الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«هوى بحري» يغرق في الغموض و «أصايل» يقدم الحب المقموع

«هوى بحري» يغرق في الغموض و «أصايل» يقدم الحب المقموع
20 مارس 2011 22:32
تواصلت مساء أمس الأول على خشبتي معهد الشارقة المسرحي وقصر الثقافة بالشارقة ولليوم الثالث على التوالي عروض الدورة الحادية والعشرين لمهرجان أيام الشارقة المسرحية التي انطلقت الخميس الماضي وتختتم في السابع والعشرين من الشهر الجاري. في العرض الأول قدمت فرقة مسرح أبوظبي عملها المعنون بـ “ هوى بحري” وهو عرض خارج المسابقة، من تأليف صالح كرامة وإخراج عمر غباش وبمشاركة أربعة ممثلين شبان هم: حمد الحمادي، ونواف المطروشي، وعبدالله الحريبي، وصهيب عبدالله. وجاء في كتيب عرض المسرحية وفي كلمة إدارة مسرح أبوظبي أن الفرقة ورغم الظروف غير المواتية، مستمرة في الدفع بالطاقات الشابة لتقديم تجارب مسرحية جديدة، تضيف زخما للحركة المسرحية. ويبدو أن الظروف غير المواتية ــ كما ورد في الكلمة ــ قد ظهرت معالمها في مفاصل وثنايا العرض الذي أراد أن يقدم صورة مغرقة في الرمزية حول صراع البشر مع هيمنة وحصار المدينة، ولكنه وبدلا من أن يستثمر هذه التوق إلى الرمزية في الشغل المسرحي، دخل في متاهة من الغموض والارتباك تورط فيها كل من الكاتب والمخرج والممثلين، ولم يستطيعوا أن يجدوا مخرجا مناسبا ينقذ العرض من التماسك، وجذب جمهور الصالة الذين رأيناهم ينسحبون واحدا تلو الآخر لأنهم لم يستوعبوا المغزى أو الهدف من العرض كفكرة أولا، وكمعالجة درامية وفنية ثانيا، خصوصا مع ضعف التجهيزات المتعلقة بالصوت وقلة خبرة الممثلين الشبان الذين أرادوا أن يقدموا ما بوسعهم من طاقة أدائية تحقق طموح العرض، ولكنهم اصطدموا بغموض النص وبارتباك المكونات التي شكلت هيكل السينوغرافيا التي أراد لها المخرج أن تكون متحركة ومرنة ولكنها شكلت في النهاية عائقا بصريا أمام المشاهد وعائقا جسديا أمام الممثلين الذين تأرجحوا عدة مرات على المكعبات الكثيرة التي استندوا ووقفوا عليها وكادت أن توقع بهم أكثر من مرة مما زاد من ارتباك الأداء وتشتت مفاصل العرض. أراد عرض “هوى بحري” من خلال النص أن يقدم نقدا ذهنيا واحتجاجا موضوعيا ضد زحف الاسمنت والكونكريت على قيم الحب والصداقة والتسامح والألفة الإنسانية، والتي تضررت وتشوهت بقوة تحت ضغط هذا الزحف الرهيب والساحق الأشبه بالهجمة الحضارية المدمرة لصفاء البشرية وتماسكها، ولكن هذا النقد أو هذا الاحتجاج لم يتوضح ولم يتشكل كما أراده المؤلف صالح كرامة خصوصا في ظل التوليف الإخراجي الذي أراد أن يقترب من مسرح من العبث، ولكنه لم يعثر على المفاتيح الإخراجية المناسبة للتواصل مع هذا المسرح، إضافة إلى أن حداثة تجربة الممثلين ساهمت كثيرا في انقطاع لغة التواصل بين الخشبة وبين الذائقة الجمالية للمشاهد. أما في العرض الثاني قدمت فرقة جمعية كلباء للفنون الشعبية والمسرح عملها المعنون بــ “أصايل” ــ داخل المسابقة ــ من تأليف إسماعيل عبدالله وإخراج فيصل الدرمكي وشارك في الجانب الأدائي كل من جمعة علي