحتلة إلا أنه ترتب بعد مفاوضات جرت في جنيف خلال الفترة من 21 الى 28 نوفمبر 1967م إعلان قيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية والتي تغير اسمها بموجب دستور 1971 الى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية· وأشار صاحب الدراسة الى ان هذا التحول جرى رغم ان لجنة تصفية الاستعمار التابعة للامم المتحدة رفعت في تقرير لها انها وجدت حركة قوية جدا في مصلحة اقامة وحدة بين جميع المقاطعات واليمن· عناوين ومضامين الحوار الإسلامي المسيحي في المجلة العربية صدرت ''المجلة العربية'' العدد 376 وهي مجلة شهرية تحت عنوان عريض جاء في غلافها وهو: الحوار الإسلامي المسيحي، وشمل الملف مقالات ودراسات وموضوعا حول الحروب الصليبية وكنيسة العظام، كما نقرأ موضوعا عن هموم المثقف العراقي وآخر عن جرش الأثرية، ودراسة عن الكتابة الأمازيغية بين الخط العربي واللاتيني وطقوس الكتابة لدى المبدعين ونقرأ في العدد دراسة نقدية حول بروست وزيارة لمتحف الشمع الذي يعرض تماثيل لمجموعة من المشاهير في العالم، وأخذ موضوع الروايات السعودية جانبا آخر، حيث قدمت أسماء الزهراني مقالة حول الكتابة بأسماء مستعارة والرواية السعودية وتحولاتها، وقدم ماجد الثبيتي موضوعا عن نصوص الفضاء السايبروني وكتب فؤاد نصر الله مقالة حول المثقف والأيدلوجيا· واشتمل العدد على الابواب الثابتة في القراءات النقدية والعلمية والزوايا الثابتة لكتاب ''المجلة العربية'' ومنهم ابن عقيل الظاهري وسعد البواردي، كما اشتمل العدد على نصوص ابداعية في القصة والشعر، وقدم للعدد رئيس التحرير الدكتور عثمان الصيني بمقالة عن اللغة العربية واتساع أفقها والنظرة الطوباوية· المجلة جاءت في 128 صفحة محملة بالصور التراثية التي تعودنا عليها في كل عدد·· قصة حربين بين موسكو ومصر عن دار الحضارة في القاهرة صدرت رواية لأحمد هاني بعنوان ''قصة حربين''· من أجواء الرواية هذه السطور: فى المعهد العسكري التعليمي في موسكو اتصلت جالينا سكرتيرة القائد التي تجيد الإنجليزية بإبراهيم وأخبرته بأن قائد المعهد يطلب مقابلته وكان إبراهيم أقدم رتبة عسكرية بين الدارسين المصريين، وأبلغ الجنرال الروسي إبراهيم باللغة الإنجليزية خبر وفاة الرئيس جمال عبدالناصر وأنه متأثر جدا، وأخبره بأنه أمر أن يكون اليوم التالي إجازة للدراسين المصريين حيث إنه يعرف تأثرهم الشديد· صعد إبراهيم وتقابل مع أقرانه وقال لهم بعدما أخبرهم بالخبر والدموع فى عينيه: ـ '' بكره الجنرال طلب من جالينا تعزمنا على الغدا·· طبعا كلنا عارفين إن جالينا بتجادل دايما إنها تتكلم معانا ومفهوم إن إحنا دولة اشتراكية لكن عمرنا ما هنكون شيوعيين وأنا بشك إن جالينا بتعرف عربي، لذلك مش عاوز كلام إلا في أضيق الحدود وبعد الضهر نروح على السفارة المصرية ونحاول نشوف الأهرام والأخبار والوضع عامل إيه''· نصوص شعرية بالأبيض والأحمر تحت عنوان ''الأحمر والأبيض'' صدر ديوان شعري هو الأول لرحمن النجار، وهو عبارة عن نصوص جمعت ما بين 1984 ـ ،2008 وتوزعت في إقامات بين دمشق وكوبنهاجن· يتألف الكتاب من سبعة أبواب، ومن أجوائه هذا النص: ''اكتشفت ان رصاصة الرحمة لعصر يختلج يفترض ان تكون دائرية، توازي دائرية الأسبوع· كذلك اكتشفت