الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أبريل المقبل: حقبة جديدة مع انعقاد الدورة الأولى للجمعية العامة لـ «ايرينا»

أبريل المقبل: حقبة جديدة مع انعقاد الدورة الأولى للجمعية العامة لـ «ايرينا»
20 مارس 2011 21:00
بقلم: الدكتور سلطان أحمد الجابر مع تصاعد وتيرة الاستعدادات التي تقوم بها دولة الإمارات العربية المتحدة، لاستضافة الاجتماع الأول للجمعية العامة للوكالة الدولية للطاقة المتجددة، تتجه أنظار العالم في شهر أبريل المقبل إلى إمارة أبوظبي التي ستشهد ولادة حدث تاريخي متميز سيعزز من مكانة الدولة على الصعيدين الإقليمي والدولي وسيضاف إلى سجل إنجازاتها الحافل في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية. وسيجتمع ممثلو 148 دولة ومنظمة الاتحاد الأوروبي للاحتفاء بانعقاد الاجتماع الأول للجمعية العامة واعتماد أبوظبي مقراً دائماً للأمانة العامة لـ (آيرينا)، لتصبح العاصمة الإماراتية بذلك، أولى الحواضر العربية الحاضنة للمقر الرئيسي الدائم لأحد أبرز المنظمات الدولية المتخصصة خارج منظومة هيئة الأمم المتحدة، ولتنتهي بذلك فترة التحضير والإعداد وتبدأ حقبة جديدة من العمل ضمن إطار منظمة دولية فاعلة. ويعكس هذا الحدث ثقة العالم الكبيرة في دولة الإمارات وجهودها الرائدة في مجال الطاقة المتجددة. وعلى المستوى الاستراتيجي، فإن اختيار أبوظبي من قبل 148 دولة مقراً لـ “آيرينا”، يرسخ جاذبية الدولة كوجهة للأعمال والاستثمار، ويؤكد على مكانة الإمارة الرائدة كمركز لقطاع الطاقة المتجددة العالمي. ولم يأت اختيار دولة الإمارات من قبل هذه الكوكبة الكبيرة من الدول كمكافأة أو تقدير لمساعيها المبذولة لتعزيز الحوار الدولي الرامي للنهوض بهذا القطاع فحسب، بل هو استحقاق تم نيله بكل جدارة، وهو إنجاز يحق لكل إماراتي بأن يفخر به، وقد جاء كمشتقة جزئية من جهود الدولة المبذولة للنهوض بواقع ومستقبل أبناء هذا الوطن المعطاء وأجياله القادمة، وفق الرؤية السديدة لقيادتنا الرشيدة التي أرست دعائم التنمية والتميز في شتى المجالات. أول منظمة دولية كبيرة تستضيفها دولة عربية وقد استطاعت دولة الإمارات من خلال هذا الإنجاز أن تكسر العرف السائد المرتبط باستضافة مقرات الوكالات الدولية في دول العالم المتقدم حصرياً، الأمر الذي سيسهم في ترسيخ رسالتها إلى العالم أجمع حول جدوى الجهود الرامية للجمع بين الفكرة والتطبيق العملي، والقادرة على إيجاد التوازن الأمثل بين طرفي المعادلة البيئي والاقتصادي، وما لها من آثار وانعكاسات إيجابية على العالم وعملية التنمية المستدامة للعقود القادمة. لقد استطاعت دولة الإمارات وفي فترة قصيرة من الزمن أن تؤكد على مكانتها كأحد أبرز اللاعبين في قطاع الطاقة التقليدية على الصعيدين الإقليمي والدولي، الأمر الذي مكنها من بناء مخزون واسع من الخبرات والكفاءات المشهود لها في القطاع، فهذه البنية التحتية المتطورة والتكنولوجيا المتقدمة التي تم توظيفها للنهوض بواقع ومستقبل هذا القطاع الحيوي، سيتم استغلالها لتعزيز قدرة الدولة على دعم الصناعات الواعدة ومن أبرزها قطاع الطاقة المتجددة والبرامج الرديفة المرتبطة بها. ولطالما أظهرت القيادة الرشيدة لهذا البلد المعطاء التزاماً حقيقياً ومتواصلاً تجاه استضافة (ايرينا) وإنجاح برامجها المستقبلية، الأمر الذي تجلى بالجهود الكبيرة التي تم بذلها بعد تسمية العاصمة أبوظبي مقراً لها قبل عام ونصف، حيث أوعز سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، بتأسيس إدارة مختصة بشؤون