الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المعروف يشرح الصدور ويفتح الباب لفعل الخيرات

المعروف يشرح الصدور ويفتح الباب لفعل الخيرات
16 مارس 2012
الحمد لله، له أسلمت، وبه آمنت، وعليه توكلت، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد،،، يقول الله تعالى في كتابه الكريم«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمُ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ«، سورة الحج، الآية 77. تشتمل الآية السابقة على أوامر عديدة منها قوله تعالى«وَافْعَلُوا الْخَيْرَ»، وقوله «وَافْعَلُوا الْخَيْرَ« أمر بإسداء الخير إلى الناس من الزكاة، وحسن المعاملة: كصلة الرحم، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وسائر مكارم الأخلاق، وهذا مجمل بينته وبينت مراتبه أدلة أخرى، تفسير التحرير والتنوير 17/346». ومن المعلوم أن الأنبياء والمرسلين، عليهم الصلاة والسلام، وفي مقدمتهم أولو العزم من الرسل وهم: إبراهيم وموسى وعيسى ونوح ومحمد، عليهم صلوات الله وتسليماته، كانوا صنَّاعين للمعروف باذلين له. فعل الخيرات هذا هو حبيبنا ورسولنا محمد، صلى الله عليه وسلم، كان فعَّالاً للخير في كل زمان ومكان، فقد رأى، صلى الله عليه وسلم، امرأة متعبة، فطلبت منه أن يعينها على حملها، فحملها حتى سار في الرمال وأوصلها لبيتها، فقالت له: لا أملك أن أعطيك شيئاً، لكني أنصحك، قال: قولي يا أماه، فقالت له: إذا سمعت بأن محمدًا قد ظهر، يزعم أنه نبي فلا تصدقه، فقال لها: لِمَ ؟ فقالت: لأنه سيئ الخلق، فقال لها: وإن كنتُ أنا محمداً، فقالت: إنْ كنتَ محمداً هذا، فأشهد أن لا إله إلا الله وأنك محمد رسول الله. أرأيت أخي القارئ الكريم، كيف أثر هذا المعروف مع هذه المرأة التي كانت تخاطب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهي لا تعرفه؟!، كيف شرح الله صدرها للإسلام، وللإيمان بهذا النبي الكريم، صلى الله عليه وسلم. وهذا هو سيدنا موسى، عليه الصلاة والسلام، كما وردت قصته في سورة القصص، حيث يقول سبحانه وتعالى:«وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ » فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ»، «سورة القصص، الآيتان 23 - 24. لقد بادر سيدنا موسى، عليه الصلاة والسلام إلى مساعدتهما دون طلب منهما، لأن موسى عليه الصلاة والسلام صانعٌ للمعروف باذلٌ له، كما جاء في تفسير الآيات، «ولما ورد ماء مدين» أي لما وصل إلى مدين وورد ماءها، وكان لها بئر يرده رعاء الشاء “وجد عليه أمة من الناس يسقون، أي جماعة يسقون، “ووجد من دونهم امرأتين تذودان” أي تكفكفان غنمهما أن ترد مع غنم أولئك الرعاء لئلا يؤذيا، فلما رآهما موسى - عليه الصلاة والسلام - رق لهما ورحمها “قال ما خطبكما؟” أي ما خبركما لا تردان مع هؤلاء؟ “قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء” أي لا يحصل لنا سقي إلا بعد فراغ هؤلاء “وأبونا شيخ كبير” أي هذا الحال الملجئ لنا إلى ما ترى، قال الله تعالى: “فسقي لهما” قال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا عبد الله، أنبأنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون الأودي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن موسى - عليه الصلاة والسلام - لما ورد ماء مدين، وجد عليه أمة من الناس يسقون، قال: فلما فرغوا أعادوا الصخرة على البئر، ولا يطيق رفعها إلا عشرة رجال، فإذا هو بامرأتين تذودان قال: ما خطبكما؟ فحدثتاه، فأتى الحجر فرفعه، ثم لم يستق إلا ذنوباً واحداً حتى رويت الغنم، إسناد صحيح)، «تفسير القرآن العظيم لابن كثير 3/509». الكائنات الأخرى لقد علمنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أن صنائع المعروف لا تكون بين الناس فحسب، بل تشمل الكائنات الأخرى كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه - أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: “بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ، ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ : لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبُ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلَ الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلأَ خُفَّهُ مَاءً ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ، حَتَّى رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ”. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ لأَجْرًا؟ فَقَالَ: “فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ”، (أخرجه الشيخان). لما عزم النبي صلى الله عليه وسلم على غزوة تبوك، كان المسلمون يعانون من جَدْبٍ شديدٍ، حتى اضطر النبي صلى الله عليه وسلم، إلى رَدِّ من لا يملك راحلة عن الجهاد، فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع. عند ذلك صعد النبي، صلى الله عليه وسلم، المنبر، وحث المسلمين على الإنفاق، فوقف عثمان بن عفان، رضي الله عنه، وقال: عليَّ مائة بعير بأحلاسها ورحالها يا رسول الله. فنزل النبي، صلى الله عليه وسلم درجة وحضَّ الناس على الصدقة، فوقف عثمان مرة ثانية، وقال: عليَّ مائة بعير أخرى يا رسول الله، فتهلل وجه النبي، صلى الله عليه وسلم-: ونزل درجة، وحثَّ الناس على الصدقة، ثم أسرع عثمان، رضي الله عنه، إلى بيته، وجاء مع النوق بذهب وفضة، ووضعهما بين يدي النبي، صلى الله عليه وسلم. فقال النبي، صلى الله عليه وسلم «غفر الله لك يا عثمان ما أسررت، وما أعلنت، وما أخفيت وما أبديت، وما هو كائن إلى يوم القيامة»، (أخرجه ابن أبي شيبة). إن هذا الموقف الكريم من ذي النورين وصاحب الهجرتين سيدنا عثمان بن عفان - رضي الله عنه - يُجَسِّد لنا الهمة العالية في التضحية من أجل إعلاء كلمة الله، وكيف أنه يُخَلِّص النفس من الشح والبخل، ويزكي فيها روح العطاء والتضحية، كما أنه يعلم الأمة جميعها وجوب المسارعة لفعل الخيرات. ومن أفعال الخير مساعدة المحتاج، وإغاثة الملهوف، فقد ورد أن رجلاً جاء إلى الحسن بن سهل كي يساعده ويشفع له في حاجة، فَيَسَّر الله الأمر للحسن فقضاها والحمد لله، فجاءه الرجل يقدم له الشكر على صنيعه، فقال له الحسن: علام تشكرنا؟ نحن نرى أن للجاه زكاة كما أن للمال زكاة، ثم أنشد قائلاً: فُرضت عليّ زكاة ما ملكت يديَّ وزكاةُ جاهي أن أُعينَ وأشفعا فإذا ملكتَ فَجُدْ فإنْ لم تستطع فاجهْد بوِسْعِكَ كلِّه أن ينفعا الإمارات وفعل الخيرات لقد دأبت دولة الإمارات منذ تأسيسها بقيادة المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، على تقديم العون والمساعدة لجميع المحتاجين في العالم أجمع، ومن ينظر حوله في هذا العالم الفسيح سيكتشف كيف أنه من العسير أن يعثر على بلد واحد فوق الأرض لم تصل إليه مآثر الإمارات، فعبر القارات الخمس، وفي الدول الغنية كالفقيرة، والقريبة كالبعيدة، ارتفعت المساجد والمدارس والمعاهد والمراكز الإسلامية والمؤسسات الخيرية والإنسانية والأحياء السكنية والمشافي، وغيرها من المنشآت، وحُفرت الآبار وغُرست الحقول، وانتشرت المشاريع التضامنية بمبادرات ودعم ومساندة من دولة الإمارات وقيادتها الرشيدة وشعبها الأبي، سيراً على هدي مؤسس الدولة المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه. وها هم أبناؤه من بعده بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، يسيرون على درب الوالد المؤسس في فعل الخيرات، حيث يقومون مع إخوانهم أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات وشعبها برسم البسمة على الشفاه المحرومة وإدخال السرور على القلوب الحزينة، ومساعدة اليتامى والثكالى والمحتاجين في كافة أرجاء المعمورة، فجزاهم الله خير الجزاء. الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك www.yo sefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©