عمار يوسف (الرياض)
لم يعد الارتباط الاقتصادي القطري الإيراني مقتصراً على صناعتي النفط والغاز، حيث يأتي جزء كبير من غاز قطر من حقل غاز الشمال المرتبط بإيران، والذي تصفه تقارير الوكالة الدولية للطاقة بأكبر حقل غاز في العالم، بل امتد إلى تغلغل إيران في كل مفاصل الاقتصاد القطري الذي أصبح يمثل طوق نجاة للنظام الإيراني الذي يواجه مشكلات ضخمة بسبب تفاقم الأزمات الاقتصادية وانتشار البطالة.
ويؤكد المراقبون أن قطر تحاول إنقاذ النظام الإيراني من الغرق، من خلال توظيف آلاف الإيرانيين في المؤسسات القطرية الخدمية والصحية، منها ما أعلنت شركة قطر للخدمات الطبية الخاصة عن استعدادها لتوظيف ممرضات من الجنسية الإيرانية في المراكز الصحية والمستشفيات التابعة لها، وذلك تنفيذاً لمذكرة التعاون المشترك بين البلدين.
وفي هذا الإطار، قال عبد العزيز بن سعيد أستاذ العلاقات الدولية وشؤون الخليج العربي بجامعة المجمعة، إن طهران نجحت في السيطرة على جميع مفاصل الاقتصاد القطري والاستحواذ على مقدراته والتحكم في جميع قطاعاته، وتغلغلت فيها سواء قطاعات الاتصالات والنقل والصناعات الغذائية، مستغلة استمرار مقاطعة الدول الداعية لمكافحة الإرهاب للدوحة، فيما يعمل بنك صادرات إيران من خلال فرعه في الدوحة لتسهيل وتسريع أعمال المصدرين الإيرانيين في قطر.
وأضاف أن استقدام ممرضات إيرانيات إلى قطر لا يعدو أن يكون نوعاً من الدعم الاقتصادي القطري ومساعدة نظام الملالي في خفض نسب البطالة التي تفشت وأصبحت تهدد النظام رغم أن إيران ليست معروفة بأنها من الدول المصدرة للعمالة الفنية في مجال التمريض كالفلبين أو الهند.
وأوضح بن سعيد أن التوجه القطري لاستقدام الممرضات الإيرانيات والعمالة الإيرانية عموماً يحقق طموحات نظام إيران لتثبيت وجودها وتغلغلها في المجتمع القطري، يساعدها على ذلك ما يقوم به نظام الحمدين من «عملية» تفريغ سكاني لسكان قطر الأصليين من خلال سحب الوثائق القطرية، وتهجير بعضهم وبالتحديد قبيلتي آل مرة والهواجر، وإلغاء الإجراءات التي تحد من الهجرة إلى الدولة، مستهدفة استقطاب الشيعة اللبنانيين وجماعات «الإخوان» وغيرهم من الإرهابيين وذوي الفكر المتشدد المناوئ لبقية الدول الخليجية.
ومن جهته، رأى الباحث في العلاقات الدولية سامي بن سالم الزهراني أن طهران تسعى لاستغلال الدوحة كمطية لاختراق المنطقة العربية، وتنفيذ مخططاتها لبسط النفوذ الفارسي في المنطقة العربية، وهي أطماع باتت مكشوفة لكل العرب من خلال تمويلها وتسليحها لـ«حزب الله» في لبنان وللحوثيين في اليمن وشيعة البحرين، مشيراً إلى أن النظام القطري يساعد المخططات الإيرانية، بل ويدعم النظام الإيراني اقتصادياً من خلال توفير فرص التوظيف في البلدين للعمالة الإيرانية وفتح السوق القطرية للمنتجات الإيرانية، فضلاً عن توسع التبادل التجاري مع طهران.
وقال إن قطر تعمل على إنقاذ إيران اقتصادياً وفتح أسواقها للعمالة الإيرانية انطلاقاً على ما يبدو من قناعة بأن انشغال نظام الملالي في طهران بمشكلاتهم ومواجهة الأزمات الاقتصادية سيساعد في هزيمة طهران في كل من اليمن وسوريا وهو ما لا تريده الدوحة، التي باتت حريصة على قوة النظام الإيراني الذي تستقوي هي به، ومن هنا يأتي الدعم القطري للنظام الإيراني الذي سبق أن وصفته بـ«الشريف».
عدد اليوم