ان الطباشير التي كنا ومازلنا نستخدمها لتعلم الحرف والكتابة، إنما مجرد كالسيوم، والمرأة الحامل تكثر من الكالسيوم، هذا يخلق نوعا من التوازي بين الولادة والاستعداد للتعلم· فيما مضى توقعت أن الطباشير تأتي من جبل الطباشير··· وهكذا سقطت الصورة الشعرية للطباشير أمام علمية التفسير· كنت فيما مضى أتوقع أن السماء خطأ مكتوب بالطباشير على سبورة الحكمة''· الديوان صدر عن دار الحضارة في القاهرة· له حضور عند اليونانيين والصينيين والهنود الهندوس الجاحظ أول من تحدث في التصوف يقدم كتاب ''فلسفة التصوف'' لعبد القادر ممدوح الصادر حديثا تعريفا للمتصوفة بأنهم فلاسفة الروح المتفانية في حب الله، باعتباره الأول والآخر والظاهر والباطن ويرى المؤلف أن المتصوفة ينطلقون في مبدئهم هذا من المحبة وإنكار الذات ولا خضوع إلا لله· ويرى الكاتب أن الصوفيين اكتشفوا طريقاً إلى معرفة الأسرار، وقد تقدم في هذا المجال الصوفي الحسين بن منصور الحلاج الذي كان ينادي بالحكومة المثالية التي قسمت الشريعة على أنظمة متعالية تقوم على أساسيات المحبة والعبادة الخالصة لله، ويذكر الكاتب انه كان جسورا لا يهاب الموت من اجل قضيته ولذلك اعتقل عدة مرات ووضع تحت الإقامة الجبرية وقتل بصورة بشعة جدا وحتى بعد مقتله اخذ المنادي ينادي في الأسواق ألا تشترى كتبه ولا تباع· ويعرج الكاتب بعد تلك الإضاءات على نشأة التصوف في الإسلام وأول من أشار إلى مفردة التصوف هو الجاحظ في كتابه ''البيان والتبيين''، ويذكر ابن خلدون ان التصوف هو احد العلوم الشرعية في الأمة، والتصوف في حقيقته موجود عند معظم الديانات الوضعية والسماوية فهو موجود عند اليونانيين والصينيين والهنود الهندوس وغيرهم من الأقوام الأخرى حتى أن زرادشت في إحدى خطبه يقول: ''أحب من تفيض نفسه حتى يسهو عن ذاته، إذ تحتله الأشياء فيضحك فيها ويغني بها''· ثم ينتقل المؤلف إلى قواعد التصوف في الفكر الإسلامي ويورد الكاتب أكثر من (215) قاعدة للتصوف منها: ''الاختلاف في الحقيقة الواحدة وان كثر دل على بعد إدراك جملتها'' و''ماهية الشيء حقيقته، وحقيقته ما دلت عليه جملته'' و''فائدة الشيء ما مقصده له وجوده وفائدته، كالتصوف علم قصد لإصلاح القلوب'' و''علامة الحياة الإحساس بالحياة '' وغيرها بعدها يعرض الكاتب الفلسفة والتصوف وكيفية دخول الفلسفة على أيدي فلاسفة عرب على منهج التصوف وكيف اثر هذا الدخول على الملامح العامة للتصوف فيقول الكاتب ''شرع أبو حامد الغزالي يواكب قوة التفكير المنظم ويدرس من جديد الطرق الأربع التي توصله إلى الحقيقة وخرج منها أخيراً إلى الحقيقة وهذه الطرق الأربع هي: طرق علم الكلام، وطرق التعليميين الذين يعتقدون بوجود معلم معصوم من الزلل، وطرق فلاسفة الارسطيين، وطرق الصوفيين الذين يرون أن الله ممكن إدراكه صوفيا بالوصول إلى حالة (الوجد)· بعد ذلك ينتقل الكاتب إلى فلسفة التصوف عند المدارس ويتحدث في هذا الفصل عن العقبات التي يقطعها الإنسان للوصول إلى أول مدارج الروح التي توصل المريد إلى العرفان، وفي هذا الصدد يعتقد الكاتب أن التصوف لا يدخل في طاقة العامة من الناس، ولا يطالب به كل فرد بل هو لون من المجاهدة الروحية يطيقه أهله·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©