الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دومينيك فوجرينيك..انحراف عموده الفقري دفعه لتنظيم حملات توعية بالمرض

دومينيك فوجرينيك..انحراف عموده الفقري دفعه لتنظيم حملات توعية بالمرض
25 مارس 2014 21:07
لكبيرة التونسي (أبوظبي) - عندما علم الطفل الكرواتي دومينيك فوجرينيك بانحراف عموده الفقري بنسبة 10 درجات، أصيب وعائلته بصدمة كبيرة، ولكنه تغلب على الصدمة، واستطاع في وقت وجيز التغلب على يأسه، وحوّل مصيبته إلى دافع إيجابي، بل اتخذها قضيته الأولى، وبات يقود حملات توعية بمدرسة الراحة الدولية، التي يدرس بها للتعريف بالمرض، الذي يصيب العديد من الأطفال، ولا تظهر أعراضه في سن مبكرة، ولا يشعر به المصاب به. صدى طيب قدم فوجرينيك إلى الإمارات، قبل ثلاث سنوات ونصف السنة، وشرع بتنظيم حملات تبنتها مدارس أخرى، ولاقت جهوده صدى طيباً حتى وصل الأمر إلى تكريمه مؤخراً في النسخة السابعة من جائزة أبوظبي، التي تقام تحت رعاية الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والتي شهدها هذا العام سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، مستشار الأمن الوطني، نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، إلى جانب شخصيات مميزة قدمت أعمالاً جليلة للمجتمع. وعبر فوجرينيك عن فخره واعتزازه بفوزه بجائزة أبوظبي، وتعهد بتقديم المزيد من الأعمال والمشاريع والتنسيق مع جهات عدة لرفع التوعية بمرض انحراف العمود الفقري، الذي يعتبر مرضاً نادراً، إلا أنه بات يشهد تزايدا في عدد المصابين نتيجة نمط الحياة العصرية، وتقدم فوجرينيك بالشكر والامتنان إلى الإمارات وقياداتها الرشيدة كونها تولي العناية للمشاريع الإنسانية بصرف النظر عن صاحبها. وقاد فوجرينيك، الذي يبلغ من العمر 14 عاما، سنة 2012، حملة توعية في مدرسته للفحص المبكر للكشف عن مرض انحراف العمود الفقري، والذي يبدأ بالظهور خلال السنوات الأولى من العمر، ويؤدي إلى حدوث تشوهات حادة ومشاكل صحية عديدة، فكان إسهامه في توعية مجتمع مدرسته، وإيمانه أن الكشف المبكر يجنب تفاقم المشكلة ويحد منها نسبياً، سبباً لترشيحه للجائزة من قبل معلمه ووالدته. ومن نتائج حملة فوجرينيك، تشخيص 14 طالباً من مدرسته، بأعراض أولية لمرض انحراف العمود الفقري، وقد أسهم ذلك بزيادة الوعي والتعريف بأهمية إجراء الفحوص المبكرة، واعتمدت مدارس أخرى حملة الفحوص الطبية، التي أطلقها فوجرينيك، وحاليا يجري فحص مئات الطلاب للكشف عن المرض ليكون بذلك مثالاً على أهمية الأفكار حتى لو كانت بسيطة ويقدمها شخص واحد. حصيلة معلوماتية كان فوجرينيك يشعر بتغير على مستوى صدره من دون أن يحس بألم، حيث ظهر ذلك على شكل كرة صغيرة في هذه المنطقة، ما دفع والدته إلى عرضه على استشاري جراحة العظام والطب الرياضي، فاكتشف أنه مصاب بانحراف في العمود الفقري بنسبة 10 درجات عن المستوى الطبيعي. إلى ذلك، قال فوجرينيك، الذي أصبح يمتلك حصيلة معلوماتية مهمة عن المرض، من خلال بحوثه، ومعاناته الشخصية، إن انحراف العمود الفقري يصيب الأطفال