الطاقة وتغير المناخ في الوزارة لتضطلع بمسؤولية المتابعة والتنسيق مع الوكالة والإشراف على ملف تأسيس مقرها الدائم في العاصمة أبوظبي. وتلعب الإدارة دوراً دبلوماسياً رئيسياً باسم دولة الإمارات في جميع المفاوضات الدولية بشأن تغير المناخ، لاسيما ضمن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ. وتعكف الإدارة بجهود القائمين عليها على تقديم الدعم اللازم لتمكين الدولة من المشاركة الفاعلة في جميع اجتماعات الوكالة الدولية بصفتها إحدى الدول الأعضاء فيها، كما أشرفت على عملية التنسيق مع بقية الدول المنطوية تحت مظلة الوكالة لضمان تلقيها الدعم الكافي من قبلهم لتمكينها من المضي قدماً في خططها المستقبلية. وخلال الأشهر الثمانية عشر الماضية، استطاعت إدارة شؤون الطاقة وتغير المناخ أن تحقق تقدماً ملحوظاً في دعم البرامج التأسيسية لـ (ايرينا)، ومن أبرزها الانتهاء من إعداد برنامج الدعم المالي المقدم من صندوق أبوظبي للتنمية لصالح الوكالة، إضافة إلى وضع الصيغة النهائية لمذكرة التفاهم والتعاون المشترك بين (ايرينا) وكل من “معهد مصدر” و”مدينة مصدر”، وذلك لدعم برامج البحث العملي والأنشطة البحثية المستقبلية للوكالة من جهة، والمشاركة الفعلية في وضع اللمسات النهائية الخاصة بالمقر الدائم للوكالة الدولية، والذي ستحتضنه مدينة مصدر في إمارة أبوظبي في عام 2014 من جهة أخرى. ولا يفوتني هنا، أن أنوه بالدعم الكبير الذي حظيت به الإدارة والبرنامج التأسيسي لـ(ايرينا) من قبل القيادة الرشيدة وصناع القرار في الدولة، والعديد من الوزارات والهيئات الحكومية الاتحادية والمحلية على حد سواء، إضافة إلى مؤسسات القطاع الخاص، التي لم تدخر جهداً في تذليل كافة التحديات لإنجاح هذا البرنامج الحيوي. ومن الأهمية بمكان أن أشير هنا إلى أن الدور الإماراتي في عملية تأسيس الوكالة الدولية لم يقتصر على الدعم اللوجستي والفني فحسب، بل تعداه للترويج لها وتوظيف العلاقات الدبلوماسية المتميزة التي تتمتع بها الإمارات مع بقية أعضاء المجتمع الدولي، حيث لعبت الدولة دوراً محورياً أسهم في مضاعفة عدد الأعضاء في الوكالة منذ عام 2009 ليصل إلى 149 عضوا، في حين ارتفع عدد الدول المصادقة على ميثاقها التأسيسي إلى 66 دولة. مبادرات عملية لتطبيق الأهداف الاستراتيجية إلى ذلك، تبنت الدولة العديد من المبادرات التي من شأنها أن تسهم في تعزيز قدراتها في قطاع صناعة الطاقة المتجددة ومكافحة الآثار السلبية لظاهر التغير المناخي، إضافة إلى دعم البرامج المستقبلية لـ (ايرينا)، والتي يعد من أبرزها مواصلة العمل على مبادرة “مصدر” متعددة الجوانب والتي تعمل على تقدم تطوير تقنيات وحلول الطاقة المتجددة وإنتاجها التجاري وتطبيقها، فضلاً عن بدء العمل على واحدة من أكبر محطات توليد الطاقة الشمسية في العالم في إمارة أبوظبي، وصولاً إلى تطوير منظومات للتبريد باستخدام الحرارة الأرضية في مدينة “مصدر”. وتقوم الإمارات العربية المتحدة بالعمل على رفع كفاءة استهلاك الطاقة في الدولة والتي تقع في صلب الإستراتيجية الوطنية للطاقة، وهو ما يتجلى عبر العديد من الأمثلة، بما فيها التقنيات المتطورة التي تم استخدامها في “مدينة مصدر”، ومعايير المباني الخضراء في دبي. كما أطلق “مجلس أبوظبي للتخطيط العمراني” البرنامج الجديد “استدامة” وهو أول معيار يأخذ بعين الاعتبار ظروف المنطقة والمناخ في الدولة. إلى ذلك، يعتبر قطاع النقل من أكثر مسببات الانبعاثات الضارة في جميع أنحاء العالم. وعليه، قامت دولة الإمارات بالاستثمار في