الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قرغيزستان: فرص الثورة الأرجوانية

8 مايو 2010 23:06
صرّح رئيس قرغيزستان السابق قرمان بيك باكييف، بعد استقالته في أعقاب الاحتجاجات الدموية المضادة للحكومة التي خلّفت 86 قتيلاً وأكثر من 1500 جريح، مؤكداً من منفاه في روسيا البيضاء للصحفيين الشهر الماضي أنه ما زال هو الزعيم الشرعي لبلاده. إلا أن الأمم المتحدة والولايات المتحدة وروسيا وكازاخستان والدول الأوروبية أسهمت كلها في عقد صفقة لاستقالة باكييف، معترفة بالحكومة المؤقتة برئاسة زعيمة المعارضة القرغيزية "روزا أوتنباييفا" على أمل عودة قرغيزستان مجدداً إلى طريق الديمقراطية. وكانت قرغيزستان، وهي جمهورية في وسط آسيا ذات غالبية مسلمة، قد شهدت انقلابين خلال السنوات الخمس الأخيرة، أدى أولهما، وهو ما سمي "ثورة الزنبق" عام 2005 إلى سقوط أول رئيس لتلك الدولة بعد العهد السوفييتي، أسكار أكاييف، الذي انتهت سنواته الخمس عشرة في السلطة وسط اتهامات بالفساد ومحاباة الأقارب والشللية. وأتى بعدها باكاييف إلى السلطة، الذي توجه خلال السنوات القليلة الأخيرة بالنظام في اتجاه سلطوي بشكل متزايد، وفي 7 أبريل الماضي خرج متظاهرو "الثورة الأرجوانية" في العاصمة بيشكك وعدد من المدن لإسقاط النظام وطرد باكييف من السلطة. وعلى رغم أن تغييراً جذرياً لم يحصل في قرغيزستان عام 2005، إلا أنها تملك الفرصة الآن لضمان ألا يعيد التاريخ معها نفسه. وقد نشطت رئيسة الحكومة المؤقتة أوتنباييفا في السياسة منذ عام 1981، حيث عملت في العهد السوفييتي كمبعوثة لليونسكو وسفيرة لبلادها في ماليزيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة. وقد توصلت أحزاب المعارضة الثلاثة الرئيسية، مجددة وعودها بالحفاظ على الديمقراطية في قرغيزستان، إلى إجماع ببناء نظام برلماني فعال لا يسمح بهيمنة أي فرد معيّن. وسيتعين طبعاً على الحكومة المؤقتة والحكومة التي ستنتخب بعدها أن تعملا بجد لاستعادة ثقة الشعب القرغيزي. وفي تفاصيل التغيير الذي وقع يعود الفضل ولو جزئياً إلى الإنترنت التي جعلت من السهل للشباب القرغيزي تشكيل جمعيات مدنية بهدف نشر الوعي والنقد، حيث أصبح الشعب القرغيزي أكثر وعياً بفساد حكومة باكييف التي شجعت المحسوبية في التعيينات في المراكز السياسية المهمة. وفي النهاية خرج الآلاف إلى الشوارع عدة مرات خلال الشهرين الماضيين في المدن القرغيزية الرئيسية للمطالبة بإطلاق سراح السجناء السياسيين ووضع حد لمضايقات الحكومة للإعلام، حيث كان أكثر من ستين صحفيّاً قد استهدفوا منذ عام 2006، وقُتل اثنان منهم على الأقل. وطالب المتظاهرون أيضاً، بعد أن رُفِعَت رسوم الكهرباء بحوالي 200 في المئة ورسوم التدفئة في الشتاء بواقع 400 في المئة، بتخفيض رسوم الخدمات العامة، وطالبوا بمغادرة مكسيم بن باكييف، المتهم باختلاس ما لا يقل عن 35 مليون دولار من المال العام. هذا مع أن الانخراط العلني في العمل السياسي لم يكن أمراً معهوداً بالنسبة لسكان قرغيزستان، فحتى بعد حصولهم على الاستقلال من الاتحاد السوفييتي السابق عام 1991 بقيت لديهم مخاوف من ممارسات الظلم والاضطهاد، وبقي الإعلام غير مستقلّ والخطاب السياسي محدوداً، وفوق ذلك كله تفشى انعدام القناعة بأن مشاركة الإنسان العادي تستطيع تحقيق إصلاحات في الشأن العام. إلا أن الأحداث الأخيرة شجّعت كثيرين وأقنعتهم بأن الاحتجاج قد يكون فاعلاً في إصلاح ما فسد في الجو السائد. وربما سيتعين الآن على المحتجين الاستمرار في الضغط أيضاً على الحكومة المؤقتة لتعيين موظفين حكوميين بشفافية، وإعادة تفعيل المؤسسات الرئيسية، بما فيها المحكمة الدستورية. وحتى تتسنى للحكومة الجديدة الاستجابة الفعالة للتحديات الراهنة الملحّة التي تواجه البلاد، يتوجب عليها أن تطوّر التزاماً بحماية حرية التعبير والإعلام المستقلّ، إضافة إلى خطة بعيدة المدى لإعادة تفعيل الاقتصاد، والحد من الفقر وإيجاد فرص عمل جديدة توفر أملاً جديداً للشباب المُحبَط العاطل عن العمل. والراهن أن ثورة قرغيزستان الأرجوانية لم تضع بعد نهاية لحلقة الاضطراب المفرغة، ولكن بفضل أعمال أوتنباييفا وزملائها في الحكومة الجديدة، والعديد من الناس العاديين الذين خرجوا إلى الشوارع للمطالبة بالإصلاح، أصبح لدى شعب قرغيزستان سبب للاعتقاد بأن التغيير جارٍ فعلاً على قدم وساق. كليمة ياكوبوفا كاتبة قرغيزستانية وزميلة في مؤسسة كارنيجي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كومون جراوند"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©