يفضل المواطن سالم الدرمكي عند مرض ابنه ذي الثلاثة أعوام أن يصطحبه إلى الصيدلية لصرف الدواء اللازم، متجنباً قدر استطاعته التوجه إلى عيادات الأطفال بإمارة رأس الخيمة التي غالت في أسعارها كثيراً في العامين الأخيرين.
ويقول الدرمكي إنه بات يتوجه إلى الصيدلاني لتشخيص مرض ابنه وشراء الدواء، بعيداً عن الأطباء والعيادات الخاصة، خصوصاً بعد الارتفاع الكبير في أسعار العيادات الخاصة بنسبة تصل إلى 40%.
ويشتكي مراجعو العيادات الخاصة في رأس الخيمة من ارتفاع الأسعار، موضحين أن المتوجه إلى إحدى العيادات الخاصة يجب أن يضع في عين الاعتبار أنه سيدفع أكثر من المتوقع بمرتين، خصوصاً أن العيادات تفرض رسوماً بمئات الدراهم مقابل الاستشارة الطبية فقط.
ويقول أيمن حامد الزعابي، في الثلاثينيات من عمره، إنه ينفق مبالغ كبيرة من مرتبه الشهري على مراجعات الأطباء والعيادات الخاصة، لافتاً إلى أن التأخير والازدحام في المستشفيات الحكومية يجبره على مراجعة العيادات الخاصة.
ويتابع: “لجأت إلى عيادة خاصة يشرف عليها طبيب عام، متوقعاً أن تكون قيمة الكشف الطبي منخفضة كون الطبيب غير متخصص، لكنني تفاجأت بأن قيمة الكشف 400 درهم”.
أما مريم الظهوري، وهي ربة منزل وأم لخمسة أبناء، فتقول إن أبناءها مصابون بحساسية الجيوب الأنفية، وتتطلب حالتهم الصحية مراجعة دائمة للأطباء، وهو ما يعني أن العيادات الخاصة تستنزف جيوب الآباء.
وتمنت الظهوري من مفتشي العيادات الخاصة بالمنطقة التدخل بالأمر وضبط الأسعار وحل مشكلة المراجع والمريض في هذه الكارثة التي في كل عام تتفاقم وتزيد دون ضوابط أو قيود.
ويبرر الأطباء والعاملون في العيادات الخاصة أن هناك علاقة طردية بين ارتفاع الأسعار بالعيادات وارتفاع إيجارات العقارات وتكاليف المعدات الطبية والتقنيات المستخدمة في العيادة أو المركز الطبي وأجور الفنيين والصيانة وأجور الممرضين بالعيادة والتي كانت الأزمة الاقتصادية العالمية سبباً في رفعها في كل المجالات وليس فقط في العيادات الخاصة.
ويقول الدكتور أمجد زعرور، اختصاصي أمراض جلدية وتناسلية، إن العيادات والأطباء هم المتضررون بالدرجة الأولى من ارتفاع تكلفة الطب، فالمراجع لديه أكثر من خيار إذا لم يناسبه السعر في العيادات، فإمكانه البحث عن عيادات أخرى أو اللجوء إلى الصيدلية لشراء الدواء، حيث يقع الطبيب في مشكلة قلة عدد المراجعين وانحسارها على فئة محددة من الناس وبالتالي يحدث عجز في مدخول العيادة.
ويوضح عادل خالد، طبيب عيون، أن الزيادة التي يراها المراجع كبيرة ما هي إلا زيادة بسيطة مقارنة بالتكاليف والالتزامات الأخرى التي تقع على عاتق الطبيب، مشيراً إلى أن هناك عيادات ترفع أسعارها بنسبة 40%، مقابل عيادات ترفع أسعارها بنسبة 20%. وأشار طبيب العيون إلى أن أهم المعايير الطبية التي تميز عيادة عن غيرها، هو الأجهزة والمعدات الطبية المستخدمة، موضحاً أن بعض العيادات تستورد معدات بعشرات الآلاف سواء كانت أجهزة تعقيم أو أجهزة جراحة وغيرها، بالمقابل هناك عيادات تتضمن أجهزة بتكلفة أقل، فضلاً عن أن تكلفة الإيجارات وحداثة المبنى الذي يستنزف بدوره ثلاثة أرباع المدخول السنوي على حد تعبيره.
وأكد موظفون في قسم التراخيص الطبية بمنطقة رأس الخيمة الطبية أن القسم يقوم وبشكل دوري بعمل تفتيشات على جميع العيادات الخاصة والمراكز الخاصة بالإمارة والبالغ عددها 40 مركزاً صحياً خاصاً مع مختبرات طبية و23 عيادة أسنان عامة و17 عيادة تخصصية (الأنف والعيون والأذن والحنجرة) و19 عيادة ممارس عام، و25 مركزاً تأهيلياً للنظارات وجميعها يتم متابعتها وتسجيل المخالفات إذا وجدت ورفع تقارير عن كل منشأة وفي حالة وجود مخالفات مغايرة لقانون الترخيص الذي أصدرته وزارة الصحة يتم إنذار العيادة ومخالفتها. وأكد الموظفون أن المتابعات الدورية التي تقوم بها إدارة المنطقة بينت انخفاضاً ملحوظاً في المشاكل والسلبيات الموجودة بالقطاع الخاص وارتفاع الجودة في الخدمات المقدمة، وذلك بعد تدشين برنامج منح التراخيص الطبية برعاية وزارة الصحة الفترة الماضية بالنسبة للمراكز والعيادات غير الحكومية، مشيرين إلى أن البرنامج يهدف إلى توفير أكبر عدد ممكن من الممرضين وتسهيل عقود التراخيص الطبية الخاصة بالعيادات غير الحكومية بالتعاون مع إدارة المهن الطبية بالوزارة لتذليل العراقيل والصعوبات التي يواجهها أطباء القطاع الخاص ورفع مستوى الخدمات ذات تقنية عالية.
يذكر أن الإدارة ربطت الأعوام الماضية نظام تجديد الرخص الطبية المهنية بعدد الساعات وحضور الطبيب والممرض لبرامج التعليم المستمر بالقطاعين الحكومي والخاص، وذلك استناداً لقانون مزاولة مهنة الطب التي أخذتها الإدارة بعين الاعتبار بمسألة إعادة تجديد الرخصة، خصوصاً أن الوزارة تقوم وبشكل مباشر بالدعم والإشراف على البرامج التدريبية والمؤتمرات والمحاضرات لتقديم أفضل الخدمات الطبية التي تتوافق مع المعايير العالمية.
عدد اليوم
