الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عودة «دوستم»... تكتيك انتخابي أم خيار سياسي؟

عودة «دوستم»... تكتيك انتخابي أم خيار سياسي؟
18 أغسطس 2009 23:28
قبل أيام من الانتخابات الرئاسية التي ستعقد الخميس المقبل، أعاد الرئيس حامد كرزاي أحد أمراء الحرب الأقوياء وسيئي السمعة من المنفى، في إشارة واضحة على أن أساليب صنع الزعماء التقليدية في أفغانستان لا تزال تلعب دوراً رئيسياً، حتى أثناء محاولتها الانتقال إلى أنماط عصرية من الآليات الانتخابية. فيوم الجمعة الماضي، تجمع ما لا يقل عن عشرة آلاف من مؤيدي «عبدالرشيد دوستم» في تجمع حاشد في مسقط رأسه مزار الشريف. وخطب أمير الحرب المُسِنْ في مؤيديه مطالباً إياهم بمنح أصواتهم لحامد كرزاي. لكن هذه العودة الدراماتيكية لأمير الحرب السابق أثارت غضباً دولياً كما قوضت نمطاً جديداً من الآليات الانتخابية التي كان يعتقد أنها ستنقل أفغانستان إلى عهد جديد في هذا المجال. من هذه الآليات، المناظرات التلفازية على الطريقة الأميركية، واستقطاب الأصوات عن طريق تنقل المرشحين من مدينة إلى أخرى، ومرورهم على منازل الناخبين لإقناعهم بالتصويت لهم. لكن إعادة تأهيل «دوستم» تشير إلى أن كرزاي قد قرر أن يلعب بالورقة العرقية، في بلد لايزال يعاني انقسامات عميقة جراء الحرب الطائفية الطاحنة التي شهدها في تسعينيات القرن الماضي، والتمرد ذي الجذور العرقية العميقة المستمر حالياً. يفسر «هارون مير» المحلل السياسي في كابول، هذه الحقيقة بقوله: «باستثناء كابول وبعض المدن الكبرى التي يمكن للناخبين فيها أن يمنحوا أصواتهم بناء على قناعاتهم الشخصية، فإن الأغلبية الكبرى من الأفغان في المناطق الريفية تتخذ قرارها بناء على ما يقوله لهم زعماؤهم المحليون». ومن المعروف أن دوستم الذي ينتمي إلى ألأقلية الأوزبكية، كان قد غادر البلاد منذ عام تقريباً وطلب اللجوء السياسي في تركيا بعد أن وجهت له اتهامات باستخدام العنف السياسي. ومنذ ذلك الحين أحاطت بأمير الحرب السابق شبهات أكثر خطورة، منها مسؤوليته عن حادثة الموت الجماعي لمقاتلي «طالبان» الذين كانوا محبوسين في حاوية خلال تلك الفترة حين ساهم «التحالف الشمالي» في الإطاحة بنظام «طالبان». وكان الرئيس الأميركي أوباما قد أعلن منذ عدة أشهر أن الولايات المتحدة قد تعيد فتح التحقيق في قضية قتل السجناء، كما عارضت السفارة الأميركية عودة دوستم، وهو ما قد يكون لعب دوراً في عدم ظهور كرزاي في التجمع الحاشد الذي أُقيم احتفالاً بعودة دوستم في شيبرجان. ولا يزال دوستم شخصية تحظى بحب وتقدير معظم الأفغان الأزوبك، وهو ما تبدى بوضوح من تدافع المستقبلين نحوه حتى كاد يقضي اختناقاً، وذلك بمجرد ظهوره على باب الطائرة التي أقلته في رحلة العودة من المنفى. ومن المتوقع أن تؤدي خطوة إعادة دوستم إلى تعزيز حظوظ الرئيس كرزاي وسط الأوزبك الذين يشكلون 9 في المئة تقريباً من إجمالي سكان البلاد. وتتبدى أهمية عودة دوستم إذا ما عرفنا أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن كرزاي قد يضطر إلى خوض جولة إعادة، حيث لا تزيد نسبة مؤيديه وفقاً لتلك الاستطلاعات عن 44 في المئة في حين أنه بحاجة إلى تأمين نسبة 50 في المئة على الأقل لضمان الفوز في تلك الانتخابات. مع ذلك يشكك البروفيسور «وزير صافي»، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كابول، في قوة ونفوذ دوستم الذي كان يقبض على زمام الأمور وسط أقليته. ويقول إن «صدقية دوستم قد تقلصت إلى حد كبير، ولم يعد قادراً على التأثير في أبناء مدينته الأصلية وإقناعهم بمنح أصواتهم لكرزاي». في المناظرات التلفزيونية بين مرشحي الرئاسة، كان التركيز على الوحدة الوطنية واضحاً، حيث بدأ كرزاي المناظرة باللغة الدارية لخصمه «بشاردوست»، رغم أن لغته الأم هي «الباشتو»، كما بدأ بشاردوست المناظرة بالباشتو مع أن لغته هي الدارية، بل إن دوستم في الخطاب الذي ألقاه أمام التجمع الحاشد تحدث بالباشتو، والدارية، والأوزبكية. وفي خطاب ألقاه أمام جمع انتخابي حاشد، غمز أشرف غاني، أحد المرشحين للرئاسة، من قناة كرزاي منتقدا قراره بإعادة «دوستم» في هذا الوقت الحرج من الحملة الانتخابية، وذلك عندما قال: «يُثار موضوع الوحدة الوطنية عندما يكون الساسة منغمسين في الشأن الإثني، لكني لم أتعامل أبداً مع أي من أمراء الحرب، كما لم أعط وعداً لأي منهم بتولي وزارة إذا ما فزت في الانتخابات». وقد حاول كرزاي التخفيف من حدة الانتقادات الموجهة إليه داخلياً وخارجياً بقوله: «أُريد التخلص من كافة المصطلحات التي يجري استخدامها، مثل أمراء الحرب، وغيرها من المصطلحات، فنحن جميعاً أفغان في النهاية». ويعكس ما يقوله كرزاي نزعة متنامية في أفغانستان لتناسى ذكريات الصراعات العرقية الدامية التي اندلعت في تسعينيات القرن الماضي، ويذهب البعض إلى ضرورة إعادة أمراء الحرب إلى العملية السياسية لتفادي عودة تلك الصراعات مجدداً. يقول «مير» تعليقًا على ذلك: «الجميع سيشعرون بالسعادة إذا ما تم احتواء هؤلاء الأمراء من خلال استقطابهم في العملية السياسية. وهنا يجب أن نعرف أن دوستم ليس الوحيد الذي ارتكب جرائم في سياق الحرب العرقية التي اندلعت في التسعينيات، فالجميع تقريباً فعلوا الشيء نفسه... والأوزبك لا يجب أبداً أن يشعروا أنهم العرقية الوحيدة الموضوعة تحت دائرة الضوء». بن أرنولدي - أفغانستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©