الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأميركيون الأفارقة ضد الجريمة

7 مايو 2017 21:49
عندما يقوم ناشطون وناخبون سود بالاحتجاج ضد حوادث إطلاق النار من طرف الشرطة ضدهم، فإن منتقديهم المحافظين غالباً ما يردون بأن احتجاجات الأميركيين من أصل أفريقي يجب حقاً أن تكون ضد جرائم السود بحق السود. ويتعارض هذا الانتقاد مع حقائق أساسية، حيث إن افتراض أن الأميركيين الأفارقة هم على نحو ما «متساهلون» بشأن الجريمة يتناقض بشكل حاد مع حقيقة أنهم هم بالذات طالما أيدوا تشديد العقوبات في مواجهة تحدي الجريمة. وفي كتابه الجديد، يشير «جيمس فورمان الابن»، أستاذ القانون بجامعة ييل، إلى أنه في الاستطلاعات الوطنية التي أجريت على مدار الأربعين عاماً الماضية، كان الأميركيون الأفارقة في الغالب يصفون نظام العدالة الجنائية بأنه متساهل جداً. وحتى في العقد الأول من القرن العشرين، وبعد تراجع كبير ومستمر في معدل الجريمة وسجن عشرات الآلاف من الأميركيين السود، ادعى ثلثا الأميركيين من أصل أفريقي أن المحاكم «لم تكن قاسية بما فيه الكفاية» مع المجرمين. ويكمل «فورمان» ملاحظاته بشأن الاتجاهات الوطنية مع دراسة مفصلة لمقاطعة كولومبيا، وهي منطقة فيها أغلبية من السود ولديها إدارة شرطية أغلبيتها من السود ومؤسسة سياسية. ويشير إلى أنه في سبعينيات القرن الماضي، كان تقنين «الماريجوانا» يحظى بشعبية بين الناخبين البيض والمسؤولين المنتخبين، ولكنه توجه هُزم في نهاية الأمر من قبل ائتلاف من الوزراء والمشرعين من الأميركيين الأفارقة. وحتى في تسعينيات القرن الماضي، كان المسؤولون السود في مقاطعة كولومبيا (بما فيهم وزير العدل والنائب العام «إيريك هولدر») يؤيدون بشكل روتيني اتباع تكتيكات شرطية مشددة، ووضع عقوبات أشد قسوة على الجريمة. ولم تكن مقاطعة كولومبيا فريدة من نوعها في هذه الجوانب. فقد كانت هناك أيضاً مدن أخرى أغلبية سكانها من السود، وكان القادة المنتخبون السود ملتزمين بسياسات صارمة مع الجريمة. فلماذا أيد الكثير من الناخبين والقادة السود قمع الجرائم بقوة بينما كانوا يعلمون أن الكثير من الناس الذين سيتم القبض عليهم وسجنهم سيكونون من السود أيضاً؟ يقدم علماء مثل «فورمان» و«مايكل جافين فورتنر»، مؤلف كتاب «الغالبية السوداء الصامتة» في عام 2015، تفسيرات عديدة ودقيقة، ولكن التفسير الرئيسي سيتردد صداه مع أي شخص يشهد الجريمة عن قرب: لقد سئم الأميركيون من أصل أفريقي من أن يكونوا ضحايا. في عام 1975، كان 85% من الأشخاص الذين قتلوا رمياً بالرصاص في مقاطعة كولومبيا من الأميركيين الأفارقة (وكذلك أيضاً 85% من القتلة). وحتى في ظل معدلات الجريمة المتدنية حالياً، فإن الضحايا هم كذلك من السود بشكل غير متناسب. وتعد الجريمة إلى حد كبير ظاهرة محلية، ولا يزال الفصل السكني حقيقة دائمة في الولايات المتحدة. ونتيجة لذلك، عندما يعاقب شخص أسود بظلم، يكون الجاني في كثير من الأحيان أسود أيضاً. ومن خلال خليط مقنع من القصص الشخصية وتحليلات البيانات غير الموثوقة، يوثق «فورتنر» و«فورمان» كيف أن الأميركيين الأفارقة تصارعوا مع الخيار المزعج. فهم من ناحية يريدون حماية أنفسهم من الجريمة، ومن ناحية أخرى يعلمون أنه كلما أصبح نظام العدالة الجنائية أكثر نشاطاً وقوة، كلما زاد عدد السود الذين سيتم إلقاء القبض عليهم من خلاله، وبعضهم سيخضع لمعاملة عنصرية صارخة. ويسلط «فورتنر» الضوء صراحة على وجهي العملة، ويكشف أن واحداً من أشقائه قد تم سجنه، بينما قُتل الآخر. وبدلاً من الاستمرار في إجبار الأميركيين الأفارقة على اختيار أقل الشرّين، يدعو «فورمان» إلى إقامة استثمارات كبيرة في مجتمعات السود، حيث إن هذا من شأنه أن يمنع حدوث العديد من الجرائم في المقام الأول، بما في ذلك، توفير فرص العمل وتحسين المساكن والمدارس، علاوة على بذل الجهود لمكافحة التمييز العنصري في إطار نظام العدالة الجنائية. * أستاذ الطب النفسي في جامعة «ستانفورد» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©