الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

اللبنانيون ينسون السياسة يومي السبت والأربعاء

اللبنانيون ينسون السياسة يومي السبت والأربعاء
15 أغسطس 2009 02:12
يحمل صغار المنتجين مزروعاتهم الطبيعية ومأكولاتهم البلدية كل سبت من مناطق لبنانية مختلفة إلى «سوق الطيب» في وسط بيروت التجاري حيث يتوحد اللبنانيون المنقسمون طائفيا وسياسيا حول شغفهم بالطعام الصحي واللذيذ. وفي موقف السيارات بوسط العاصمة الذي يتحول السبت إلى «سوق الطيب»، يعرض أبو حسين منصور من قرية درزية في البقاع الغربي (شرق) منتجاته. وإلى المكان نفسه أتت منى الدر من قرية شيعية قرب الحدود مع إسرائيل، فيما قدم سركيس ولينا جريس من بلدة مسيحية في شمال البلاد. وينضم هؤلاء إلى آخرين في التنافس على كل ما له علاقة بالطعام بدل السياسة. ويقام سوق الطيب أيضاً الأربعاء في مركز تجاري ضخم في شرق بيروت. ويلتقي المزارعون ومنتجو المأكولات الصحية مرتين أسبوعيا ليعرضوا مواد غذائية طازجة.. خضار وفواكه طبيعية، وعسل وزيت زيتون ومربيات بيتية. مأكولات تقليدية تصل جميعها من المزارع أو من المنتج إلى المستهلك مباشرة دون وسيط. ويقول كمال مزوق الذي اطلق «سوق الطيب» عام 2004 إن «السياسة ليس لها وجود في هذا السوق». ويتحدر مزوق من عائلة مزارعين وسبق له أن عمل رئيس طهاة ومقدماً لبرنامج تلفزيوني. وهو يتكلم بشغف عن مشروعه الذي يهدف لإنعاش طقوس المطبخ اللبناني وخصائصه. ويقول «في النهاية، التراث هو نوع من أنواع الوراثة»، مشيراً إلى أن المأكولات لا ديانة لها إنما لها خصائص مناطقية. ويضيف «سواء كان المرء مسلما أو مسيحيا، يتناول الطعام نفسه والاختلافات بين المأكولات مجرد اختلافات ترتبط بالمناطق». ولا يهتم العارضون في «سوق الطيب» بالاضطرابات السياسية التي هزت البلاد في السنوات الأخيرة ووضعت الطوائف والمذاهب المختلفة في مواجهة بعضها، بل تتمحور اهتماماتهم حول كل ما له علاقة بالغذاء. من يقدم أفضل صحن من الكبة؟ أو ألذ صحن من التبولة، أو من يزرع الفواكه والخضار بشكل أفضل؟ ويقول أبو منصور (54 عاما) الذي يرتدي زي الدروز التقليدي ويداعب شاربه الأغبر «بات واضحا أن توحيد الناس يتم عبر الحوار. هذا ما نقوم به هنا ولكن عبر المأكولات». وتنحني ريما مسعود (42 عاما)، وأم لثلاثة أولاد، فوق الصاج لخبز المناقيش. فقد وفرت لها هذه المهنة المستجدة مدخولا سمح لها أن ترسل ابنتها التي لم تتعد السابعة من عمرها لمدرسة خاصة، كما فتحت أمامها المجال للتفكير بمشاريع أخرى. وتقول ريما «غيَّر سوق الطيب مجرى حياتي»، مشيرة إلى أن مورد رزق عائلتها الوحيد كان موسم الدراق في الصيف، مشيرة إلى أنهم «كانوا يقترضون المال لتمضية فصل الشتاء». وتضيف «الآن أصبح بإمكاني أن اخطط لتجديد منزلي أو لشراء ما أحتاجه». وفي إطار مسعاه للحفاظ على التراث، يروج مزوق لمأكولات تقليدية قل تناولها ومنها الفاصوليا الحمانية (نسبة إلى بلدة حمانا شرق بيروت) والعكوب (نوع من الثمار ينبت في الأحراش) والمورقة وهي حلوى تشبه البقلاوة. وينتمي معظم رواد «سوق الطيب» إلى الطبقة الميسورة لأن منتجاته تباع بأسعار أغلى من الأسواق الأخرى. ورغم ذلك تزايد الإقبال عليه، ما دفع بمزوق إلى تنظيم احتفالات متنقلة للمأكولات في مناطق لبنانية متعددة. كما يعتزم مزوق قريبا إقامة «طاولة سوق الطيب» التي ستقدم مأكولات تشمل الأطباق التي تشتهر بها المناطق المختلفة. ويقول «أشعر باعتزاز كبير عندما أسمع بأن مشروعي ساهم في تحسين حياة أحد المشاركين». وكان مزوق رفض إقفال «سوق الطيب» خلال الحرب بين إسرائيل وحزب الله في لبنان في صيف العام 2006 أو بسبب الاضطرابات السياسية التي عاشتها البلاد في السنوات الأخيرة. ويقول مزوق «رسالتنا الأساسية هي اصنعوا الطعام لا الحرب».
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©