الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حلم الأمومة

حلم الأمومة
20 مارس 2011 19:49
المشكلة: عزيزي الدكتور : أنا سيدة متزوجة أبلغ من العمر 40 عاماً. تزوجت منذ سبع سنوات فقط، ولم يكتب لنا الله الذرية، ولجأت الى العلاج في كثير من المستشفيات. وجربت أطفال الأنابيب، ولم يكتب لها الله النجاح لحكمة يعلمها الله، مع العلم بأن جميع الأطباء أكدوا عدم وجود مانع طبي للإنجاب سواء لي أو لزوجي. لذا أريد أن أعيد تجربة اطفال الأنابيب مرة أخرى قبل فوات الأوان. أنا إنسانة متدينة ومنحني الله محبة الناس ولله الحمد، وأعمل في وظيفة محترمة، ومحبة لعمل الخير وبر الوالدين وأسأل الله دائما ألا يحرمني من الذرية الصالحة فأنا أحب الأطفال جدا. وعلى قناعة تامة وإيمان أن هذه المشكلة ابتلاء من الله جلت قدرته. لكن زوجي غير متحمس لإعادة المحاولة مرة أخرى، ومن حين لآخر أستشف نيته في الزواج، وليس لديّ مانع من زواجه فأنا انسانة مؤمنة والحمد لله، ولن أنال من الدنيا أكثر من نصيبي، لكن نفسي أكون أماً. وهو معارض ولا أريد الانفصال عنه بسبب عدم الانجاب أو معارضته لي في العلاج. فهو انسان طيب ومتدين وفي نفس الوقت قلبي يعتصر ألما من حرماني من الأمومة. أنا في حيرة من أمري، واستخرت الله كثيرا وأسأله سبحانه وتعالى أن يكتب لي الخير ويرشدني الى الطريق الصحيح. مع العلم أنني استخدمت معه كل الأساليب من لين وشدة وهددته بالانفصال أحياناً، وبكيت له وتوسلت أن يتركني أكرر تجربة العلاج لكنه يرفض ويطلب أن أنسى الموضوع. فبم تنصحني جزاكم الله خيراً. سميحة س النصيحة: مشكلتك شبيهة بمشاكل عديدة تتعلق بأمر الإنجاب وان اختلفت التفاصيل، وأقدر تماماً أهمية مشاعر الأمومة لدى أى أنثى، ودائما نتمسك بالأمل مادامت عقارب الزمن تمضي ولا تتوقف. إنه الحلم المشروع لكل زوجة في أن تكون أماً. إن ما ذكرته لا يعني بأنني أؤيدك أو أعارضك بما تريدين وتتحرقين لفعله. لكن عليك أن تتفهمي أنك جربت طفل الأنابيب مرة ولم ينجح، وقد تقولين بأن الطبيب أكد لك بأن لا مانع عندكما، وأن هناك أملا كبيرا في المرة المقبلة. لكن دعيني أهمس في أذنك بأمر قد لا تجهلينه، وهو أن كثيرا من الأطباء، خاصة المتخصصين في هذا المجال، يبالغون في كلامهم ووعودهم، وذلك لأهداف مادية بحتة، من دون مراعاة لمشاعر المرأة المتشوقة لأن تكون أماً. والثاني لأنني أرغب في تجنيبك مرارة الألم مرة أخرى في حال الفشل لا سمح الله. فتصوري أنك قمت بالمحاولة من جديد وبدأت عملية الانتظار والترقب والأمل ثم جاءت النتيجة عكس ما تشتهين.. فماذا سيكون موقفك عندئذ؟ طبعاً ستعودين لموجة جديدة من الألم والحزن والبكاء والاستعطاف ومحاولة اقناع زوجك بإعادة المحاولة وتتذللين وتبكين وما إلى ذلك من أمور. وكل هذا إلى أين سيؤدي ؟ إلى نقطة وحيدة لا بديل عنها، وهي تقبل الأمر الواقع وتسليم الأمر إلى الله عز وجل الذي يقول : (للَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرض يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) لا مانع من التمسك بالأمل، إنما أنصحك بأن تتوقعي الإخفاق قبل النجاح، وتتركي أمرك إلى الله عز وجل وأن تتقبلي ما حصل معك بقلب راض وصابر، وتأكدي بأنه سبحانه وتعالى لم يبتليك إلا لأنه يحبك. فاقبلي هذا الأمر وتوكلي عليه وتمتعي بحياتك واشغلي وقتك. وإذا كان موضوع الأطفال يهمك كثيرا يمكنك أن تتكفلي أحد الأطفال ممن يحتاجون إلى من يهتم بهم، وهؤلاء كثر في دور الرعاية الاجتماعية. تكفلي بمصاريفه ورعايته وزوريه باستمرار واغدقي عليه حبك وحنانك، فليس صحيح بأن الحب والحنان الذي يمكن ان تمنحه المرأة ينحصر في الأطفال الذين هم من صلبها فقط ... ففكري بأن كل أطفال العالم هم أطفالك واسعي إلى زرع بسمة على وجه طفل حرم من حنان وعطف أمه. ويجب أن ألفت انتباهك إلى أن كثرة الإلحاح على زوجك والتذلل له أو تهديدك إياه وما إلى ذلك من وسائل ضغط تستخدميها. فإن مثل هذه الأمور قد تسيء إلى علاقتكما معا في المستقبل، فمن جهتك أنت فقد لا تسامحيه على رفضه السماح لك بالمحاولة مجددا، مما يترك شرخا بينكما لا يندمل بسهولة. ومن جهته هو، فقد ينزعج من إصرارك على الموضوع الذي قد حول حياتكما إلى جحيم وتأكدي بأنك إذا كنت تألمين فإنه يتألم مثلك، ولكن الفرق بينكما أنه رضي بقضاء الله وقدره واقتنع بما كتبه الله لكما ، بينما لا زلت إلى الآن عاجزة عن الاقتناع بهذا الواقع.. وهذا حقك، لكن تحقيق هذا الأمر ليس بيدك وحده، فأنت بحاجة إلى موافقة زوجك لإجراء العملية، وبما أنه لا يرضى بهذا الأمر على رغم محاولاتك المتعددة معه، فليس من خيار أمامك إلا الرضوخ والرضا إلى أن يأتي الله أمرا كان مفعولاً. مع أطيب التمنيات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©