الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«دعينا نختلف»..!

«دعينا نختلف»..!
17 أغسطس 2009 00:00
سألتني، فيما تغالب دموعها حتى لا تفضح شعوراً، يتملكها، بالانكسار، وإحساساً، يسيطر عليها، بالقهر: لماذا اختفى الحب الحقيقي من حياتنا؟.. لماذا أصبح الحب الصادق عملة نادرة، وحل محله الحب الكاذب المزيف المخادع؟. قلت لها: سيدتي، في البداية دعينا نختلف، دعينا نعبر التفاصيل والمقدمات، ونتجاوز، ولو مؤقتاً، تفاصيل تجاربك التي كنت فيها، دائما، فريسة، وكان الآخر، في كل مرة، ذئباً لا يرضى بغير «الانقضاض» و»الالتهام»، فإذا ما فشل بحث عن «أخرى» تاركاً لك وجع «المقاومة» وألم «الحلم الذي لم يتحقق». قلت لمحدثتي: أختلف معك ومع كل من يصنف الحب إلى حقيقي ومزيف، إلى صادق وكاذب، فالحب عندي هو الحب وكفى، بلا كلمات تسبقه ولا صفات تلحقه.. ما نطلق عليه حباً زائفاً ليس له علاقة بالحب، فالحب والزيف لا يجتمعان، لنقل اشتهاء أو رغبة أو تحايلاً أو كذباً أو خداعاً، لنقل ما نشاء من صفات، دون أن نقرن أيا منها بكلمة الحب، أو بصفة من صفاته. وللحب، في التراث العربي، منازل ودرجات، أولاها الهوى، وهو الميل للمحبوب، ثم الشوق وهو النزوع إلى لقاء المحبوب، ثم الحنين، وهو شوق على شوق، فالحب، وهو أول الألفة، فالشغف، وهو التمني الدائم لرؤية المحبوب، فالغرام، وهو التعلق بالمحبوب تعلقاً لا خلاص منه، فالعشق، وهو فرط الحب، ثم التتيم، وهو استعباد المحبوب للمحب، فالهيام وهو أشد درجات الحب وأعلاها، حيث يكاد يسلب عقل المحب. العرب إذن صنفوا الحب أو قسموه حسب شدته وسطوته وهيمنته على قلوب المحبين، ولم يقسموه إلى أنواع، وهو المعنى الذي خلص اليه صلاح عبدالصبور عندما قال في «الإنسان والحب والجسد»: ليس هناك «حب الروح» و»حب الجسد».. هناك «الحب» فقط. الحب الذي أعرفه، يا سيدتي، وأؤمن به، هو الذي قال عنه دانتي «يحرك الشمس والنجوم»، وعبر عنه العقاد «إنك لا تختار حين تحب، ولا تحب حين تختار»، وتحدث عنه محمود تيمور «هو الروح التي تدفع الإنسان للعمل والخلق والابتكار.. فإذا انعدمت هذه الروح، فقدت الحياة أهميتها وأصبحت بلا معنى ولا هدف ولا غاية».. هذا هو الحب.. لا شيء غيره. صلاح الحفناوي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©