الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

برلمان معلق... يُدخل بريطانيا لُجَّة المساومات

برلمان معلق... يُدخل بريطانيا لُجَّة المساومات
7 مايو 2010 23:43
تواجه بريطانيا احتمالات دخول مرحلة من الاضطرابات السياسية في وقت مازالت تعيش فيه تحديات الأزمة المالية وتداعيات التباطؤ الاقتصادي بعد الانتخابات العامة التي لم تؤمن لأي حزب من الأحزاب أغلبية واضحة في البرلمان تسمح له بتشكيل الحكومة. فحتى قبل إعلان النتائج يوم أمس، أظهر استطلاع للرأي أجرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي. بي. سي) تقدم حزب المحافظين المعارض وفوزه بـ307 مقاعد برلمانية، وهو ما يفصله بـ19 مقعداً عن الأغلبية الواضحة التي تؤهله لتشكيل الحكومة دون الدخول في تحالفات. وفيما جاءت نتائج استطلاعات الرأي دقيقة على مدار الانتخابات الثلاثة الأخيرة، فإنها أخطأت التقدير في انتخابات عام 1991 عندما توقعت برلماناً معلقاً فقط لتظهر النتائج أن أغلبية 21 مقعداً ذهبت إلى حزب العمال. وبحسب استطلاعات الرأي الأخيرة، سيحتل حزب العمال المرتبة الثانية بعدد مقاعد يصل إلى 225، لكن دون أن ينحدر إلى درك الاضمحلال الانتخابي، كما كان يتوقع البعض. ومع أن الاستطلاعات نفسها أشارت إلى أن حزب الأحرار الديمقراطيين الذي يتموقع في الوسط سيخسر مقاعد برلمانية بدلاً من تحقيق الاختراق الذي تنبأ به الكثيرون، وهو الأمر الذي دفع العديد من الخبراء إلى التشكيك في تقديرات استطلاعات الرأي التي توجته في مرتبة متقدمة قبل الاقتراع، فقد اكتسب الحزب مع ذلك مكانة غير مسبوقة تتيح له ممارسة نفوذ كبير على الساحة السياسية وربما الإسهام في تشكيل الحكومة، إلى جانب أحد الحزبين الآخرين. وفي حال عدم حصول تغيير جوهري في النتائج الأولية للانتخابات التي تم فرزها حتى الآن، فستخوض بريطانيا أياماً طويلة من المساومات السياسية لم تشهد مثلاً لها منذ سبعينيات القرن الماضي. وهنا ستبرز الأحزاب الصغيرة، مثل الديمقراطيين الوحدويين في ايرلندا الشمالية، كفاعل أساسي في العملية السياسية. هذا الدور المتوقع للأحزاب الصغيرة يعبر عنه "أرلين فوستر"، النائب البرلماني عن الحزب الديمقراطي الوحدوي، قائلاً: "لن نهرول نحو ديفيد كاميرون، إنه هو من سيأتي إلينا"، في إشارة إلى احتمال سعي حزب المحافظين للحصول على دعم الديمقراطيين الوحدويين. ورسمياً، يحق لرئيس الوزراء المنتهية ولايته، جوردون براون، البقاء في منصبه حتى بعد تأكد البرلمان المعلق الفاقد للأغلبية، وذلك على الأقل إلى غاية 25 مايو عندما يجتمع البرلمان في دورته التشريعية المقبلة، واحتمال فقدان الحكومة ثقة ممثلي الشعب. وقد يستغل براون الأيام المقبلة لإبرام اتفاق مع الأحرار الديمقراطيين وتشكيل حكومة تبقيه في السلطة، بيد أن براون قد يتعرض لضغوط كبيرة تجبره على التنازل، لا سيما إذا طالب المحافظون باحترام براون لرغبة الناخبين الذين أوصلوا حزبهم إلى البرلمان. وبالطبع، ستلعب الأسواق المالية دوراً مهماً في دعم حظوظ براون أو إجباره على التنازل، فقد تشهد اضطرابات كبيرة بسبب تخوف المستثمرين من الوضع السياسي البريطاني غير الواضح، ما سيسرع من تنحي براون وإفساح المجال لغريمه المحافظ كاميرون. ومنذ ظهور النتائج للتصويت في الدوائر الانتخابية المختلفة، بدأ يتضح أن التقارب يتكرس بشكل واضح في عدد المقاعد، في ظل المزاج العام للناخب البريطاني. فمن خلال اللقاءات التي أُجريت مع مجموعة من الناخبين في أحد مراكز الاقتراع، يوم الخميس الماضي بدائرة "شورديتش" شمالي لندن، والتي يمثلها في البرلمان نائب عن حزب العمال، ظهر جلياً مدى التضارب في توجهات الناخبين. فحسب "باشا أمين محمد" الذي يدير مطعماً لصنع الفطائر في المنطقة، كان الخيار واضحاً بالنسبة له معبراً عنه بقوله: "لقد أدليت بصوتي لصالح مرشح حزب المحافظين؛ لأني أعتقد أن وقت التغيير قد حان بعدما ظل العمال 13 سنة في الحكم، كما أن الرواج تراجع في الفترة الأخيرة، وأظن أن المحافظين قادرون على إعادة الاقتصاد إلى قوته حتى وإن اضطررنا إلى بذل بعض التضحيات". وفي المقابل، فضلت "فايي ريد"، التي كانت دائماً من مؤيدي حزب العمال البقاء وفية لحزبها والتصويت لصالحه، قائلة: "في البداية كنت مترددة، وقد راودتني فكرة التصويت للأحرار الديمقراطيين، لكني في اللحظة الأخيرة قررت اختيار العمال؛ لأني لا أعتقد أن الأحرار الديمقراطيين بالقوة التي تخولهم قيادة البلاد في هذه الفترة العصيبة. هذا بالإضافة إلى القضايا التي تهمني أنا كأم مثل التخفيض الضريبي والاهتمام بالأسر، وهو ما لا أعتقد أن المحافظين يهتمون به". لكن الأحرار الديمقراطيين لم يعدموا بعض المتعاطفين في الدائرة نفسها والذين قرروا منحهم الثقة، مثل "جولي ويلدون"، المدرسة التي صوتت لصالح العمـال في انتخابـات عام 2005 واختارت هذه المرة دعم تيار الوسط الذي يمثله الأحرار الديمقراطيون، مبررة ذلك بقولها: "لن أدعي أن ما بات يعرف بظاهرة كليج هي التي دفعتي لاختيار حزبه، بل لأني أريد للوضع الراهن أن يتخلخل قليلاً؛ لأننا في حاجة ماسة إلى شيء مختلف، سواء تعلق الأمر بالأحرار الديمقراطيين أو بحزب الخضر". بين كوين - لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان سيانس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©