خاصة في سن المراهقة، ويرتبط ذلك بمرحلة النمو السريع. وأضاف «يظهر انحراف العمود الفقري غالبا في سن المراهقة، ويصيب البنات أكثر من الأولاد، ومن أعراضه أن تظهر على يميل الجسم، إما يميناً أو يساراً، بالإضافة إلى تأثيره على طريقة المشي وفي حالة لم يعالج في الوقت المناسب قد يؤثر على القلب، حيث يسبب أضرارا للجهاز التنفسي». ويتابع «من الأعراض أيضا التفاوت بين مستوى الكتفين، وعدم وجود تناسق في القوام، وبروز عظم الحوض إلى الأمام، وتورم العظام على جانب واحد من الظهر، مع وجود نتوءات على عظمة الكتف». ولأن الاكتشاف المبكر صعب إلا من خلال القيام بتشخيص طبي، فإنه من الأفضل مراقبة العمود الفقري عند الأطفال بشكل منتظم حتى اكتمال نموه بشكل تام، وذلك لأن انحراف العمود الفقري من الممكن أن يظهر في أي وقت من فترة البلوغ، وخاصة في حالة النمو السريع. في السياق ذاته، يقول فوجرينيك «وفق تجربتي فإن المرض أصبح في تزايد، نظراً لطبيعة الحياة العصرية، وقلة الحركة والنشاط البدني، بحيث أصبح جل الأطفال يصرفون أوقاتهم في الجلوس في المدرسة، وفي البيت خلف الأجهزة الإلكترونية». تثقيف الذات لم يستسلم فوجرينيك لمرضه وعمل على تثقيف نفسه لتحسين حالته، يقول فوجرينيك «قمت بالعديد من البحوث، وتعلمت أشياء كثيرة عن المرض، وثقفت نفسي، وبزيارتي لاستشاري العظام والرياضة نصحني بممارسة الرياضة، وبدأت أنفذ كل الخطوات الرياضية بواقع ساعتين يومياً، وبعد سنة من ذلك رجعت للطبيب، الذي تفاجأ بالنتيجة، حيث تبين أن العمود الفقري نقص انحناؤه بمقدار درجتين، أي تحول من 10 إلى 8 درجات، وكان هذا بالنسبة له يمثل معجزة، فقد كان في نيته يوم نصحني بالرياضة الحفاظ على مستوى الانحراف وليس تحسينه»، متابع «أدركت حينها أن ممارسة الرياضة والمواظبة عليها تحسن حالة المريض خاصة إذا تم اكتشاف المرض مبكرا، ما دفعني لتبني هذه القضية، والدفاع عنها وتوصيلها إلى أكبر عدد من الناس». ويشير إلى أن انحراف العمود الفقري خلل لا يشعر بها الشخص المصاب في بدايته، ولكن إذا تم تشخيصه وبدأ ممارسة الرياضة يشعر بالآم حادة، ورغم ذلك كان حريصا جدا على ممارستها، بمتابعة والدته وتحفيزها، موضحا أن الموضوع إذا تم إهماله قد يؤدي إلى مضاعفات يصعب مستقبلا تجنبها، ومنها ميل الجسم كاملاً، وانحرافه يميناً، أو يساراً. وزار فوجرينيك أكثر من طبيب متخصص واستشاري عظام ورياضة، واستنتج العديد من الحقائق، وعمل على إيصالها للمدرسة خاصة أن المرض صامت، وقرر أن يكون صاحب مشروع من المشاريع التي تقوم بها المدرسة سنويا، بحيث يجتمع الطلاب في مشروع واحد للحديث عن موضوع معين والتطرق لجوانبه كافة، ولكن لم يكن الموضوع سهلا في بدايته وصادفته بعض التحديات استطاع تجاوزها بإصراره. في الإطار ذاته، يقول فوجرينيك «بدأت بالحديث مع أصدقائي المقربين، وأقنعتهم بالفكرة من خلال المعلومات التي أمتلكها، والتي جمعتها من الإنترنت ومن معاينة الطبيب لحالتي، وطبعت مجموعة من المنشورات ووزعتها على طلبة المدرسة، منهم من اقتنع ومنهم من عارضها، ولكن