الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الولايات المتحدة··· ومعركة جيش لبنان العادلة

الولايات المتحدة··· ومعركة جيش لبنان العادلة
19 يونيو 2008 01:38
في أعقاب الحرب الأهلية التي أُمْكِنَ تجنبها بمعجزة في لبنان الشهر الماضي، تتوافر للولايات المتحدة حاليا فرصة فريدة للمساعدة على بناء شيء يقول أطراف الصراع جميعا إنهم يريدونه بشدة وهو: جيش لبناني قوي، وعلى الرغم من أن إدارة الرئيس ''جورج بوش'' قدمت مساعدات تكتيكية بقيمة 300 مليون دولار للبنان، منذ انسحاب القوات السورية منه عام ،2005 إلا أنها ترفض حتى الآن، إمداد جيشه بتلك النوعية من الأسلحة الاستراتيجية التي تشمل الصواريخ الموجهة، والدبابات، والمدفعية الحديثة ومعدات جمع المعلومات، والتي يحتاجها بصورة ماسة للقيام بتنفيذ كافة المهام المطلوبة منه· ولم يتوافر حتى الآن ما يدل على أنها - الولايات المتحدة- تنوي ذلك بدليل أن وزيرة الخارجية ''كوندوليزا رايس'' لم تأتِ على ذكر الموضوع إطلاقا في زيارتها الأخيرة إلى بيروت الأسبوع الماضي· ويرجع السبب في ذلك، كما يقول المسؤولون الأميركيون واللبنانيون في جلساتهم الخاصة، إلى الحظر الطويل الأمد المفروض على تزويد القوات المسلحة اللبنانية بالمعدات المتقدمة، التي يمكن استخدامها ضد إسرائيل في نهاية المطاف، وهذا ''الخط الأحمر'' الذي فرضته الولايات المتحدة على توريد تلك النوعية من الأسلحة للبنان، لا يزال باقيا حتى الآن، على الرغم من امتلاك ''حزب الله'' لأسلحة أكثر خطورة من ذلك بكثير، وعلى الرغم أيضا من التزام واشنطن ببناء سلطة الدولة اللبنانية، وهو ما يقوم في حد ذاته دليلا على قصر نظر، وتناقض، المقاربة الأميركية لهذا البلد حتى الآن· وما حدث في الواقع هو أن الجيش اللبناني، وجد نفسه بدون تلك النوعية من الأسلحة والمعدات، التي كان يمكن أن تُمكّنه بشكل أكثر قوة من لعب دور الوسيط في إيقاف معارك الشوارع التي اندلعت بين حزب الله، ومنافسيه من باقي القوى اللبنانية في بيروت والجبل الشهر الماضي، ونقص الأسلحة والمعدات اللازمة، هو على وجه التحديد السبب الذي لم يُمكّن الجيش اللبناني الصيف الماضي، من حسم صراعه بسرعة مع المسلحين التابعين لمنظمة ''فتح الإسلام'' المتطرفة الذين كانوا يتحصنون في مخيم ''نهر البارد'' للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان، وهو ما أدى إلى إطالة أمد الصراع، وعندما قدمت دولة عربية خليجية، عددا من طائرات ''جازيل'' المروحية المتقدمة للجيش اللبناني، لمساعدته على حسم المعارك لصالحه، أصرت الولايات المتحدة على إزالة كافة الصواريخ المركبة على هذه المروحيات، قبل الموافقة على نقلها للبنان· وكنتيجة لذلك، وجد الجنود اللبنانيون أنفسهم مضطرين إلى إلقاء القنابل بأيديهم من تلك الطائرات على المقاتلين المتحصنين في المباني، ما أدى إلى تدمير الجزء الأكبر من المخيم، وهو ما كان يمكن تلافيه، لو كان هؤلاء الجنود قد استخدموا الصواريخ الموجهة في ضرب الأهداف المحددة حيث كان يمكن عندئذ إصابة تلك الأهداف، بقدر أكبر بكثير من الدقة وتلافي جزءً كبيرا من الدمار الذي حدث· الأسوأ من ذلك، هو أنه عندما تقدمت روسيا في تلك المرحلة، بعرض لتزويد الجيش اللبناني بكل ما يحتاجه من أسلحة ومعدات ودون مقابل، فإن الولايات المتحدة ضغطت على الحكومة اللبنانية لمنعها من قبول ذلك العرض، لحسن الحظ، أصبحت الولايات المتحدة في الوقت الراهن في وضع يسمح لها بتصحيح بعض من أخطاء الماضي، والمساعدة على رسم خريطة طريق لتطبيع ''حزب الله'' في نهاية المطاف· والشيء الواضح، أن العنف الذي مارسه ''حزب الله'' في بيروت والجبل الشهر الماضي، قد أدى إلى تقليص الدعم الذي كان يحظى به في أوساط اللبنانيين، ولولا نزول تلك القوات المسلحة اللبنانية إلى الشوارع، لكان حزب الله قد مضى قدما واحتل لبنان كله، وهو شيء كان من الواضح أن الحزب لم يكن يريده، فنزول الجيش اللبناني للشوارع، هو الذي أتاح الفرصة لـ''حزب الله'' وخصومه أيضا لسحب قواتهم بسرعة، وتمهيد الطريق للمحادثات التي تمت بين الطرفين، والتي أدت في النهاية إلى تنصيب الرئيس الجديد العماد ''ميشال سليمان'' ويفترض أن تؤدي قريبا إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية· فانخفاض شعبية حزب الله، واعتماده على الجيش، هو الذي وضع الأساس النموذجي، للمهمة الأكثر أهمية التي تواجه الحكومة الجديدة، وهي رسم خطة دفاعية موثوق بها، يشار في هذا السياق إلى أن مسؤولي ''حزب الله'' قد دأبوا دوما على القول بأنه في حالة تزويد الجيش اللبناني بالأسلحة والمعدات، التي تمكنه من مواجهة التهديدات التي تنبع أساسا من إسرائيل، فإنه يمكن بعد ذلك معالجة وحل موضوع سلاح الحزب· إن تشجيع هذا الاتجاه، يجب أن يكون على رأس الأجندة الأميركية في لبنان، خصوصا وأن هناك نزاعين أساسيين بين حزب الله وإسرائيل (وضع مزارع شبعا وتبادل أسرى الحرب) يبدوان وكأنهما قد أصبحا على وشك الحل، وهو ما سيؤدي بدوره إلى المزيد من الإضعاف، للحجة التي يعتمد عليها حزب الله في حمل السلاح· سيتطلب هذا بالضرورة، نشر قوات لبنانية في تشكيلات دفاعية على الحدود مع إسرائيل، ولكن الولايات المتحدة ستفعل ما هو أفضل من ذلك بكثير، سواء للبنان أو لمصالحها في هذا البلد والمنطقة، إذا ما سمحت للقوات المسلحة اللبنانية بالتزود بما تريده من أسلحة ومعدات، لتنفيذ المهام المنوطة بها، بدلا من ترك الساحة أمام ''حزب الله'' بمفرده· نيكولاس نو- بيروت ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''نيويورك تايمز''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©