الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شقاء الفلوجة.. بين «داعش» و«الحشد»

18 يونيو 2016 23:18
ظنت العائلة أنها فرت بأمان من مدينة الفلوجة الخاضعة لتنظيم «داعش»، وأطلقت صيحات الفرح عندما وصلت إلى ضواحي المدينة. لكن بعد لحظات، أصابها الرعب عندما أثار شخص ما بطريق الخطأ قنبلة وضعت على جانب الطريق من قبل مسلحين يتحصنون الآن في المدينة. يقول أيمن فاروق (17 عاما)، والذي أصيب في مؤخرة رأسه: «لقد كان مشهدا مرعبا. كان الناس ملقون على الأرض، ويصرخون طلبا للنجدة». وتوفي أيضا أربعة من أبناء عمومته، جميعهم أطفال. وفقد آخرون أطرافهم، وكان يتعين حملهم لمدة نصف ساعة قبل الوصول إلى منطقة خاضعة لسيطرة الجيش العراقي. وبينما تحاول القوات العراقية استعادة السيطرة على الفلوجة، التي احتلها مسلحو «داعش» لأكثر من عامين، يواجه المدنيون أخطارا فيما يحاولون الفرار من المدينة. وبالإضافة إلى العبوات الناسفة المزروعة في شوارع المدينة، حاول «داعش» منع السكان من الفرار بغية الاحتفاظ بهم كدروع بشرية. ووصف رجل كيف كان المسلحون يركبون دراجات بخارية ويطاردون أقاربه فيما كانوا يحاولون المغادرة، حيث أطلقوا الرصاص على ثلاثة منهم. وبالنسبة لهؤلاء الذين استطاعوا الخروج بأمان، استمرت المشقة، بينما أصيبت وكالات الإغاثة والحكومة العراقية بالإرهاق، لدرجة عجزها عن توفير إمدادات مياه الشرب. يقول «كارل شيمبري» من المجلس النرويجي للاجئين، والذي يعمل في مخيمات داخل العراق: «إن طريق الخروج مليء بالقناصة والمتفجرات. إنهم يأتون بحثا عن الأمان وسط مخاطرة كبيرة، لكننا نكافح لإمدادهم بالضروريات. إننا مرهقون تماما». أما الحكومة العراقية، فتمر بأزمة اقتصادية حادة ناتجة عن انهيار أسعار النفط، في حين أن نداء الأمم المتحدة لتوفير 861 مليون دولار لتقديم مساعدات إنسانية للعراق هذا العام، لم يتم تمويل سوى 30% منه. وجزء كبير من المساعدات الدولية المقدمة للحكومة العراقية تركز على المناطق الأكثر أمنا في إقليم كردستان. وفي الصحراء المحيطة بمدينة عامرية الفلوجة (15 ميلا جنوب الفلوجة)، يجري بناء مخيمات للنازحين وسط العواصف الترابية، بينما لا يزال يتم بناء المراحيض ومرافق الطهي، ولا توجد كهرباء. يقول شيمبري: «ليس لدينا مواقد لإعطائها لهم، والطعام ينفد، وكذلك مياه الشرب. أمامنا أيام ولن يبقى لدينا أي شيء لتقديمه». وتنص المعايير الدولية على أن تقدم معسكرات اللاجئين 10 ليترات من مياه الشرب يوميا لكل شخص، بينما تقدم المعسكرات في جنوب الفلوجة ثلاث ليترات فقط يوميا، وفقاً لشيمبري، الذي أوضح أن درجات الحرارة مرتفعة جداً هناك، وأن بعض النازحين يشكون من أن المياه التي يحصلون عليها مالحة. وإلى ذلك، فإن الرجال النازحين من الفلوجة تم اعتقالهم جماعياً من قبل الميليشيات الشيعية وقوات الأمن، مع تساؤل العديد من الأسر عما إذا كانت سترى أحباءها ومعيليها مرة أخرى. تقول «دولت عابد فرحان»، وقد وصلت قبل 11 يوما من حي «أزراكيا» غرب الفلوجة، إنها لا تبالي بالظروف إذا كان أقاربها من الذكور حولها. وأوضحت أن 13 رجلا من المجموعة التي فرّت معها، من بينهم أشقاؤها الأربعة، تم اعتقالهم من قبل الميليشيات الشيعية بعد فرارهم من الفلوجة. وأضافت: «ما هذه الحياة التي نعيشها؟ إننا نريد أن نعرف ما إذا كانوا أعدموا أم ما زالوا أحياء. إننا لا نعرف عنهم أي شيء». وبجوارها كانت «آسيا راضي» (38 عاما)، والتي قالت إن 70 من أبناء قبيلتها هم الآن في عداد المفقودين. وتعتبر الفلوجة مدينة سنية، وقد اتهمت الحكومة سكانها بالتعاطف مع «داعش». وقد تم استبعاد الميليشيات الشيعية من عملية استعادة الفلوجة بسبب مخاوف من هجمات الانتقام الطائفي إذا ما أرادوا دخول المدينة. غير أن قوات الميليشيات لا تزال موجودة على مشارف المدينة. وهناك نحو 643 مدنياً ممن فروا من الصقلاوية (غرب الفلوجة)، فقدوا على أيدي الميليشيا، وفقا لما ذكره صهيب الراوي، محافظ الأنبار. وأضاف أن نحو 49 رجلا قد قتلوا، ودعا إلى إخراج الميليشيات المسلحة من المنطقة وإجراء تحقيق حول الانتهاكات وأعمال القتل الطائفية. وقال فلاح العيساوي، رئيس لجنة الفحص، إن الرجال الذين يصلون من الفلوجة إلى خطوط الجيش العراقي، يتم فحصهم من قبل مسؤولي المخابرات العراقية. وقد تم اعتقال 7181 منهم، ثم أفرج عن 4100 ،وتمت إحالة 1030 إلى القضاء للاشتباه في صلتهم بتنظيم «داعش»، بينما يوجد 2000 في المركز المؤقت للفحص، سيتحدد مصيرهم. *مديرة مكتب «واشنطن بوست» في بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©