الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نيجيريا... تحديات الإصلاح والتغيير

نيجيريا... تحديات الإصلاح والتغيير
15 أغسطس 2009 23:53
تنطوي نظرة معظم البلدان الغربية إلى نيجيريا على مزيج من الأمل والإحباط، وهي المنجذبة إليها لنفطها والمنفرة منها بسبب فسادها. وفي هذا الإطار، يمكن القول إن التحدي الأكبر لوزيرة الخارجية الأميركية خلال زيارتها إلى هذا البلد الواقع في غرب أفريقيا، هو كيف يمكن للولايات المتحدة أن تساعد نيجيريا على إنقاذ نفسها من عادات مدمرة للذات؟ كلينتون، التي وصلت الثلاثاء الماضي ليلاً في زيارة خاطفة لمدينة لاجوس التجارية الساحلية وعاصمة البلاد أبوجا، حيث التقت مع الرئيس النيجيري، شددت على أن تمتين العلاقات مع الولايات المتحدة وزيادة الاستثمارات الأجنبية في نيجيريا – رهين بحكومة أحسن وأنظف وإصلاح النظام الانتخابي المتردي في نيجيريا. وفي هذا السياق، يقول أنتوني جولدمان، المحلل المستقل في لندن والمتخصص في نيجيريا: «إن الولايات المتحدة على الأقل من الناحية الخطابية، غير راضية عن الاتجاه الذي تسير فيه نيجيريا بخصوص الإصلاحات الانتخابية، كما أنها قلقة بشأن الوصول إلى إمدادات الطاقة في نيجيريا». غير أن ما على كلينتون والدبلوماسيين الغربيين بصفة عامة إدراكه، حسب جولدمان، هو أن «الجميع في نيجيريا يدرك أنه يجب أن تكون ثمة محاسبة أكبر»، مضيفاً «إن حقيقة كون الناس يتحدثون حول هذا الموضوع منذ 30 عاماً تقريباً يؤشر إلى أن الأمر يتعلق بمشكلة من الصعب حلها». ومما يذكر في هذا السياق أن الرئيس النيجيري السابق أوباسانجو قال ذات يوم إن الفساد يكلف نيجيريا قرابة 25 في المئة من دخلها، أو 148 مليار دولار سنوياً. والواقع أنه من الواضح أن ثروات نيجيريا النفطية الكبيرة تمنح المجرمين (والسياسيين أو الاثنين معاً) حافزاً قوياً لنهب ثروات البلاد والسعي وراء الرشى، والحال أن هذه الممارسة تحديداً، هي التي تبقي على نيجيريا في مرتبة متدنية في ما يتعلق بتدابير التنمية البشرية، مثل توفير الرعاية الصحية، والماء الصالح للشرب، والرواتب المحترمة. وتعد نيجيريا واحدة من أكبر الدول المنتجة للنفط، لكن نظراً لكون القليل جداً من مصافيها تعمل، فإنها تعد في الوقت نفسه واحدة من أكبر المستوردين للمنتجات النفطية المصفاة مثل الجازولين والديزل، وهو أمر يحمّل الكثيرُ من النيجيريين مسؤوليته للطبقة السياسية. وعلاوة على ذلك، فإن نيجيريا تتوافر على الكثير من الأراضي الصالحة للزراعة وكانت، إلى غاية الطفرة النفطية في سنوات الثمانينيات، بلداً زراعياً في المقام الأول، ولكنها مع ذلك لا تنتج سوى 500000 طن من الأرز لشعبها الذي يبلغ تعداده 140 مليون نسمة والذي يستهلك خمسة أضعاف تلك الكمية كل سنة. إلى ذلك، شعر العديد من النيجيريين بالاستياء عندما اختار الرئيس أوباما زيارة غانا، وهو بلد في رصيده عقود من التداول السلمي للسلطة عبر الانتخابات، وليس نيجيريا، التي تعد القطب الاقتصادي في المنطقة. وتجادل منظمات المجتمع المدني بأن النخب النيجيرية الموجودة في السلطة تعمدت إنشاء نظام انتخابي يسمح لها باقتسام السلطة السياسية بين مجموعة صغيرة، وباقتسام ثروات البلاد النفطية الكبيرة والتي تشكل ما يناهز 90 في المئة من عائدات الحكومة. وفي هذا السياق، يقول كولينز أوكيكي، المنسق القانوني في منظمة «خدمة قانون حقوق الإنسان» في لاجوس: «ثمة العديد من الأولويات بالنسبة لنشطاء ومنظمات المجتمع المدني، ولكنني آمل أن تتمكن كلينتون في نهاية هذه الزيارة من إقناع الحكومة النيجيرية بضرورة التعاطي مع موضوع إصلاح النظام الانتخابي بجدية أكبر». وجدير ذكره أن أوباما في الخطاب الذي ألقاه في الحادي عشر من يوليو بالبرلمان الغاني، لم يخص نيجيريا بالانتقاد، غير أن كلماته كانت تصف بشكل دقيق واقع الحال في نيجيريا وما عرفته وتعرفه من انقلابات عسكرية ونخب فاسدة وانتخابات مزورة، حيث قال: «إن الأمر لا يتعلق فقط بإجراء الانتخابات، بل يتعلق أيضاً بما يحدث بين الانتخابات. فلا أحد يريد أن يعيش في مجتمع، حيث يتراجع حكم القانون لصالح حكم الوحشية والرشوة. فتلك ليست ديمقراطية، بل هي استبداد وطغيان، حتى وإن قمت بين الفينة والأخرى بإجراء انتخابات هناك. واليوم حان الوقت لوضع حد لهذا النوع من الحكم». بيد أن زيارة كلينتون لنيجيريا، وبدلاً من أن تحمّل أحداً مسؤولية حالة الفوضى الحالية التي تسود في نيجيريا، قدمت فرصة غير عادية لإعادة النظر في الأمور التي تحدث في نيجيريا، وفي مكمن الفرص من أجل القيام بتحسينات صغيرة، ولكنها جوهرية، في طريقة عمل الأوساط التجارية والحكومية والقانونية في نيجيريا. وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول جولدمان: «إن المقاربة الأميركية ينبغي أن تكون على النحو الآتي: نيجيريا بلد يزخر بإمكانات وطاقات، ومصدر للاستقرار الإقليمي، وبلد يمكن أن يكون نموذجاً ويلعب دوراً قيادياً إن هو استطاع تبنى إصلاحات فعالية في الداخل». غير أنه سيتعين على إدارة أوباما أن تكون واقعية بشأن ما يستطيع أي زعيم، مثل يارادوا، القيام به لتغيير نيجيريا لأنه «لو كان الحل سهلًا، لحدث منذ زمن طويل». سكوت بالدوف – جوهانسبرج ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©