ذلك لم يثنني عن الفكرة لأنني مؤمن بها». وفي مرحلة أخرى أقنع فوجرينيك إدارة المدرسة بضرورة زيارة الطبيب للمدرسة والقيام بفحص للطلاب خاصة ممن هم في مرحلة النمو، كما استطاع إقناع الآباء في أحد الاجتماعات الصباحية الذي دأبت المدرسة على تنظيمه كتقليد بالأمر، حيث استطاع التواصل مع الأهل الذين وافقوا على السماح بالكشف على أولادهم، ليزور طبيبه المختص المدرسة، ويقدم محاضرة عن المرض أمام الأهل، ويكشف على 500 طالب وطالبة، والمفاجأة أنه شخص 14 حالة انحراف في العمود الفقري متفاوتة الدرجات لديهم، وشمل الفحص الأطفال من الروضة إلى الصف السادس من بينها شقيقته. يوضح فوجرينيك «أختي مصابة أيضا بالمرض، بنسبة ست درجات عن المستوى العادي». ويطمح الفتى إلى جعل قضيته عالمية، موضحا «بدأ المشروع من أبوظبي وسأسعى ليطبق الفحص على مستوى مدارس الإمارة، بالتنسيق مع مجلس أبوظبي للتعليم، كما أسعى إلى أن تطبقه كل مدارس الإمارات في فترة لاحقة، ولن أدخر جهدا في التوعية بانحراف العمود الفقري، وأخطط لتصبح حملتي التوعوية شاملة للكشف المبكر عن كل الأمراض التي يمكن أن تصيب الأطفال في عمر مبكر، كمرض السكري، وغيرها من الأمراض التي يمكن أن تؤثر على نمو الطالب فكرياً وجسدياً، ويمكن تجنبها أو الحد منها عن طريق الكشف المبكر». ويقول «حلمي يتحقق على أرض أبوظبي، وأتعهد بالعمل على توعية المجتمع من خلال المدارس»، مؤكداً أنه يعمل على التعريف بالمرض والتوعية به، من خلال صفحته على «فيسبوك»، ويحاول قدر الإمكان الوصول لكثير من الناس، سواء في محيط المدارس أو خارجها، وذلك للتوعية بالمرض، والإجابة على التساؤلات والاستفسارات. .. حلقة الغد عن المرحومة موزة بنت مروشد السبوسي والدة فوجرينيك: مرض ولدي أنضجه لم يكن الأمر سهلاً على دومينيك فوجرينيك، ولم يكن قادراً على تحمل المرض بمفرده من دون وقوف عائلته الصغيرة إلى جانبه، ودفعه إلى استثمار حالته وتحويلها لدافع أمل وتفاؤل لغيره من الناس، في هذا الإطار، تقول والدته فلانتينا فيكرينك، إنها فخورة بما وصل إليه ابنها من نضج، بسبب المرض الذي استطاع التعامل معه بكل إيجابية، مؤكدة أنه يشكل نموذجاً لزملائه ولمعارفه، كما يمثل قدوة لأخته الصغيرة، التي تعاني الحالة ذاتها. وتوضح «فرحت باختيار فوجرينيك مرضه مشروع توعية في المدرسة وحوله إلى نجاح، بدلاً من أن يستحي منه، وقد تفاجأت بذلك خاصة أنه في سن المراهقة، وبمجرد أن بدأ مشروعه كنت إلى جانبه أدعمه وأشجعه». وبالنسبة لدفعه لممارسة الرياضة، تشير فيكرينك إلى أنه يتبع برنامجاً يومياً، فقد تفهم أنه المسؤول عن جسمه، وهو من يستطيع أن يغير حالته إلى الأفضل أكثر من أي إنسان آخر ومن دون تدخل، مضيفة «إثر التراجع الذي حدث في انحراف عموده الفقري بنسبة درجتين بعد سنة من ممارسة الرياضة تفاءلنا ودب بنا الحماس لاستكمال الطريق، وآمنا بالعلاج نتيجة الكشف المبكر، وهذا مهم جداً في مسألة التوعية، لأن من يقتنع بموضوع يستطيع إقناع الآخرين به».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©