الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

7 ملايين طلب لشغل 450 ألف وظيفة في مصر

7 ملايين طلب لشغل 450 ألف وظيفة في مصر
20 مارس 2011 21:13
يواجه البرنامج القومي المصري للتشغيل، الذي أطلقته وزارة المالية منذ أيام، ضغوطاً لتنامي عجز الموازنة وكثرة مقدمي طلبات التشغيل الذين بلغ عددهم 7 ملايين طلب، بحسب الأرقام المعلنة. وعلى الرغم من أن الحكومة المصرية تسعى لبدء تنفيذ البرنامج من شهر أبريل المقبل، بحيث يتم تسكيـن عـدد محـدد كل شهر في الوظائف المتاحة بالجهاز الإداري للدولة وشركات القطـاع الخاص وقطاع الأعمال العام، فإن الوظائف المتاحة لا تلبي طموح الراغبين في الحصـول على وظائف، لأن الحصر المبدئي كشـف عن توفير 450 ألف فرصة عمل فقط خـلال العـام الجـاري، سـوف يستــوعب الجهـاز الإداري للدولة المصرية أكثر من 60% منها. وعلى الرغم من رهان الحكومة على القطاع الخاص المحلي، لاستيعاب جزء من هذه الطلبات، فإن الركود، بمعظم شركات القطاع الخاص الصناعية أو الخدمية، يحول دون مسـاهمة الشـركــات في تنفيذ البرنامج القومي للتشغيل الذي تراهن عليه الحكومة في امتصــاص بطاـلة متناميـة شـهـدت مــزيدا من الارتـفاع بعـد أحداث ثورة 25 يناير لا سيما في مجال العمـالة الموسمـية والمؤقتة. أما شركات قطاع الأعمال العام، التي من المفترض أن تلعب دوراً في استيعاب جانب من هذه العمالة، عبر توفير 50 ألف فرصة عمل هذا العام، فإنها تعاني ضغوطاً مماثلة تتعلق بتراجع صادراتها أو توقف بعض خطوط الإنتاج ورغبة الذين خرجوا بنظام المعاش المبكر في العودة إلى مواقعهم بالشركات، ونظموا وقفات احتجاجية في الأيام الماضية لهذا الغرض، على الرغم من انتهاء علاقتهم الرسمية بهذه الشركات. أما الرهان الأخير لحكومة الدكتور عصام شرف، في الوفاء بمتطلبات البرنامج القومي للتشغيل، فهو قطاع السياحة، حيث تعتقد الحكومة بإمكانية زيادة عدد السائحين في مصر ليبلغ 15 مليوناً على الأقل خلال هذا العام، بشرط عودة البرامج السياحية، ورفع الحظر الدولي عن السفر إلى مصر، وهو الملف الذي تبذل فيه الحكومة جهداً كبيراً، وأسفر عن استجابة الولايات المتحدة وبريطانيا اللتين سمحتا لمواطنيهما بالعودة إلى مصر، بينما تواصل وزارة السياحة جهودها مع روسيا وألمانيا وإيطاليا التي تمثل أسواقاً تقليدية لجلب السائحين إلى مصر، والمتوقع صدور قرارات إيجابية مماثلة في الأسواق الثلاث خلال أيام. وتبني الحكومة رهانها، في قطاع السياحة، على أن عدد الذين تم تسريحهم من وظائفهم في هذا القطاع بفعل ثورة 25 يناير قليل للغاية، مقارنة بالقطاعات الأخرى، على الرغم من أن قطاع السياحة كان من أول القطاعات التي شهدت هبوطاً فورياً منذ الأيام الأولى لاندلاع الثورة، إلا أن الشركات العاملة في مجال جلب السياحة الخارجية ما لبثت أن نشطت واستعادت جزءاً لا بأس به من حصصها السوقية منذ منتصف مارس الجاري. ويركز القطاع السياحي المصري، في المرحلة المقبلة، على جلب أفواج من مناطق غير تقليدية في غرب أوروبا، مثل إسبانيا والبرتغال أو من مناطق شرق آسيا، لا سيما الصين، لتعويض النقص في أعداد السياحة الوافدة. وبحسب معلومات حصلت عليها "الاتحاد"، فإن وزارة المالية تقوم حالياً بتصنيف طلبات التوظيف التي تلقتها حتى 14 مارس الماضي، وبلغ أكثر من 7 ملايين طلب، معظمها من خريجي الجامعات والمعاهد العليا والمتوسطة، على أن يعقب عملية التصنيف توزيع هذه الطلبات على الوزارات المختلفة، وشركات قطاع الأعمال العام ومخاطبة اتحاد الصناعات واتحاد الغرف التجارية وجمعيات المستثمرين بهدف توفير البيانات الخاصة بالهياكل الإدارية في الشركات الخاصة، وبحث استيعاب جانب من هذه الطلبات عبر جدول زمني يمتد ثلاثة أعوام مقبلة. وعلى الرغم