الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانتخابات واستطلاعات الرأي

7 مايو 2017 21:49
تنفست الأسواق المالية العالمية وقادة الاتحاد الأوروبي الصعداء بعد الإعلان عن نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية الشهر الماضي. وحملت المؤسسات المتخصصة بتنظيم وإجراء استطلاعات الرأي نفس الشعور. ويكمن مصدر هذا الارتياح في أن استطلاعات الرأي المتعلقة بالانتخابات الفرنسية لم تفشل هذه المرة، بخلاف ما يقال، إنه حدث في الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة، وكذلك في استفتاء التصويت على الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي «بريكيست». وفي الحقيقة لا تمثل فرنسا حالة خاصة. فقد أدت استطلاعات الرأي حول الانتخابات الرئاسية التي أجريت في الولايات المتحدة مؤخراً وظيفتها على النحو الجيد بشكل عام رغم تضارب النتيجة النهائية مع توقعاتها. وأشار تقرير جديد صدر الأسبوع الماضي عن «الرابطة الأميركية لبحوث الرأي العام» إلى أن عمليات سبر الآراء التي أجريت أثناء الانتخابات الأميركية «كانت بشكل عام صحيحة ودقيقة وفقاً للمعايير التاريخية». ورغم أن عملية سبر الآراء واجهت تحديات حقيقية، فإنه ما من أحد انتهك القوانين المعمول بها، والتي تتعلق باحترام أساليب وقواعد إنجاز المهمات الإحصائية. وعندما يتم إجراء الاستطلاعات على النحو السليم، فلابد أن تواصل مهمتها في تقديم النتائج التي يمكن الاعتماد عليها. وفي الولايات المتحدة، توقعت كل استطلاعات الرأي الدقيقة فوز هيلاري كلينتون في التصويت على المستوى الشعبي، وفازت بحسب تلك الاستطلاعات بفارق 2.1 نقطة مئوية على ترامب، فيما أظهر استطلاع آخر تم إنجازه يوم الانتخاب فوز كلينتون بفارق 3.2 نقطة مئوية. وفي بريطانيا، أظهر استطلاع رأي أنجزته مؤسستنا المتخصصة، وجود هامش ضيق لتفوق مؤيدي «البقاء» في الاتحاد الأوروبي، لكن خيار «الانسحاب» منه، والذي مثل النتيجة النهائية، جاء بعد أن تابع الناخبون تصريحات الفريقين السياسيين اللذين يقودان عملية التصويت. صحيح أن عمليات استطلاع الآراء أصبحت تصطدم هذه الأيام بعوائق كثيرة تأتي من تحديات أهمها معدلات المشاركة الضعيفة في التصويت، وامتناع أعداد كبيرة من الناس عن التصويت تماماً. وهناك بعض الشرائح المجتمعية التي تقرر عدم المشاركة في الانتخابات النهائية (وكانت هناك أدلّة على وجود مثل هذه المجموعات إلى حد ما حتى في أوساط الناخبين المؤيدين لدونالد ترامب). إلا أنه ما من واحدة من هذه المشاكل يمكن أن تعني أن الأساس العلمي الذي تستند إليه بحوث سبر الآراء فشل أو أنه لم يعد في وسعنا التوصل إلى بيانات دقيقة وذات نوعية رفيعة فيما يتعلق بتوجهات الرأي العام. وتكمن المشكلة الأساسية في أن عدداً كبيراً من المشاركين في الاستطلاعات إما أنهم يتعاملون معها بطريقة خاطئة أو أنهم يرفضون المشاركة فيها أصلاً. ويعود ذلك لأسباب مختلفة؛ منها أن العديد من الناس يتعاملون مع استطلاعات الرأي باعتبارها تمثل مجرد توقعات استباقية بدلاً من كونها استقراءات بيانية تستند إلى أسس علمية افتراضية يمكنها أن تخبرنا مسبقاً عن معدل الناخبين الذين سيرفضون المشاركة في الانتخابات. وبالطبع، لو جاءت هذه الافتراضات خاطئة فسوف تكون نتائج استطلاعات الرأي خاطئة أيضاً. ومن أمثلة ذلك أن استطلاعات الرأي التي أجريت في الغرب الأوسط الأميركي قبل الجولة الحاسمة للانتخابات الرئاسية الأخيرة في أميركا، والتي توقعت انتصار كلينتون، لم تضع في حسبانها أن يمتنع الناخبون في أوساط الطبقة العاملة «البيضاء» عن التصويت، وهذا بخلاف ما كان يحدث في الانتخابات الرئاسية السابقة. وتكمن إحدى المشاكل الأخرى في أن ارتفاع تكاليف تجميع البيانات ذات النوعية الرفيعة بسبب الهبوط المتزايد في معدل المشاركة، شجع على الاعتماد بشكل مكثف على الهواتف المحمولة، ودفع بعض مؤسسات إجراء استطلاعات الرأي إلى استخدام أساليب رخيصة لجمع البيانات في بعض الأحيان مثل إجراء الاستطلاعات عن طريق شبكة الإنترنت أو ما يعرف باسم «الاستفتاء بضغط الزرّ». وهناك حقيقة تفيد بأن أفضل استطلاعات الرأي هي التي تتم بالاستماع المباشر إلى أراء الفئات المشاركة فيها بطريقة الالتقاء وجهاً لوجه. ولقد اكتشفنا أن الاستماع لآراء المشاركين عن طريق قنوات الاتصال المفتوحة يتطلب تفسير المعنى المراد من بعض الأسئلة المطروحة. ومن أمثلة ذلك ما اكتشفته إحدى مؤسسات إجراء الاستطلاعات من صعوبات يواجهها المشاركون فيها في فهم مصطلح «العولمة». ويمكن القول إن استطلاعات الرأي كانت في يومها المشهود قبل أسبوعين عند تنظيم الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في فرنسا، وبفضل إعادة استخدام التطبيقات الجيدة ذاتها التي تم اعتمادها في ذلك الاستطلاع الناجح، فمن المرجح أن تحقق أداءً ناجحاً آخر في استفتاء الجولة الثانية والحاسمة التي تجري اليوم الأحد. وإذا فشلت في هذه الجولة، فلا شك أنها ستكون موضعاً للمزيد من الانتقاد. *خبيران وشريكان في مؤسسة لاستطلاعات الرأي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©