الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جولة هيلاري الأفريقية بين الانتقادات والمساعدات

جولة هيلاري الأفريقية بين الانتقادات والمساعدات
18 أغسطس 2009 03:25
أنهت هيلاري كلينتون، جولتها الأفريقية يوم الجمعة الماضي بعدما قطعت أكثر من 21 ألف ميل امتدت على مدار أحد عشر يوماً انتقلت فيها من نيجيريا، الدولة الشاسعة والغنية بالنفط، إلى «الرأس الأخضر» الجزيرة الصغيرة، لتبرز بزيارتها تلك التنوع الشديد الذي يميز القارة، وهي زيارة بقدر ما كانت فرصة لتأكيد المصالح الأميركية في القارة الغنية بمواردها المعدنية بقدر ما كانت مناسبة لدعم جهود التنمية في أفريقيا. وكانت كينيا هي المحطة الأولى التي بدأت بها وزيرة الخارجية جولتها، حيث أكدت كلينتون على خطاب أوباما الذي سبق أن أشار فيه أثناء زيارته القصيرة إلى غانا إلى ضرورة تبني أساليب شفافة في الحكم، وإرساء مؤسسات قوية بعيدة عن الفساد المستشري في البلدان الأفريقية. ولم تفوت كلينتون فرصة وجودها في كينيا، وهو البلد الذي أبصر فيه والد أوباما النور لتوجيه انتقادات إلى الحكومة بالنظر إلى السلبيات التي نبهت إليها وزيرة الخارجية في لقاء مشترك مع الرئيس الكيني «مواي مبيكي» ورئيس الوزراء «ريلا أودينجا» والمتمثلة في «غياب مؤسسات قوية وديمقراطية تسمح بظهور الفساد وانتشار العنف الذي تغذيه دوافع سياسية، فضلاً عن الإفلات من العقاب وانتهاك حقوق الإنسان وعدم الالتزام بمبدأ سيادة القانون». لكن المباحثات مع المسؤولين الكينيين امتدت أيضاً إلى قضايا التجارة والتطوير الزراعي، بالإضافة إلى موضوع الاستقرار في الصومال المجاورة، والذي التقت بشأنه مع رئيس الحكومة الصومالية المؤقتة «شيخ شريف أحمد» في مؤشر على الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لحكومته في مواجهة الجماعات المتمردة. وفي جنوب أفريقيا التي استضافت كلينتون بعد قدومها من كينيا، والتي كثيراً ما تنعت بأنها القوة الاقتصادية الأولى في القارة، فقد انصبت المناقشات على تمتين العلاقات وتجاوز مرحلة التوتر التي شهدها البلدان خلال إدارة الرئيسين بوش وتابو مبيكي. وشددت كلينتون من جهتها على قيادة جنوب أفريقيا للقارة السمراء، كما زارت مستشفى لعلاج المصابين بداء فقدان المناعة المكتسبة، «الإيدز»، بضواحي جوهانسبرج تساهم الولايات المتحدة في تمويله. ومن جنوب أفريقيا، انتقلت كلينتون إلى أنجولا ذات المكانة الاستراتيجية المهمة بالنسبة للمصالح الأميركية لما تزخر به من ثروات نفطية كبيرة، بحيث تزود أنجولا 7% من الاحتياجات النفطية الأميركية، كما يشكل قطاع الطاقة 85% من الناتج الإجمالي المحالي، وهنا أيضاً ركزت كلينتون على ضرورة إقامة مؤسسات ديمقراطية قوية وإرساء الشفافية في الممارسات الحكومية من خلال حثها الرئيس «إدواردو دوس سانتوس» على عقد انتخابات رئاسية ستكون الأولى من نوعها منذ العام 1992، وهو ما تعهد فعلاً الرئيس الكونجولي بتطبيقه في «الوقت المناسب» على حد قوله. وأشارت كلينتون إلى حاجة أنجولا إلى تطوير قطاعها الزراعي الذي يعاني من اختلالات كبيرة، كما وقعت اتفاقية تعاون مع المسؤولين تمنح أميركا بموجبها مساعدات مالية تصل إلى 17 مليون دولار لمحاربة مرض الإيدز وتفادي إصابات جديدة. وكانت المحطة التالية «جوما» عاصمة إحدى المحافظات المضطربة في جمهورية الكونجو الديمقراطية، حيث تطرقت كلينتون إلى العنف والجرائم التي ترتكب في حق النساء، فمنذ اندلاع الحرب في الكونجو قبل 12 عاماً تعرض ما لا يقل عن 200 ألف امرأة وفتاة للاغتصاب على يد الميليشيات المتصارعة وعناصر الجيش، وفي مناقشات صريحة مع الرئيس «جوزيف كابيلا» أوضحت هيلاري أنه «مهما كان موقع الأشخاص الذين يقترفون تلك الجرائم على الدولة مقاضاتهم طبقاً للقانون وتوقيع العقاب المناسب ضدهم»، وأضافت لرئيس الوزراء «أدولف موزيتو» خلال حفل عشاء أُقيم على شرفها «يتعين إنهاء الفساد المالي المنتشر على نطاق واسع ووقف انتهاكات حقوق الإنسان بما فيها الجرائم التي تعاني منها النساء». أما نيجيريا، فقد قالت عنها كلينتون لدى زيارتها «إنها في مفترق طرق»، حيث شددت على ضرورة بناء المؤسسات في البلد الأفريقي الأكبر والتعجيل بالإصلاحات الديمقراطية، وأمام جمهور يتكون من نشطاء المجتمع المدني في العاصمة «أبوجا» استشهدت كلينتون بما جاء في تقرير أصدره مؤخراً البنك الدولي حول نيجيريا من أنها خسرت أكثر من 300 مليار دولار على مدى العقود الثلاثة الماضية بسبب الفساد وسوء الإدارة، وقد أعلنت كلينتون ونظيرها النيجيري «أوجو موديوكي» عن تشكيل لجنة مشتركة ستسعى من بين أشياء أخرى إلى دعم الاستقرار في منطقة «دلتا النيجر» الغنية بالنفط. وخلال زياتها لليبيريا، عبرت كلينتون عن إعجابها بالمرأة الوحيدة التي تشعل منصب الرئيس في أفريقيا، «إيلين جونسون سيرليف»قائلة: «سأعترف رغم أن هذا خارج الأعراف الدبلوماسية بأني من معجبي الرئيسة وإحدى صديقاتها»، وقد حظيت كلينتون باستقبال حار لم تشهده في أي بلد آخر، حيث اصطف المواطنون على جنبات الطريق لتحيتها، لكن ذلك لم يمنع كلينتون من توجيه انتقادات للحكومة الليبيرية، مذكرة بالجهود التي مازالت تنتظر البلاد مثل توفير الخدمات الأساسية للمواطنين من كهرباء وتعليم وسكن وغيرها. وأخيراً، جاءت زيارة كلينتون إلى «الرأس الأخضر» الجزيرة الصغيرة مفاجئة للمراقبين، لكنها كانت فرصة نادرة لإبراز أحد النماذج المتميزة في الحكم الرشيد بالقارة الأفريقية بعد الانتقادات الكثيرة التي وزعتها في المحطات السابقة. تريسي صامويلسون محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©