الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشيشان وانجوشيا... حرب خفية في القوقاز

الشيشان وانجوشيا... حرب خفية في القوقاز
18 أغسطس 2009 03:24
«أورزونيكيزفسكايا» مدينة يخرج فيها أعضاء مجموعات مسلحة مقنعين من أحشاء الظلام لاختطاف الشباب، الذين يعود بعضهم في بعض الأحيان بأطراف مكسورة، وسجحات غائرة، وحروق، وأظافر منزوعة، وفي بعض الحالات ينتهي الحال ببعض هؤلاء الشباب إلى زنازين السجون الحكومية، كما يحدث أحياناً أن يختفي بعضهم إلى الأبد دون أن يعرف أحد شيئاً عن مصائرهم. يحدث ذلك في إطار الحرب الخفية التي تدور رحاها بين الحكومة وبين أعدائها من المتمردين عبر جبال القوقاز، والتي وصلت إلى درجة رهيبة من العنف في هذه المدينة التابعة لجمهورية آنجوشيا المسلمة التابعة لروسيا. في الوقت الراهن تتعرض انجوشيا لنوع جديد من الإرهاب القادم إليها عبر الجبال من جمهورية الشيشان المجاورة. الرئيس الشيشاني «رمضان قاديروف» يرسل فرقاً من المقاتلين لملاحقة المتمردين في آنجوشيا. ومع تمدد سلطة قاديروف عبر الحدود، تحولت آنجوشيا إلى منطقة ضاعت فيها المسؤولية، حيث يمكن أن تنسب عمليات القتل التي تجري هناك إلى الحكومة الروسية، أو السلطات المحلية، أو المتمردين الانفصاليين الشيشان. منذ أقل من عقد من الزمان، حينما كانت جمهورية الشيشان تدور في حلقة مفرغة من العنف، والعنف المضاد، والعمليات الانتقامية عقد الرئيس الروسي في ذلك الوقت فلاديمير بوتين صفقة «فاوستيه» (صفقة مع الشيطان)، مع عائلة قاديروف الذين كانوا يوماً ما من المتمردين على الحكومة، ثم غيروا موقعهم بعد ذلك وأصبحوا من الموالين لها. وبعد أن حل محل والده المغتال على سدة الرئاسة الشيشانية، حصل قاديروف (32 عاماً) على دعم روسي في إعادة إعمار «جروزني» عاصمة بلاده التي كانت قد تحولت إلى حطام بعد سنوات الحرب الدامية، وأنفق قسماً آخر منها في تكوين شبكة من الولاءات الشخصية، كما قام بإرهاب أبناء شعبه من خلال أعمال الاختطاف، والتعذيب، والقتل خارج نطاق القانون، والزج بهم في السجون السرية. في الثاني والعشرين من يونيو الماضي، تعرض الرئيس الانجوشي «يونس بك يفكوروف» إلى محاولة لاغتياله من خلال عملية انتحارية، أسفرت عن إصابته بجروح خطيرة. وبعد ساعات فقط على ذلك الحادث، أصدر الرئيس الروسي ميدفيديف أمراً للرئيس قاديروف ببذل وتكثيف الجهود لتعقب الجناة. وبعد ذلك بيومين، ظهر قاديروف في العاصمة الانجوشية ذاتها معلناً أنه «عندما يتعلق الأمر بتعقب المسلحين، فلا يجب أن تكون هناك حدود»، كما أعلن أن قوة أمنية انجوشية -شيشانية مشتركة قد ووفق على تشكيلها من قبل موسكو، وسوف يتم تعزيزها لاحقاً. وكانت الرسالة التي يريد قاديروف توصيلها من خلال ذلك واضحة، وهي أنه بمباركة الكريملن سوف يقوم بتصدير أساليبه المثيرة للجدل في تهدئه الأمور في إقليم الشيشان المضطرب إلى جمهورية آنجوشيا المجاورة. وفي المقابلات التي أُجريت معها قبل اختطافها الشهر الماضي من أمام منزلها الكائن في العاصمة الشيشانية «جروزني»، وقتلها فيما بعد، شبهت «ناتاليا استيميروفا» المحققة العاملة في إحدى جماعات حقوق الإنسان، الأوضاع في «شيشان قاديروف» بالأوضاع في الاتحاد السوفييتي تحت حكم جوزيف ستالين. وهذه الحالة من الاختطاف والقتل ليست استثناء، فهناك العديد من حالات الاختطاف والاختفاء المماثلة التي يقوم خلالها رجال مقنعون يرتدون ملابس مموهة، ويمسكون في أيديهم بالبنادق والمدافع الرشاشة بالطرق على أبواب المنازل والمطالبة بتسليم أحد شباب الأسرة، دون أن يقدموا ما يثبت هويتهم. وبعد اقتياد الشاب المطلوب إلى جهة لا تعرف عنها تلك الأسر شيئاً يتم إبلاغها بعد فترة بأن ابنها كان من المتمردين التي تجد وكالة «إف إس بي» (وكالة الاستخبارات الوطنية التي حلت محل جهاز «كيه جي بي» إبان العهد السوفييتي) في أثره منذ مدة طويلة وأنه قد قتل أثناء معركة مع هؤلاء المتمردين. يقول «ماجومد متسولجوف» مدير منظمة (MAShR) الناشطة في مجال حقوق الإنسان في «آنجوشيا»: لا أحد يستطيع إيقاف هؤلاء أو التصدي لهم... فهم يفعلون ما يريدون». تشير إحصائيات هذه المنظمة إلى تزايد أعدد المختطفين والمختفين في آنجوشيا على نحو مطرد في السنوات الأخيرة: فبعد أن كان هذا العدد لا يزيد عن 96 شخصاً عام 2006، ارتفع في العام التالي إلى 124، ثم تضاعف تقريباً عام 2008 ليصل إلى 212. وفي العام الحالي، وصل الرقم حتى الآن والعام لم يكتمل بعد إلى 210 أشخاص. وتشير تلك الإحصائيات أيضاً إلى أنه خلال السنوات السبع الماضية وصل عدد من عثر عليهم مقتولين 1000 شخص في حين لم يعثر على أي أثر لـ200 شخص. ومع تنامي العنف في القوقاز، بدأ المراقبون في التساؤل عن المدة التي سيستطيع فيها الكريملن الاستمرار في دعم قاديروف وترك قوته تتضخم، وعما إذا كان عدم الاستقرار في الجبال الجنوبية يمكن أن يقود إلى صراع آخر مع الحكومة المركزية. وهم يقولون إن موسكو ليس لديها من خيار الآن سوى الاستمرار فيما تقوم به. ميجان ستا - آنجوشيا ينشر بتريب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©