الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النازحون في تعز.. من نار الحرب إلى رمضاء المعاناة

النازحون في تعز.. من نار الحرب إلى رمضاء المعاناة
5 مايو 2017 23:40
أمة الرحمن الإغواني (تعز) تواصل ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية، قصف الأحياء السكنية في تعز جنوب اليمن بالمدفعية الثقيلة وصواريخ الكاتيوشا، ما أدى إلى تضرر آلاف المنازل والمباني السكنية، ولا يقتصر القصف على المناطق المحررة في وسط المدينة فقط، بل وفي عدد من المناطق الريفية التي تمكنت الميليشيا من التمدد فيها. وهو ما اضطر مئات الآلاف من المواطنين إلى ترك منازلهم في مناطق المواجهات واللجوء إلى مناطق أخرى، هربا من القصف. تقارير حقوقية تشير إلى أنّ أكثر من ألف منزل ومبان سكنية دمّرت بشكل كلي في مدينة تعز نتيجة القصف المدفعي والصاروخي الذي تشنه الميليشيا الانقلابية. الأمر الذي سيؤدي إلى إطالة مدّة النزوح إلى أجل غير مسمى، كون آلاف النازحين فقدوا أماكن سكنهم في المناطق المحررة. ففي شرق مدينة تعز تعرض حي ثعبات لدمار شبه كامل نتيجة المواجهات العسكرية التي دارت بين قوات الجيش الوطني والميليشيا الانقلابية ولا يختلف الحال في حي الجحملية، وحسنات، والكمب، والدعوة، وأحياء أخرى. ومع بدء العدّ التنازلي لعودة النازحين إلى مناطقهم مع سيطرة قوات الجيش الوطني على معظم الأحياء السكنية التي كانت في قبضة الميليشيا الانقلابية لن يتمكّن الكثير من النازحين من العودة لمساكنهم، خصوصاً وأن أزمة الحصول على مساكن سوف تتضاعف بصورة مخيفة في المناطق المحررة، بسبب الدمار الهائل الذي لحق بالأحياء السكنية. أرقام مخيفة يتحدث تقرير دولي صادر عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة عن أن عدد النازحين في اليمن تجاوز 3 ملايين شخص و154 ألفاً و572 نازحاً. وقال بيان المفوضية «إن الأزمة الراهنة تجبر المزيد والمزيد من الناس على ترك منازلهم بحثاً عن الأمان، حيث إن أكثر من ثلاثة ملايين شخص يعيشون حالياً حياة عابرة غير مستقرة تحفها المخاطر ويكافح هؤلاء من أجل تلبية الاحتياجات الأساسية». فيما شدد ممثل منظمة الهجرة الدولية في اليمن لوران ديبوك على ضرورة اعتبار «النازحين العائدين ضمن دورة النزوح المستمر لطالما لم يتمكنوا من استعادة الاستقرار المستدام ولطالما استمروا في احتياجاتهم الشديدة وهذا الحال ينطبق أيضاً فيما يتعلق بمصالح المجتمع المضيف من غير النازحين».. ولفت البيان إلى أن الأرقام التي صدرت مؤخراً عن مفوضية اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة تبين أن النزوح في أنحاء اليمن في ازدياد وتظهر الأرقام في التقرير الأخير والصادر عن الفريق المعني بحركة السكان كونه فريقا تقنيا مختصا في مفوضية اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية، حيث يعد الفريق هذا التقرير كجزء من الاستجابة الإنسانية للأزمة في اليمن. تزايد النازحين وتستمر أعداد النازحين في الارتفاع في محافظة تعز التي تستقبل حالياً أكبر عدد من الأشخاص النازحين داخلياً في البلاد. ويبلغ عدد هؤلاء حوالي 400.000 نازح، أي 16% من المجموع الحالي للنازحين داخلياً، البالغ عددهم 2.5 مليون شخص. تحذيرات ومناشدات من جهه أخرى، حذر ائتلاف الإغاثة في محافظة تعز من الوضع الإنساني الذي يزداد سوءاً يوماً بعد آخر في ظل صمت منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية. يقول المدير التنفيذي للائتلاف أمين الحيدري لـ «الاتحاد» إن إرسال المساعدات الإغاثية والإنسانية للمتضررين والنازحين توقفت منذ أغسطس 2016 وحتى مارس 2017. في الوقت الذي تتسع رقعة الحرب ومناطق النزوح والتهجير في قرى ريف تعز. ويتابع: وصل عدد الأسر التي تعرضت للتهجير