إعصار تايوان .. دموع في عيون الأبرياء

زائر ثقيل ذلك الذي حلّ على جزيرة تايوان الوادعة في الثامن من شهر أغسطس الجاري، بل هو كارثة حقيقية هبطت على سكانها على حين غرّة، ومن سماء صافية، فقتلت المئات، وشرّدت الألوف من سكانها في غمضة عين. لقد كانت تايوان في ذلك اليوم على موعد مع إعصار أهوج، أو وحش أعمى لا يفرّق بين الشجر والبشر، أسقط من الأمطار في ساعات قلائل ما يمكن أن يشكّل نهراً غزيراً. وجرفت سيوله كل شيء، وطمرت وحوله المئات، وتحولت مآسيه إلى نهر من الدموع يسيل في عيون أطفال أبرياء روّعتهم المأساة. وفي ذلك اليوم المشهود، سقطت على الجزيرة 3 أمتار كاملة من الأمطار (300 سنتيمتر في المتر المربع، أو 3 أمتار مكعّبة في المتر المربع)؛ وهي كمية تفوق مجموع ما يتساقط من أمطار في دول حوض البحر المتوسط خلال سنتين. وسرعان ما تحولت الأرض إلى لجّة من المياه والسيول والأوحال المندفعة بقوّة والمتلاطمة بعنف. جرفت التربة، وحطمت الجدران والطرق والجسور، ودفنت قرى بأكملها. وكان ذلك اليوم هو الأسوأ في تاريخ هذا النمر الآسيوي (تايوان) حتى قال الرئيس التايواني يوم الجمعة الماضي إنه أسوأ من الإعصار المهول الذي ضرب الجزيرة عام 1959 وخلّف 667 قتيلاً و1000 مفقود. ولم يكن هذا كل شيء؛ إذ تحدثت الأنباء الواردة صباح أمس الإثنين (17 أغسطس) عن تسجيل زلزال عنيف في الساعة الثامنة والدقيقة السادسة بقوة 6.7 درجة على مقياس ريختير في أعماق المحيط المجاور للشاطىء الشرقي للجزيرة، أثار الهلع بين الألوف من رجال الإنقاذ الذين ما زالوا يبذلون قصارى جهدهم لإنقاذ السكان المعزولين في القرى الواقعة وراء الجسور المهدّمة. وتعمل الآن وحدات إنقاذ عسكرية مشتركة تابعة للبحرية الأميركية والصينية وبدعم من أساطيل الطائرات المروحية على نقل السكان المعزولين إلى المناطق الآمنة.