الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العمر «فيمتو ثانية»

العمر «فيمتو ثانية»
17 أغسطس 2009 00:04
من منا رأى الموت بأم عينيه؟ وكيف يصفه من رآه؟ وكيف يرى الدنيا؟ كم هو الإنسان ضعيفا ولو امتلك الدنيا؟ كثيرون يرون الموت، وتكتب لهم العناية الإلهية أن يعيشوا من جديد.. فماذا يقولون؟ وكيف يصفون رحلة الموت التي لم تكتمل؟ وكيف يرون الحياة من جديد؟ تصورات، وأوهام، وتخيلات، وتساؤلات قفزت أمام خاطري وأنا أتابع حواراً تليفزيونياً مع رجل الأعمال الملياردير المصري الدكتور أحمد بهجت، وعشت معه تلك اللحظات الصعبة التي تسابقت فيها تكنولوجيا العصر الطبية وافضل الامكانات البشرية والعلمية في الولايات المتحدة لانقاذ قلبه حتى لا يتوقف بشكل نهائي، ورغم العناية الفائقة في أفضل مراكز جراحة وزرع القلب في العالم، والطائرات، والاحتياطات، والاستعدادات.. إلخ، إلا أن القلب توقف، ومات صاحبه للحظات، لكن عمره لم يكن قد انتهى بعد، وكانت العناية الإلهية فوق الجميع، وعاد القلب الى العمل، ونجحت عملية زرع قلب جديد. تحدث بهجت عن اللحظات التي عاشها بعد أن أكد له الأطباء أن لا فائدة من العملية الجراحية، وقاموا بإلغاء اسمه من قائمة انتظار العمليات، وكيف استقبل كلام الأطباء بأن لم يتبق أمامه من العمر سوى أيام بل ساعات معدودة؟ وكيف تقبل حقيقة الموت؟ وكيف رأى الملايين التي جمعها بعرقه وجهده طيلة أكثر من أربعين عاماً أمام عينيه دولاراً دولاراً، وجنيهاً جنيهاً، وكيف مرقت عشرات المشروعات العملاقة وتلاشت واندثرت أمام عينيه وهو يواجه اللحظات الأخيرة من عمره، ولم يتبق في ذاكرته منها إلا ما نذره لوجه الله الكريم من أعمال خير. في مثل هذه اللحظات.. في ماذا يفكر الإنسان؟ وبعد أن يعيش ويكتب له ميلاد وعمر جديدين، كيف يرى الحياة ؟ تساؤلات عديدة عشتها مع صاحب التجربة، لكنني توقفت معه عند وصيته بالتبرع بأعضاء جسمه للآخرين عند وفاته، وكيف آمن بهذه الفكرة وجدواها ولاسيما بعد الفتوى الشرعية بإجازتها، والدعوة إلى فتح بنوك الأعضاء البشرية في مصر والعالم العربي. توقفت أيضا أمام مشاعره الجديدة لقلبه المجهول، وكيف يشعر بالحياة بقلب رجل آخر، وهل المشاعر المتباينة من حب وكره وأحاسيس وعواطف أخرى مقرها القلب؟ إجاباته ذكرتني بالجدل الفلسفي القديم، هل المشاعر مصدرها القلب أم العقل؟ وقبل أن أجيب عدت الى التفكير في الموت، ونسيت أو تناسيت هذا الجدل ولو مؤقتاً، ولم أدرك سوى حقيقة واحدة، أن العمر أقل من لحظة، بل حسب نظرية العالم أحمد زويل، يمكن القول إن العمر «فيمتو ثانية»، لكن الكارثة، بل والنعمة في نفس الوقت» أن الانسان منا سريعاً ما ينسى!». المحرر dunia@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©