الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الغزيون يستقبلون رمضان والعام الدراسي بجيوب فارغة

الغزيون يستقبلون رمضان والعام الدراسي بجيوب فارغة
18 أغسطس 2009 01:33
يبدو أن المواطن الغزي استسلـم لحالة الفقر والعوز الشديدة التي يتعرض لها في ظل انعدام العمل والحصار والفقر المتفاقم منذ أربعة أعوام خاصة بعد الحرب الأخيرة على غزة والدمار الذي أصابهم، وأصبح الحديث عن قرب موعد حلول شهر رمضان المبارك وما يرافقه من بداية العام الدراسي الجديد في غزة نوعاً من العذاب بالنسبة لرب أي أسرة لا يملك سوى أن ينتظر المساعدات التي تقدمها الجمعيات والمؤسسات لأبنائه فتلك تجود عليه ببعض الأرز وأخرى تقدم حقائب مدرسية لصغاره، ورغم ازدحام الـمحال التجارية بالحقائب الفاخرة من مختلف الأحجام والأسعار، إلا أن الفقراء ينتظرون أن تأتيهم من خلال طرود مساعدات كما اعتادوا خلال السنوات الماضية، فالأحوال الاقتصادية لغالبية سكان القطاع لا تمكنهم من شراء الـمستلزمات الـمدرسية كالزي المدرسي والحقيبة المدرسية، خصوصاً مع ارتفاع أعداد الطلبة في الأسرة الواحدة. ومع قرب افتتاح العام الدراسي الجديد، تزينت مئات الـمحال التجارية في مختلف أنحاء القطاع بآلاف الحقائب الـمدرسية القديمة والجديدة الـمهربة عن طريق الأنفاق التي تقع على الحدود المصرية الفلسطينية، وسط إحجام عن الشراء، كما يؤكد ماجد الأمين صاحب أحد الـمحال في شارع عمر الـمختار وسط مدينة غزة. ويكتفي الفقراء بالنظر ومشاهدة البضائع الـمعروضة أمام الـمحال دون السؤال عن سعرها، كما يقول أحمد الذي وقف بجانب عربة «كارو» يمتلكها يتأمل عشرات الحقائب الـمعروضة وسط تمنيات بالحصول على إحداها من قبل مؤسسة وعدته بصرف حقيبة لأحد أبنائه. وقال إنه لا يفكر في التعرف على أسعار هذه الحقائب أو الزي الـمدرسي لأنه لا يمتلك الـمال الكافي لذلك، مشيرا إلى أن تكلفة الطالب الواحد في الـمرحلة الإعدادية أو الابتدائية تزيد عن 400 شيكل (مائة دولار أميركي) ما بين زي وحذاء وقرطاسية وحقيبة. ومع ازدياد حالات الفقر في القطاع يزداد اعتماد الـمواطنين على الـمساعدات التي تقدمها عشرات الجمعيات والـمؤسسات الأجنبية التي نشطت ووسعت دائرة عملها في القطاع بعد اندلاع الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع. مشاهدة فقط أما حاجيات رمضان التي بدأت تجد طريقها إلى الأسواق فتلك تجد نفس العزوف من المواطن العادي الذي يؤكد أن عليه مشاهدة المعروضات التي تصل عبر الأنفاق وهي مرتفعة السعر أضعافا مضاعفة مقارنة بأسعارها لو كان الوضع عاديا ولم يكن هناك الحصار على غزة واستغلال التجار للفرص للمتاجرة بأقوات الشعب البائس. حازم خليل أكد أنه يستعد منذ ما يزيد على عشرة أشهر لهذا الـموسم الذي وصفه بالعصيب، موضحا أنه اشترك ومجموعة من أصدقائه وأقربائه في جمعية تعاونية، واشترط عليهم أن يتسلـمها مع بداية آب الجاري. وقال خليل إن الـمشكلة تكمن في تلاحق الـمناسبات، فكسوة الـمدارس وشراء الأدوات القرطاسية لأبنائه الثلاثة بحاجة إلى مبلغ من الـمال، كما أن شهر رمضان ومصاريفه الـمتزايدة بحاجة