السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أستراليا: الركود الاقتصادي والسجال السياسي

17 يونيو 2016 23:45
تعهد مالكولم تورنبول رئيس وزراء أستراليا بأن يجعل الناخبين في شرق سيدني يفخرون بشاطئ بوندي بأمواجه الجياشة وجيب خليج واتسون المجاور للميناء. أما قصر هذا المصرفي السابق المواجه للمياه، فهو يقع بين منازل أغني الأسر في أستراليا. ويستغرق الأمر قيادة السيارة لمدة ساعة إلى جزيرة بينريث، حيث يوجد عالم آخر. فهنا في الامتداد المنخفض لمدينة سيدني الغربية، يقول «أندرو آشلي»، إنه عاش في مأوى مؤقت في خميلة لمدة عام، معتمداً على المساعدات الغذائية وإعانات البطالة. ولم تصل أنباء تولي «تيرنبول» المسؤولية إليه إلا منذ أسبوع واحد، ويعد صانع السقالات السابق هذا، البالغ من العمر 36 عاماً، وجهاً آخر من الفجوة الاقتصادية التي تقسم سكان سيدني إلى قسمين، فيما تقترب انتخابات 2 يوليو، لتكذب صور المدينة المزدهرة التي تطل على الميناء. وخارج الغرب، يبدو أن شعار «تيرنبول» المليونير عن توفير فرص العمل وتحقيق النمو ليس مقنعاً للغاية، وفي كثير من المجالات، من الصعب رؤية مزايا أستراليا التي ظلت 25 عاماً خالية من الركود. ويقول «آشلي»، بعد أن تناول طعامه في مطبخ خيري بالقرب من محطة قطار بينريث: «إنني بحاجة إلى استراحة كي أتمكن من الوقوف على قدمي»، إن حزب العمل المعارض له صوت مسموع، «يبدو أنهم يساعدون الناس الذين يكابدون في الحياة». إن الغنى والفقر متشابكان في كل مدينة، والهوة التي بين سيدني وضواحيها الغربية بعيدة جداً عن التجانس، ولكن خطاً من عدم المساواة يمتد غرب جسر ميناء المدينة. وإذا واصلت السير، ستجد أن الدخول وأسعار العقارات تنهار، فيما ترتفع معدلات الجريمة والبطالة، وتضم المنطقة 2,12 مليون نسمة، أي ما يقرب من نصف سكان المدينة. وقد أظهر تقرير أعده برلمان مدينة ساوث ويلز الجديدة، أن هناك عدداً قليلًا جداً من فرص العمل لسكان سيدني الغربية، مقارنة بالفائض في باقي أنحاء المدينة. كما أن مستويات التعليم في منطقة سيدني الغربية أقل، وعدد الشركات المحلية ينهار بسرعة، وأكبر قطاع اقتصادي -وهو التصنيع- آخذ في التقلص، وفقاً للتقرير. وتضم دائرة الناخبين في لندسي، التي تقع بها بينريث، نحو عشرة مقاعد يخاطر الائتلاف بفقدانها في الانتخابات، كما تعد ساحة رئيسية للمعركة بالنسبة لزعيم حزب العمل بيل شورتين، الذي يعتمد في حملته على مشاكل التعليم والصحة، إلى جانب تيرنبول الذي يقترح تخفيض الضرائب بالنسبة للشركات وأصحاب الدخول المرتفعة. وتظهر استطلاعات الرأي ارتباطاً بين الجانبين. ويقول ديفيد بورتشل، وهو مؤرخ سياسي في جامعة غرب سيدني في بينريث، إن: «المشكلة بالنسبة لتيرنبول ليست أنه لا يمتلك كثيراً من المال، ولاسيما أنه جمعه بنفسه، إنه إحساس بأنه بعيد كل البعد عن تحقيق ما يريد». ويضيف أن المنطقة انتقلت من صورة نمطية استمرت لفترة طويلة للتجار وهم يرتدون القمصان ويقودون سيارات بمحرك ذي ثماني أسطوانات. وتتميز مدينة ليدنسي بالأسر الحريصة على الحصول على فرص أفضل لأبنائها، ويشعر السكان بحساسية على وجه الخصوص فيما يتعلق بعافية الاقتصاد. وأشار بورتشل إلى أن «الناس لا يهتمون بأن يصبح الأثرياء أكثر ثراء، ولكن عندما تجد أن الفوارق في الدخل تتسع، وأن هناك حالة من الركود في الدخول الحقيقية، فإن هذا يؤدي إلى كثير من الاحتقان». إن الفجوة بين الأغنياء والفقراء تتسع، بحسب ما تظهر بيانات الحكومة. ويضم حي «بوينت بايبر» الذي يقطن به تيرنبول، في دائرة وينتوورث الانتخابية، أعلى معدلات الدخول الخاضعة للضرائب والتي تبلغ 200,015 دولار أسترالي (147 ألف دولار) سنوياً. وقد تضاعف هذا الرقم خلال عشر سنوات. وفي بينريث، بلغ هذا الرقم 53,192 دولار أسترالي، مقابل 35,516 قبل عشر سنوات. ومن ناحية أخرى، ارتفعت معدلات السرقة بنحو ثلاثين ضعفاً في منطقة بينريث، وفقاً لمكتب نيو ساوث ويلز للإحصاء والجريمة والأبحاث. أما معدل البطالة، فقد كان 8,3 في المئة في ديسمبر 2015، بينما يبلغ 1,7 في المئة في ضواحي وينتوورث المطلة على الساحل. «كنت أود أن أقول، إن الأمور تحسنت، ولكنها لا تشهد تحسناً في الواقع»، هذا ما تقوله «كاثي كريج» التي تدير مطبخاً في بينريث يقدم وجبات الغداء طوال الأسبوع لنحو 100 شخص، بما في ذلك أسر بأكملها إلى جانب المشردين والمدمنين. وأضافت أن «هناك شريحة أوسع الآن تفكر في العودة إلى حزب العمل في الانتخابات». ومن جانبه، يحاول رئيس الوزراء، الذي كان يشغل منصب المدير التنفيذي لبنك «جولدمان ساش»، مواجهة مزاعم المعارضة. وفي يوم الاثنين الماضي، عرض مقطع فيديو يذكر فيه أنه نشأ مع أب كان يمتلك القليل من المال، كما يروج تيرنبول أنه يستخدم المواصلات العامة لكي يقترب من المواطن الأسترالي العادي. *كاتب متخصص في الشؤون الآسيوية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©