الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الرواية الجديدة

الرواية الجديدة
18 يونيو 2008 23:36
مَنْ مِن الروائيّين والنّقّادِ وعامّةِ المثقّفين، في العالم كلّه، لا يعرف ألان روب كريي أبا الرواية الجديدة في فرنسا؟ لقد اشتهر هذا الروائيّ بجنوحه الشديدِ إلى الضبابيّة المفرطة لدى كتابة ما أمسى معروفاً في مصطلحات النقد العالميّ المعاصر: ''الرواية الجديدة'' التي فقدت في شخص كريي الذي وافتْه المنيّة عن عمر بلغ 84 عاماً، أكبر المؤسّسين لهذا النّوع من الرواية التي أمسى لها أشياع في كلّ أنحاء العالم، ومن ذلك العالم العربيّ نفسُه الذي نجد روائيّين كُثْراً هجروا تقنيات الكتابة الروائيّة الكلاسيكيّة وأقبلوا يكتبون هذا الشكل الجديد من الأدب الروائيّ· وإذا كانت دار ''منتصف الليل'' بباريس هي التي غامرتْ بتشجيع الكتابات الروائيّة الجديدة فنشرت مجموعة من هذه الأشكال السرديّة الجديدة، التي لم يتلقّها القرّاء بالرضا والإعجاب، بل تلقَّوْها بالسخط عليها، فكان المطبوع من الرواية الجديدة عدداً قليلاً من النسخ بالقياس إلى ما كان يطبع من الأعمال الروائيّة التي أصبحت تعرف تحت مصطلح ''الرواية التقليديّة'': فإنّ رواية ''التحوير'' لميشال بيطور كانت تحوّلاً مذهِلاً في تاريخ الرواية الجديدة، حيث حُوّلت إلى فيلم يشاهده الناس· ولعلّ الذي شفع لرواية بيطور أن تلقى أعظم القَبول لدى القرّاء أنّ ''أحداثها'' المضبَّبة، على كلّ حال، تجري في قطار ينطلق من باريس إلى روما··· فكأنّ الحيز القريب من أذهان النّاس هو الذي كان سبباً في تقريب هذا العمل الروائيّ الجديد من القرّاء والمشاهدين··· وأيّاً ما يكن الشأن، فإنّ ألان روب كريي ظلّ هو المحور المركزيّ الذي تضطرب من حوله كلّ الأعمال الروائيّة الجديدة في العالم، إذْ لم يقتصر على الكتابة الإبداعيّة فحسْب، بل ألّف كتاباً نقديّاً ينظّر فيه للرواية الجديدة بعنوان: ''من أجل رواية جديدة'' (ظهر 1967) حيث يعدّ هذا الكتاب، فيما يبدو، أوّل عمل نقديّ ينظّر للرواية الجديدة· وصدر أيضاً عن دار ''منتصف الليل''· ويبدو أنّ كريي كتب هذا الكتاب دفاعاً عن الطريقة التي آثر أن يكتب بها الرواية، وبعدَ أن كان ظهر له أعمالٌ روائيّة جديدة أهمّها: الأصماغ، والمتلصّص، والغيرة، وفي الْمَتاهة، والْماخُور، وغيرها··· كما سعى، مع مجموعة من كتّاب الرواية الجديدة في فرنسا ونقّادها، والمشايعين لانتشارها، مثل جان ريكاردو، وناتالي صاروط، وميشال بيطور، وكلود سيمون، إلى عقد ندوة كبيرة بعنوان: ''الرواية الجديدة: أمس، واليوم''، وذلك بالمركز الدوليّ DE CERISY-LA-SALLE بباريس (عام 1971)، حيث قدّم المشاركون فيها أفضل ما لديهم من أفكار وآراء ونظريّات عن مسار الرواية الجديدة· وقد نشرت أعمال هذه الندوة في جزأين اثنين لا يزالان أساساً متيناً لنظريّة الرواية الجديدة· وإذا كان حجم هذا العمود لا يتّسع لتفاصيل أكثر، فحسْبنا هنا أن نُشيد بالعطاء الروائيّ العظيم الذي خلفه الفقيد ليستمتع به القرّاء في العالم كلّه· وأحسب أنّ كثيرين سيبكون لفقدانهم كريي كما كانوا بكَوْا، سنة ،1980 لفقدان رولان بارط·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©