نظم جديدة للنقل الجماعي، مثل نظام السكة الحديدية الخفيفة في دبي، وشبكة القطار السريع المقترح إنشاؤها والتي تربط إمارات الدولة جميعها مع بقية دولة مجلس التعاون الخليجي. وتعمل دولة الإمارات حالياً على دراسة مشروع لالتقاط وتخزين الكربون، حيث يمثل التقاط الكربون وتخزينه وسيلة لتخفيف حدة تغير المناخ من خلال التقاط غاز ثاني أكسيد الكربون (CO2) من مصادره الرئيسية ثم تخزينه بأمان تحت الأرض بدلاً من إطلاقه إلى الغلاف الجوي. ويمكن لنظام التقاط الكربون وتخزينه أن يكون له تأثير إيجابي كبير عند حقنه في حقول النفط بدلاً من الغاز الطبيعي المستخدم حالياً مما يسهم في إطالة أمد استغلال ثرواتنا الهيدروكربونية. ونظراً للأهمية المتزايدة التي تحظى بها قضية المناخ في السياسة المحلية والخارجية لدولة الإمارات، فقد تم تأسيس اللجنة الوطنية لتغير المناخ، والتي تضطلع بمسؤولية صياغة وإعداد توجه استراتيجي واضح لسياسة التصدي لتداعيات تغير المناخ على المستوى الوطني. وفي الآونة الأخيرة، لعبت دولة الإمارات دوراً مهماً في نجاح المؤتمر السادس عشر للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في كانكون، المكسيك. وأسهم دعم دولة الإمارات لاتفاق كوبنهاجن العام الماضي في ضمان مكانة مرموقة لها بين دول مجلس التعاون الخليجي، ومكنها من القيام بدور رائد خلال مؤتمر كانكون. وفي إشارة تعكس التقدير الدولي المتزايد للدور الذي تقوم به أبوظبي و”مصدر” في مجال الطاقة النظيفة، تم مؤخراً اختيار “معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا” لتمثيل المؤسسات البحثية في دول مجلس التعاون الخليجي في مشروع شبكة الطاقة النظيفة المشترك بين دول المجلس والاتحاد الأوروبي. ونحن في دولة الإمارات نعي تماماً وندرك طبيعة وحجم التحديات الكبيرة التي يواجهها العالم اليوم، فجاءت هذه الجهود لتقديم الحلول الملائمة لمجابهة تلك المتطلبات الملحة وتطبيقها على أرض الواقع، من خلال بناء نموذج قادر على إحداث معدلات تنمية مستدامة من خلال تلبية متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للحاضر دون المساس باحتياجات أجيال المستقبل وذلك عبر الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية. وبطبيعة الحال، فإن تطوير القدرات في مجال الطاقة المتجددة يصب مباشرة في صالح التنمية المستدامة التي تشكل المحور الأساسي لرؤية الدولة الإستراتيجية القادرة على إيجاد الحلول المثلى وتحويل التحديات إلى فرص مجزية. إنجازات كبيرة في فترة قياسية وعطفاً على ما سبق، وبعد هذا الاستعراض السريع لبعض الجهود الكبيرة التي بذلت من قبل دولة الإمارات للوفاء بالالتزامات التي قطعتها على نفسها قبل عام ونصف، فلا يسعنا إلا أن نشعر بالفخر لما تم تحقيقه وإنجازه خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة، آخذين بعين الاعتبار أن متوسط الفترة اللازمة للإعداد والتحضير لإنشاء المنظمات والوكالات الدولية لتكون قادرة على بدء العمل في برامجها يتراوح بين 8 إلى 10 سنوات. موعدنا مطلع الشهر المقبل، للإعلان عن الإطلاق الرسمي للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا)، وانعقاد أول جمعية عامة لها في مقرها الدائم في إمارة أبوظبي. هذا الإنجاز الكبير الذي نفاخر به الأمم، ليكون أحد العلامات الفارقة في سجل الاستحقاقات التاريخية لدولة الإمارات. ? المبعوث الخاص لشؤون الطاقة وتغير المناخ والرئيس التنفيذي لـ”مصدر”
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©