من الآمال الكبيرة التي يعلقها العاطلون على البرنامج القومي للتشغيل، إلا أن القدرة على الاستجابة لهذه الآمال سوف تظل محدودة على الأقل خلال فترة الركود الاقتصادي الراهنة، والتي يتوقع لها خبراء اقتصاديون أن تمتد حتى نهاية العام، وبشرط إنجاز التحول الديموقراطي المأمول، عبر إتمام انتخابات رئاسية وبرلمانية وتسليم السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة. أما العامل الثاني، الذي يمثل ضغطاً شديداً على برنامج التشغيل، فهو العجز المتنامي في الموازنة العامة للدولة، والذي من المتوقع أن يقفز من 8,2 إلى 10% هذا العام، حسب دراسات مبدئية لوزارة المالية. ففي ظل هذا العجز الكبير يصبح من الصعب توفير موارد مالية إضافية لبند الأجور، خاصة في ظل ثلاثة التزامات مالية للحكومة في هذا الشأن، وهي زيادة الأجور 15% لجميع العاملين في الجهاز الإداري للدولة من راتب شهر أبريل المقبل، وإضافة عدد كبير من العاملين الجدد إلى الجهاز الإداري، إلى جانب خطة الحكومة لصرف إعانة بطالة للمتعطلين عن العمل، وهي الإعانة التي ستدور حول 400 جنيه شهرياً لمن فقدوا وظائفهم، وليس للذين لم يدخلوا سوق العمل من قبل، الأمر الذي سوف يمثل مزيداً من الأعباء على الموازنة العامة، ويهدد قدرة الحكومة على الوفاء بمتطلبات هذا البرنامج الكبير. ويؤكد الدكتور سلطان أبو عليَّ، وزير الاقتصاد المصري الأسبق، أن عجز الموازنة أمر طبيعي في ظل الظروف الاستثنائية التي يواجهها الاقتصاد المصري، ويجب ألا يكون هذا العجز عائقاً أمام التعامل بجدية مع ملف التشغيل، لأن هذا الملف هو الأكثر إلحاحاً في هذه المرحلة، ولا بأس من السماح بنسبة عجز إضافية، ولو في حدود 1%، في مقابل امتصاص جانب من العاطلين الذين تجاوز عددهم أكثر التوقعات تشاؤماً، حيث كانت الحكومات المتعاقبة تتحدث عن ثلاثة ملايين متعطل، بينما كشف الواقع الفعلي عن 7 ملايين تقدموا بطلبات تشغيل بالفعل، ولم يشمل هذا الرقم ضحايا المعاش المبكر أو غيرهم ممن تجاوزوا سن الوظيفة من دون أن يحصلوا على عمل حقيقي أو أجر حقيقي، وهم عدد كبير أيضاً. ويشير د.سلطان أبو علي إلى أنه يمكن إعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام، بحيث يتم تخصيص موارد إضافية لبند الأجور وبرامج التشغيل، وهو أمر اضطراري، لكنْه سوف يعود بفوائد عديدة على الاقتصاد الكلي، في مقدمتها تنشيط الاستهلاك الناتج عن هذه الأجور، وتنشيط مبيعات الشركات المحلية، بما يعالج الركود الحالي. أما الدكتورة أمنية حلمي، الخبيرة بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية، فتؤكد أن البرنامج القومي للتشغيل سوف يواجه مصاعب عديدة عند تنفيذه، بعد أن بلغ عدد الراغبين في الحصول على عمل نحو 7 ملايين، وهو رقم كبير ولم يكن متوقعاً على الإطلاق، الأمر الذي يقتضي ضرورة التعامل بحكمة، حتى لا تصاب هذه الملايين من الأجيال الشابة بإحباط أو صدمة، لا سيما وأن هذه الأجيال هي التي صنعت ثورة 25 يناير، وتنتظر أن تحصل على ثمارها، ويجب ضخ المزيد من الأموال التي كانت تخصص لبنود أخرى في الموازنة العامة، وهي بنود يمكن ترحيلها لأعوام مقبلة، في مقابل امتصاص جانب من هذه البطالة. وترى أمنية حلمي أنه بالإضافة إلى ذلك فهناك ضرورة أن يتضمن البرنامج القومي للتشغيل فكرة تقديم قروض بلا فائدة وتيسيرات للشباب الراغب في إقامة مشروعات خاصة، بحيث تكون هذه المشروعات بديلاً عن الحصول على وظيفة حكومية، ومن ثم توفير فرص عمل حقيقية، تضيف إلى الاقتصاد القومي بدلاً من المساهمة في مزيد من التضخم في الجهاز الإداري للدولة، بما يعوق عمل هذا الجهاز مستقبلا أو يعزز توجهه البيروقراطي المعطل للعملية الإنتاجية.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©