السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تيمور الشرقية بين البرتغال و«الآسيان»

20 يناير 2016 00:18
مازالت تيمور الشرقية، الدولة التي رأت النور بعد خمسة وعشرين عاماً من الكفاح المرير من أجل التحرر من الاحتلال الإندونيسي، واحدة من أكثر دول جنوب شرق آسيا هشاشة. وبينما تواصل تيمور الشرقية انتظارها الطويل للانضمام إلى رابطة دول جنوب شرق آسيا، أو «آسيان» اختصارا، (وهو احتمال يبدو ضئيلا)، ربما يجدر بها التفكير في خيار آخر غير تقليدي لديه فرصة أكبر في النجاح، ألا وهو بناء علاقة أقوى مع البرتغال تشمل وحدة سياسية محدودة. ومع أن هذا الخيار قد يبدو مخالفا للعقل بالنسبة للبعض، إلا أن التطلع إلى لشبونة منطقي ومعقول بالنسبة لتيمور الشرقية، على غرار التطلع لجاكرتا أو كانبيرا أو بكين. والحال أن جنوب شرق آسيا مقبل على عقد مضطرب في وقت يستعد فيه للاندماج الاقتصادي والسياسي ــ الأمني والاجتماعي ــ الثقافي. كما أن تيمور الشرقية ما زالت هامشية في أذهان زعماء آسيان وتواجه انتظاراً طويلاً لانضمام قد يأتي متأخراً، إنْ أتى أصلا. وبالمقابل، تتقاسم تيمور الشرقية قرونا من التاريخ مع البرتغال. ذلك أن التأثير البرتغالي في تيمور الشرقية قوي ثقافيا ودينيا ولغويا، وعقد اتفاق سياسي توافقي، مماثل لذاك الذي لدى أراضٍ فيما وراء البحار تابعة لدول أوروبية، مثل فرنسا والبرتغال نفسها، من شأنه أن يساعدها اقتصاديا ويقوّي مشروع بناء الدولة الذي انكبت عليه. والواقع أن حتى أكثر المراقبين تفاؤلا يتفقون على أن دويلة تيمور الشرقية تواجه تحديات كبيرة تهدد بنسف التقدم الذي تحقق خلال الـ13 عاما من الاستقلال. صحيح أن تيمور الشرقية حققت نجاحا أكبر في بناء مؤسسات الدولة وخلق اقتصاد مستديم مقارنة مع بلدان أخرى خرجت من الحروب حديثا. ذلك أنه عندما تقارن مع دول أخرى حديثة العهد بالاستقلال، مثل جنوب السودان المبتلية بالأزمات أو جمهورية البوسنة والهرسك، يلاحظ أن تيمور الشرقية أبلت باء حسنا في التخفيف من حدة النزاع الإثني، وهذا إنجاز مهم خاصة بالنظر إلى أن سكانها يتحدثون 33 لغة مختلفة من عائلتين لغويتين منفصلتين ولديهم عشرات الهويات المحلية والعرقية المختلفة. لا نقصد بذلك القول إن تيمور الشرقية ستتحول إلى سنغافورة أخرى قريبا، على الرغم من آمال قيادته الحالية. ذلك أن تهديد العنف السياسي مازال قائما في مجتمع مازال يحمل ندوب الفظاعات التي ارتكبتها القوات الإندونيسية والميليشيات المحلية المتحالفة معها. وكان العنف السياسي في 2006 قد أدى إلى تدخل أممي ساعد على إرساء الاستقرار في هذا البلد، ولكن الانقسامات لم تبرأ بشكل كامل. وفضلا عن ذلك، يتعين على تيمور الشرقية أن تعرف كيف توفر وظائف لشعبها الذين يشكّل الشباب أغلبيتهم، حيث يمثل الأشخاص الذين دون سن الخامسة عشرة 42 في المئة من السكان، ما يجعل منها الدولة «الأكثر شبابا» في جنوب شرق آسيا. وبدلا من «آسيان»، يجدر بتيمور الشرقية أن تنظر شطر البرتغال. صحيح أن فكرة أن تسعى مستعمرة سابقة مستقلة اليوم، بإرادتها، إلى نوع من الارتباط السياسي مع مستعمرها السابق تبدو جنونية ومنافية للعقل بالنسبة للكثيرين. ولكن برتغال اليوم مختلفة عن برتغال «إيستادو نوفو» الذي ذهب مع نظام «مارسيلو كايتانو» خلال ثورة القرنفل، عندما كانت تيمور الشرقية تستعد لنيل الاستقلال. فالبرتغال انتقلت من الحكم الديكتاتوري اليميني إلى ديمقراطية ليبرالية ناجحة ضمن الاتحاد الأوروبي. وبالنظر إلى أنها قامت بهذا الانتقال بدون إراقة دماء، فإن لديها الكثير لتقدمه لتيمور الشرقية. اليوم، يمتلك سكان تيمور الشرقية الجنسية البرتغالية، ولكن ذلك قد يتغير في المستقبل. ولذلك، على تيمور الشرقية أن تتحرك لتضمن لشعبها فرصة الدراسة والعيش والعمل في البرتغال والاتحاد الأوروبي، وخاصة أن سكان البرتغال يتقلصون ويزدادون شيخوخة. فهذا يكمّل سكان تيمور الشرقية الذين يتزايدون باطراد ويشكّل الشباب أغلبيتهم. ومن جديد، سيصبح لدى البرتغال باب خلفي يفضي إلى آسيا ولدى تيمور الشرقية إمكانية الاستفادة منها في الحكامة والأمن والاستقرار الاقتصادي. *باحث بجامعة تاماسات التايلاندية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©