وعبدالرحمن الملا وريم الفيصل وناجي جمعة وبدر الرئيسي وعادل سبيت، بالإضافة إلى مجموعة من المؤدين الذين استغلهم المخرج لخلق تشكيلات بصرية متحركة في فضاء السينوغرافيا. وعلى عكس عرض “هوى بحري” جاء عرض “ أصايل” مغايرا تماما سواء من حيث البنية الحكائية أو من حيث المناخ الشعبي الذي تحول إلى حوارات شعرية ومحطات ميلودرامية وحالات وصور مشهدية تناوبت بين الملهاة والمأساة وفي إطار معتم ونازف ومؤلم على العموم. تمحور العمل حول حكاية شعبية تطرقت لمشاعر الحب المقموع اجتماعيا وسيطرة القوي على الضعيف، كما لامس العمل الانعطافات الخطيرة في التصرفات البشرية التي يمكن أن تنتقل فجأة من ضفة الخير إلى ضفة الشر وبشكل متطرف وبشع. تروي المسرحية قصة “أصايل” التي تتمنى الارتباط بالشاب الأعمى “راشد” اللذين جمعتهما علاقة آسرة منذ الطفولة ولكن سقوطهما معا من فوق النخلة التي تسلقاها في زمن بعيد تسببت في إصابة راشد بالعمى وإصابتها هي في أنوثتها عندما فقدت عذريتها جراء هذا حادث التبعات القاسية جسديا ونفسيا. راشد بدوره يملك مزرعة كبيرة يحاول والد أصايل “صقر” وبشتى الطرق الاستحواذ عليها وإضافتها لرصيده الكبير من المزارع والأملاك، ولكن الحصول على هذه المزرعة يصطدم برغبة راشد في الزواج من أصايل وهو الأمر الذي يرفضه الأب وبشكل قاطع، وللخروج من هذا المأزق يقوم الأب باللجوء إلى أخ راشد غير الشقيق “مصبح” ويغريه بالمال وبالزواج من أصايل والحصول على منافع كثيرة إذا قام بقتل “راشد”. وعندما تنتشر الشائعات في البلدة حول وجود علاقة آثمة بين أصايل وبين راشد، يكتشف الأب أن فقدان ابنته لعذريتها يعود لحادثة سقوطها من النخلة، وان راشد هو الشاهد الوحيد على تلك الحادثة، وأثناء ذهابه للاستنجاد براشد وإنقاذ سمعة ابنته يكون الأوان قد فات بعد حرق مصبح لمزرعة أخيه واحتراق راشد إثر هذه الجريمة البشعة التي لخصت جبروت الطمع البشري وقدرته الهائلة والعمياء في تحويل الإنسان إلى كائن شيطاني عنيف ومدمر ومنزوع من الرحمة ونداءات الضمير. تميز عرض “أصايل” بالسينوغرافيا التي تم توظيفها جيدا من خلال استخدام خامات طبيعية مثل سعف وجذوع النخيل والأعواد والأوراق اليابسة التي نقلت روح المكان دون أن تقحمه بشكل مباشر ومبالغ به، وعاب على العرض القفشات الكوميدية التي صاحبت التعليقات والجمل والمفردات الارتجالية التي أطلقها الفنان جمعة علي، وهو عموما فنان موهوب في استجلاب الحالة الكوميدية، ولكن طغيان هذا الجانب على أدائه في عمل يرتكز تماما على مناخ مأساوي أثّر على خصوصية النص والفكرة، وعلى خصوصية المسرح الشعري الذي ينتمي له هذا العرض. يعرض اليوم تعرض في السابعة من مساء اليوم على خشبة معهد الشارقة المسرحي مسرحية “سفر موت” لفرقة مسرح رأس الخيمة، تأليف إبراهيم بوخليف وإخراج محمد حاجي وهو عرض خارج المسابقة. كما تعرض في التاسعة من مساء اليوم على خشبة مسرح قصر الثقافة مسرحية “الرهان” لفرة مسرح حتا، تأليف وإخراج علي جمال وهو عرض داخل المسابقة.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©