إلى مال أيضا، ثم سيحل عيد الفطر الذي يتطلب مصروفات كبيرة، ومن بعده عيد الأضحى ومتطلباته. وأشار خليل إلى أن كل هذه الـمناسبات الـمتلاحقة تثقل كاهله، خاصة أنه لا يجد فرصة عمل منتظمة، داعيا الله أن يعينه ليتمكن من تلبية احتياجات أسرته خلال الأشهر القليلة الـمقبلة. أما إياد حمزة وهو عاطل عن العمل منذ ما يزيد على عشرة سنوات فأكد أنه لا يتوقف عن التفكير، متسائلاً كيف سيتمكن من توفير احتياجات أسرته خلال الفترة الـمقبلة، وهو لا يمتلك الـمال الكافي. وأوضح حمزة أنه يعاني كل عام الـمشكلة نفسها، ولكن المشكلة تفاقمت هذا العام مع توافق العام الدراسي مع شهر رمضان الفضيل. رمضان أم المدارس؟ محمود النحال الذي كان يسير برفقة زوجته وأبنائه في سوق رفح أكد أن الـمشكلة هذا العام مزدوجة، فبالإضافة إلى أن الـمواسم متتالية، فإن الأسعار هذا العام مرتفعة وهو في حيرة من أمره: هل يشتري لوازم المدرسة أم يشتري حاجيات رمضان مثل التمر والحلوى، وأوضح النحال أنه كان يدخر مبلغاً من الـمال لكسوة أبنائه وتجهيزهم للـمدرسة، لكنه تفاجأ بأن ما لديه من مال لا يكفي لشراء كل ما يحتاجونه، موضحاً أنه يفكر باقتراض مبلغ من أحد أصدقائه ليتمكن من تلبية الاحتياجات الـمتزايدة لأسرته خلال الشهرين الـمقبلين. أما عمر سعيد فيؤكد أن زوجته أنقذته من مأزق حقيقي، حين فاجأته بمبلغ من الـمال ادخرته طوال العام الـمنصرم، موضحاً أن زوجته كانت تأخذ منه مبلغاً صغيراً عند استلام كل راتب بدعوى شراء حاجيات للـمنزل، وكانت تدخره، وقد توجهت إلى السوق لشراء حاجيات الـمدارس لأبنائه. وقالت الزوجة بسعادة: لو ما فعلت ذلك لما كنا سنستطيع تدبير شراء لوازم العام الدراسي لصغارنا، ولما كنا نستطيع شراء مستلزمات الشهر الفضيل من تمر وقمر دين وزبيب وملبن وغيرها. أما أم العبد فقالت: «بعت آخر قطعة ذهبية أملكها لأشتري لأطفالي مستلزمات المدرسة، أما مستلزمات الشهر الفضيل فربما يتبرع بها أهل زوجي وأهلي فهم يعرفون أوضاعنا، فزوجي بلا عمل في ظل الحصار، ولدينا خمسة أطفال». معدلات الفقر والبطالة إلى ارتفاع أظهرت التقارير الإحصائية التي تعدها منظمات حقوق الإنسان بأن معدل الفقر وصل في قطاع غزة إلى 85% وأن ما نسبته 66.7% يعيشون في فقر مدقع نتيجة للآثار الناتجة عن الإغلاق وزيادة معدل البطالة وذلك في ظل استمرار ارتفاع مؤشر غلاء المعيشة نتيجة شح الواردات وضعف الرقابة على الأسعار وانخفاض حجم الإنتاج المحلي واستمرار زيادة معدلات الإعالة الاقتصادية والفقر واعتماد الأسر الفلسطينية على المساعدات الإنسانية خاصة الغذائية منها لتجنب ازدياد نسب سوء التغذية. وأشارت نتائج التقارير إلى أن 62% من الأسر في قطاع غزة أجرت تعديلات في أنماطها الاستهلاكية كي تتماشى مع ظروف الحصار الراهن حيث أصبح ثلاثة أرباع سكان القطاع يواجهون صعوبة في توفير السلع الأساسية الأمر الذي يعكس محدودية القدرة على الاستمرار في التكيف مع الظروف الراهنة ما يتطلب تدخلات عاجلة على المستويين الدولي والمحلي لمساندة الشعب المحاصر.
المصدر: فلسطين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©