القسري من مديريات المحافظة إلى 178.556 أسرة، غالبية تلك الأسر لم تحصل على مساعدات إيوائية أو غذائية، ولا زالت مشردة في مخيمات مصنوعة بطريقة بدائية، وآخرها عمليات تهجير ونزوح أهالي بلدات الوازعية، والكدحة، وتبيشعه جنوب غرب تعز. مردفاً بقوله: مما يزيد من فداحة مأساة النازحين والمهجرين تعرض منازلهم للتضرر والتدمير جراء التفجير أو القصف العشوائي والمباشر، حيث بلغ عددها 4204 منازل ومنشأة عامة منذ بدء الحرب وحتى مطلع شهر مارس. مناشداً منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية المانحة بسرعة إرسال مساعداتها الإغاثية والإنسانية للمتضررين في تعز، بعد أن توقفت منذ الكسر الجزئي للحصار عن المدينة من منفذها الغربي في منتصف شهر أغسطس من العام الماضي 2016. وينوه الحيدري إلى أن نحو 98 ألف أسرة من النازحين إلى مواد إيوائية متنوعة، وخزانات مياه متنقلة في أماكن النزوح المختلفة التي يتواجدون فيها، وكذا تجهيز دورات مياه مؤقتة في أماكن النزوح، كما تحتاج 29.950 أسر نازحة إلى برامج «دعم مشروعات صغيرة» سبل عيش، لتمكينها من الاكتفاء الذاتي. تشرد وحرمان تعز «المدينة» فقط، والتي يقطنها مواطنون ينحدرون من مناطق ومحافظات يمنية مختلفة يتجاوزن المليون نسمة، أصبحت الكثير من أحيائها خاوية على عروشها، بعد أن تحولت المنازل فيها إلى أطلال، حيث إن الآلاف من الأسر نزحت إلى الريف وتركزت معظمها في المدن الثانوية «التربة، والنشمة، والراهدة، وخدير، وهجدة»، وبعضها لجأت إلى المحافظات المجاورة «إب - الحديدة». وتشير تقارير مجتمعية قامت بها منظمات محلية في تعز إلى أن قرابة مائة ألف نسمة نازحين منهم توزعوا في 121 مركز إيواء، فيما بقية النازحين استقروا في منازل تابعة لهم أو لأقاربهم أو أصدقائهم والآخرون في المدارس، وجميعهم يعانون الأمرين «التشرد والجوع» في ظل انقطاع كامل للخدمات الأساسية كالماء والغذاء والكهرباء وارتفاع الأسعار الجنوني للمواد التموينية، وانعدام شبه كامل لمقومات الحياة الضرورية الأخرى. بشرى الصبري تحكي لـ «الاتحاد» عن معاناه نزوحها مع أسرتها بعد أن دمرت الميليشيات منزلها الكائن في منطقه جبل جرة شمال المدينة، تقول بشرى: كنت أعيش مع زوجي وأطفالي الاثنين في بيت صغير وكان زوجي يعمل في مطعم وكنا نعيش مستورين الحال، لكننا اليوم أصبحنا مشردين بلا مأوى. وتضيف: الحوثيون قصفوا منزلنا ومنازل أخرى قريبة منها ولا يزال القصف يستهدف المنطقة إلى اليوم لذلك لم نتمكن من العودة ونعيش حاليا في مدرسة منذ ثمانية أشهر. وتواصل حديثها وهي تجهش بالبكاء: تم إبلاغنا أنا وبقيه النازحين بضرورة إخلاء المدرسة لأنه سيتم فتحها أمام الطلاب والآن نحن نتنقل من مكان إلى آخر. مشاكل أسرية هُناك أسر كثيرة لم تتمكن من النزوح من مناطق المواجهات في مدينة تعز لظروف عدة منها مادية أي أنه ليس بمقدورها مواجهة تكاليف السفر أو النزوح إلى القرى، والأخرى لعدم توفر منازل لها في القرى مما اضطرها للبقاء في المدينة، كما أن العديد من الأسر كانت قد نزحت في بداية الأحداث ونظراً لطول فترة الاشتباكات، اضطرت للعودة إلى منازلها بعد أن ضاق بها الحال في غياهب التشرد والضياع في القرى مع شظف العيش وانعدام الخدمات، علاوة على نشوب مشاكل أسرية في الأرياف إثر الازدحام الأسري الكبير جراء النزوح المستمر. وتزداد المعاناة في أوساط النازحين، وخصوصاً الأسر، التي لديها أطفال صغار، مع استمرار المليشيات الانقلابية في محاصرة المدينة، ومنع وصول المساعدات الإنسانية إليهم، في سياق العقاب الجماعي الذي تفرضه المليشيات الانقلابية على أبناء تعز، لموقفهم المساند للشرعية، ورغبتهم التواقة للدولة المدنية الحديثة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©