الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الإيجابية» ضمير يقظ في كل المواقف

«الإيجابية» ضمير يقظ في كل المواقف
15 أغسطس 2009 23:31
كثير من الذين شملهم هذا الاستطلاع توقفوا كثيراً أمام سؤال: «هل تتمتع بشخصية إيجابية؟»، ربما لأنه لم يسبق أن وجه إليهم مثل هذا التساؤل من قبل، أو لأن البعض منهم لم يفكر يوماً في أن يقيّم نفسه، فيما إذا كان صاحب شخصية إيجابية أو سلبية، أو أن معايير الحكم والفصل بين هذين النمطين من الشخصية لا تبدو جلية واضحة لدى كثير من الناس. فالشخصية، يتفق على أنها المفهوم الشامل للذات الإنسانية ظاهرها وباطنها، بما تحمل من ميول وتصورات وأفكار واعتقادات وقناعات وصفات شكلية وجسمية وحركية وسمات نفسية. وتتعدد صفات الشخصية بطبيعة الحال لتشمل جوانب الطبيعة الإنسانية. ومن ثم يمكن القول إن الشخصية الإيجابية، هي الشخصية المنتجة والمنفتحة على الحياة والناس، ويمتلك صاحبها نظرة ثاقبة وبصيرة متحركة، إلى جانب إدراك التوازن بين الحقوق والواجبات، والقدرة على التعامل المتوازن مع الآخرين، والتكيف مع الواقع، والضبط في المواقف الحرجة، والصبر، والتحكم عند الغضب، وامتلاك الثوابت الأخلاقية، والميل إلى المشاركة وتقديم الخير والإيجابية، كذلك المبادرة نحو التفاعل مع الآخرين من حوله بشكل مؤثر وملموس. فإلى أي حد يمكن للشخص أن يكتشف نفسه بأنه صاحب شخصية إيجابية وليست سلبية؟ وهل لديه من الخبرات والمواقف الذاتية التي يمكن من خلالها أن نقول إنه صاحب شخصية إيجابية؟ وكيف يتصرف في المواقف الحياتية البسيطة إن كان بالفعل شخصاً إيجابياً؟ تقول فاطمة شريف «موظفة»:«الشخص الإيجابي هو الذي يحب دائماً أن يساعد الآخرين من دون أن يطلب منه ذلك في كثير من الأحيان، على العكس من الشخص السلبي الذي ينتظر المساعدة من الآخرين، أو يعزف عن تقديمها حتى لو طلب منه ذلك، والإيجابى دائماً يحاول الوصول إلى حلول لكل مشكلة تواجهه، ولا يبقى منتظراً للحلول أو تأتيه من الغير، وأن كان الحل صعباً، لكنه يراه ممكناً، ويرى دائماً الإنجاز التزاماً يؤديه، وليس أكثر من وعد يعطيه كما هو الشخص السلبي، كما أنه دائماً مشغول بمن حوله، لا ينفصل عنهم، ويحرص على التواصل معهم، ولديه أحلام يسعى إلى تحقيقها. صناعة الأحداث يقول عبد الله محمد بن هويدي «طالب»: «أظن أنني شخص إيجابي، فعندما يتصادف أن أجد زميلاً أو صديقاً أو شخصاً لا أعرفه يرتكب خطأً معيناً لا أتردد في أن أنصحه إذا كان ذلك ممكناً، ولا سيما في الأماكن العامة، أو إذا كان هذا الخطأ يتعلق بحرية الآخرين وحقوقهم، وإذا ارتكب زميل لي خطأ ما، أو بدر منه سلوك سلبي ولم يستجب لنصيحتي، فما المانع من إبلاغ أهله لمساعدته في تقويم نفسه، وأحب أن أرى كل أصدقائي إيجابيين، فالسلبية صفة غير جيدة، أما الشخص الإيجابي فإنه دائما ما يتمسك بالقيم والمبادئ ويتنازل عن الصغائر، ولا يمكن أن يعيش بمعزل عن الناس». ويضيف زميله ناصر يوسف ناصر:»أعتَقِد أنّ الإيجابيّة صفة وسلوك محمود، وَالسلبيّة، صفة تعطل التفاعل والتواصل بين الناس، كما أن الشّخص الإيجابي هوَ الّذي يستَطيع تَصحيح سِلبيّاته أولاً بأول، وَإنماء إيجابيّاته، أما الشّخص السّلبي فهوَ الّذي يَبقى عَلى»حاله»، ولا يطور نفسه فَتَتفاقَم سلبيّاته وَتَضمَحِل إيجابيّاتُه، لكن أتساءل:»لماذا يختلف الناس في اتجاهاتهم وتصرفاتهم بين الإيجابية والسلبية، وهل هناك طريقة أو طرق معينة تساعدنا على التعامل مع هذه الفئات السلبية وغير المنتجة سواء في بيئة العمل أو في الحياة العامة ؟ ويجيب مصبح محمد الطنيجي»طالب»: «لا شك في أن الإنسان بطبيعته وسلوكه في الحياة بشكل عام يعتمد على اتجاهاته ومواقفه ونظرته الإيجابية لذاته ولمن حوله، ويعد الموقف الإيجابي من أهم عناصر النجاح الذاتي والعملي، لأنه من خلال النظرة الإيجابية التي يعتنقها الإنسان ويمارسها تتشكل رؤيته وسلوكه وتصرفاته. فديننا الإسلامي الحنيف أخبرنا بأهمية النظرة الإيجابية المتفائلة «تفاءلوا بالخير تجدوه» وهذا التوجيه والتحفيز الإيجابي دعمته العلوم السلوكية والطبية في عصرنا الحاضر. والموقف الإيجابي اهتم به كثير من علماء السلوك وتطوير الذات وكتبوا فيه كثيراً من الأفكار والآراء . جوهر الشخصية تقول هند المزروعي«موظفة»:«الموقف الإيجابي يمثل جوهر الشخصية وما يترتب عليها من تصرفات، ومن خلال هذه النظرة تتكامل طاقات الإنسان وتتفاعل وتحقق النجاح، والموقف الإيجابي ينعكس على الروح المعنوية وهي الطاقة غير المحدودة في النفس البشرية التي يعتمد عليها الإنسان في علاقاته ونجاحاته وإنجازاته وتحقيق طموحاته. إن قوة الطموح والتحفيز الإيجابي المستمر لتحقيق كثير من المشاريع والإنجازات البشرية يعتمدان على حقيقة النظرة الإيجابية للذات والموقف الإيجابي، وهي من أهم المفاتيح الذي تركز عليها الدراسات الحديثة في العلوم السلوكية وتطوير الذات. وللأسف أن الكثيرين لا يدركون أهمية الموقف الإيجابي والاستفادة منه لتحقيق النجاح في مناحي الحياة كافة». وتؤكد المزروعي:«عن نفسي أمر بكثير من المواقف التي أجد نفسي فيها منحازة إلى اتخاذ موقف إيجابي، ولا يمكن أن أصبح «سلبية»، فإذا تصادف وأن رأيت شاباً يتحرش أو يعاكس فتاة أمامي في مكان عام - على سبيل المثال ـ لا يمكن أن أسكت، أو أتجاهل الأمر، فالسكوت يعني الرضا، أو تشجيعاً للشخص نفسه أو لغيره على الخطأ، ومن ثم علينا أن نكون أكثر إيجابية في مواجهة المواقف السلبية أو المظاهر الضارة التي لا تتفق مع قيمنا». أما سعيد مبارك بن سباع «طالب» فيقول: «كثيراً ما أواجه مواقف يومية يمكن أن أتعامل معها بإيجابية أو سلبية، لكنني أميل إلى الخيار الأول، فإذا تصادف أن رأيت مريضاً، أو شخصاً يستغيث أو يطلب المساعدة، أو شخصاً يتعرض لمأزق معين، فلا يمكن أن أتجاهله، فضميري الشخصي يدفعني إلى أن أكون إيجابياً، ولا يمكن أن أغض الطرف، فمن الممكن أن أتعرض أنا لمثل هذا الموقف». كذلك يقول ماجد سلطان مسافري «طالب»: «إن الشخص السلبي لا يستطيع التعامل أو التكيف مع الناس، فالحياة تتطلب التعاون والتفاعل مع الغير، والإحساس بمن حولنا، ولا أظن أن الشخص الطبيعي يرى أي شيء يتطلب النجدة أو المعونة وثم يتقاعس أو يتردد، ربما يعزف البعض عن ذلك تجنباً للمشاكل، أو أن البعض لا يميل إلى التعاون، أو أن يقحم نفسه في مشكلة ما، لكن أي شخص لديه وعي عليه أن يكون إيجابياً، ولا يتردد في اتخاذ الموقف المناسب إذا رأى خطأً، أو سلوكاً يضر المصلحة العامة أو الناس، ولا يمكن للوطن أن يتقدم إذا اتصف الناس بالسلبية». الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الداعية الإسلامي الدكتور أحمد الكبيسي يؤكد أن الإيجابية من أهم السمات الفريدة التي يتصف بها المسلم، إلى جانب الصفات المهمة المعروفة، فالإيثار والبذل والتضحية والفداء من شيم المسلم الحق الذي تربى على نصرة الحق وإغاثة الملهوف والسماحة وإنذار المعسر، وما إلى ذلك من السمات والخصال الحميدة والفضائل الخلقية. فالمسلم لا يقف من الأحداث موقف المتفرج وإنما يتربى على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعن الفساد والتسيب والانحراف والظلم، وهنا أذكر بقول الحق سبحانه وتعالى «ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون»، فالمسلم لا يقف ساكتاً أمام المنكر، ولكنه يتخذ موقفاً إيجابياً فعالا لقوله تعالى: «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر»، ولقوله تعالى:«والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر»، كما يقول سبحانه وتعالى: «لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس»، ومن أبرز سمات الإيجابية في الشخصية الإسلامية دعوتها لكي يتحمل صاحبها المسؤولية، فلا يقف من الأحداث موقفاً سلبياً. ومن بين ما يدعو إلى الإيجابية قول رسولنا الكريم «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً» كما يقول الحديث النبوي الشريف «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©