السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

همزة الوصل بين بيروت ودمشق مقطوعة بأمر «البيروقراطية»

همزة الوصل بين بيروت ودمشق مقطوعة بأمر «البيروقراطية»
17 أغسطس 2009 00:02
تحولت محطة القطار في رياق الى أبنية مغلقة الأبواب والنوافذ، حيث تجد قاطرات حديدية يكسوها الصدأ، بل الأشواك والأشجار والنباتات التي تنمو بشكل عشوائي بين القضبان، فتكاد تحجب العربات عن النظر. قديماً اختيرت بلدة رياق لتكون همزة وصل بين بيروت العاصمة والداخل السوري، لدى انطلاق العمل في بناء محطة السكك الحديدية، بامتياز فرنسي – بلجيكي عام 1893، فكان تدشين خط بيروت - دمشق بعد سنتين من إقرار المشروع، ايذاناً بدور استراتيجي لهذه المحطة التي يراد منها ان تكون شريان النقل الرئيسي لمرفأ بيروت، غير أن الحرب العالمية الأولى، أصابت الخطوط الحديدية بأضرار جسيمة، فسارعت سلطة الانتداب الفرنسي إلى ترميم انشاءاتها المتضررة في سوريا ولبنان فور انتهاء الحرب، إلى أن أعيد السير عام 1921 على جميع خطوطها. عزّ مضى شهدت محطة رياق خلال الفترة الممتدة حتى نهاية الحرب العالمية الثانية عصراً ذهبياً، إذ صارت احدى المحطات المركزية المهمة في الشرق. فكانت ملتقى خطين رئيسيين: خط حمص – رياق الآتي من تركيا وأوروبا وهو خط عريض. وخط بيروت – رياق – دمشق – الحجاز وهو خط ضيق، ويدعى خط الحجاز، بالإضافة إلى خط طرابلس – بيروت – بئر السبع – مصر، وخط حمص – ميناء طرابلس. وبعدما وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، بدأت حركة القطارات تخف تدريجياً، إلى أن توجها ما سمي وقتها بالقطيعة الجمركية بين لبنان وسوريا عام 1956، التي ما لبثت سوريا أن أوقفت الخط عام 1974، وقد جرت بعدها عدة محاولات ومساعي لإعادة تأهيل خط رياق – سرغايا المتجه نحو دمشق، والذي يبلغ طوله حوالي 14،5 كم. وقد بدأ العمل فعلياً على الارض عام 2004، وجرى تلزيم الخط إلى مؤسسة الخط الحديدي الحجازي، على أن تجري الاستعانة بالقضبان الموجودة سابقاً، الاّ أن العمل توقف في مدّ القضبان الحديدية على بعد كيلومترين او اكثر قليلاً من رياق، ووضع المشروع في «ثلاجة» الانتظار، على امل فرص مؤاتية اخرى، والمفارقة في هذا الأمر ان هذا المشروع كان يقوم على انشاء خط ضيق، فيما لجنة النقل اللبنانية – السورية – الأردنية، كانت قبل ذلك قد وافقت على اقامة خط عريض، يربط عمان بدمشق وبيروت، ويكشف مصدر مطلع عن وجود عقبات بيروقراطية ومالية وتمويلية كثيرة تواجه المشروع الثلاثي. ويضيف المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه أن الخط الحديدي بين رياق وبيروت لا يمكنه أن يمر على المسار السابق، لأن انحداره في المناطق الجبلية يصل إلى سبعين في الألف، وهذه النسبة لم تعد مقبولة من الاتحاد الدولي لسكك الحديد، بسبب خطورتها على حركة القطارات، والحد من سرعتها الى درجة كبيرة، ومنع شحن البضائع الضخمة فيما يفترض ان تقوم سكك الحديد على السرعة والأمان، ونقل كميات ضخمة من البضائع والاغراض، مؤكداً أن هناك تصورات لنفق يمكن أن يمتد حوالي كيلومتر ونصف كيلومتر أو أكثر بقليل، ما يعدّل في المسار ويختصر المسافات. مطعم بدل المحطة حالياً، أقيم في مدينة رياق البقاعية مطعم «ريمون» يقصده الناس والسياح بكثرة من بيروت، وهذا المطعم هو نفسه الذي كان يقدم الطعام الى العاملين والركاب في محطة القطارات التي كانت ملاصقة له، الآن من قاعة مطعم «ريمون» تشاهد محطة القطارات القديمة او ما تبقى منها عن كثب، فلا سكك حديد ولا مقصورات، بل هياكل مليئة بالصدأ، يزينها «زقزقة» العصافير التي بنت اعشاشها في بعض المباني التي سكنها الفرنسيون في العهد العثماني. ولا بد من القول والتذكير بأن «لبنان الكبير» كان في عهد مدينة رياق التي كانت مرشحة لأن تكون عاصمة بدلاً من بيروت، حتى أن مطار رياق أنشئ قبل مطار بيروت الدولي. وتحولت محطة سكك الحديد في رياق إلى سراب وخراب، وكأن الماضي والحاضر يقفان في محاكمة امام التاريخ، الذي شهد على كل حجارة وقضبان وعربات المحطة اليتيمة، لعل الحياة تعود اليها، فهل تتحقق الامنية، للتعويض عن الآلام التي تحملها الذكريات المدفونة تحت صافرة سكة الحديد في رياق.
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©