الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عنصرية علنية وخفية

18 أغسطس 2009 23:29
تمتلئ العلاقات اليهودية العربية في إسرائيل بالتوتر، والعنصرية جزء لا يتجزأ من ذلك كله، شئنا أن نعترف بذلك أم أبينا. وقد حذرت العديد من المنظمات الإسرائيلية من تزايد مظاهر العنصرية من قبل اليهود تجاه العرب خلال السنوات القليلة الماضية. هدف العنصرية هو السيطرة، أي الحفاظ على مصالح الطرف المسيطِر، وهي تظهر وتمثّل الظلم ورفض «الآخر». ويحافظ الطرف المسيطِر على سيطرته على مراكز القوة، كالسياسة العامة وصنع القرار، ويقرر توزيع الموارد الفعلية بل وحتى الروحانية. ويشكّل هذا خطراً كبيراً، حيث إن هناك في كل مجتمع تقريباً ثقافات وأمم مختلفة يمكنها أن تمثل «الآخر». ويُظهِر تقرير أعدّته جمعية الحقوق المدنية في إسرائيل عام 2007 زيادة في التعبير عن العنصرية ضد المواطنين العرب في إسرائيل: 55% يريدون منهم الهجرة، 78% يعارضون وجودهم في الحكومة.وقد أظهر التقرير كذلك أنه كانت هناك في العام 2006 زيادة قدرها 26% في التصرفات العنصرية ضد العرب، تتراوح بين التعبير اللفظي والسياسات التمييزية والعنف الشُرَطي. وفي ضوء التطورات السياسية خلال السنة الماضية، يمكن الافتراض أن هذه الظاهرة تفاقمت منذ إجراء البحوث المذكورة أعلاه. ينظر العديد من اليهود إلى تزايد العنصرية ضد المواطنين العرب في إسرائيل على أنه رد مبرر لأعمال التضامن من قبل أجزاء من الجمهور العربي وقياداته مع الفلسطينيين في المناطق المحتلة. وتعتبر أعمال كهذه بمثابة تعاون نشط مع العدو. يظهر سوء التفاهم هذا للآخر أن ما يراه طرف على أنه سلوك طبيعي يراه الطرف الآخر على أنه غير طبيعي بل ويشكل خيانة. من الأهمية بمكان ذكر أن هناك عدداً من المنظمات والأفراد، يهوداً وعرباً على حد سواء، ممن يروّجون لحقوق الإنسان ويؤمنون أن العلاقات بين العرب واليهود يجب أن تتجذّر في المساواة والاحترام المتبادل. وهم يعملون دون كلل في الكفاح للتغلب على العنصرية. ورغم أن أثرهم على المجتمع على اتساعه ليس كبيراً، من الأهمية بمكان أن تكون هذه النشاطات موجودة وحاضرة. أصبحت العنصرية السرية خلال السنوات القليلة الماضية خطرة بشكل زائد، خاصة في عيون الذين يؤمنون بالقيم الليبرالية والحرية، والذين يتوجب عليهم مواجهة أولئك الذين يتجسد رفضهم لهذه المثل في نظرتهم وأسلوب حياتهم. لا يمكن قياس العنصرية الخفية بشكل ملموس، وإنما يُعبَّر عنها في طروحات المجتمع، المكونة من العديد من الأديان والأعراق، وفي الأسلوب الذي يرتبط فيه أعضاء هذا المجتمع مع بعضهم بعضاً. ويشير «ألبرت ميمي» في كتابه الشهير «العنصرية» إلى أن أحد أساليب التعامل مع العنصرية هو تطوير سلوك أخلاقي. ويضيف أن الأهم من ذلك هو وجوب أن يأتي ذلك «من خيار ومن مكان رغبة له». يسهل قول ذلك بدلاً من فعله، خاصة في الواقع المعقد للنزاع، مثل الوضع العربي- اليهودي في إسرائيل. ليس السلوك الأخلاقي موروثاً وإنما يحصل عليه المرء من خلال عملية يتم إحياؤها في كل من التعليم غير الرسمي، أي في المنزل وفي المجتمع المحلي، وفي التعليم الرسمي، أي في المدارس وغيرها من المؤسسات التعليمية. لذا يجب نقل القيم الإنسانية والسلوك الأخلاقي إلى كافة الناس وفي سن مبكرة، داخل النظام التعليمي الرسمي وفي المنزل، قبل أن تبدأ العنصرية في التجذَّر. وبالإضافة إلى التعليم، من الأساسي عقد نشاطات مشتركة للعرب واليهود: على المستوى العام مع إدانة كافة مظاهر العنصرية من قبل مسؤولين حكوميين مؤثّرين، وعلى المستويين البرلماني والتشريعي من قوانين ضد العنصرية يجري تطبيقها بشكل كامل، وفي الإعلام عبر منبر يتم توفيره وتخصيصه لبرامج حول العنصرية، وعلى المستوى المجتمعي من خلال إيجاد نشاطات مشتركة للعرب واليهود من كافة الأعمال وفي جميع المواضيع وبمعونة منظمات المجتمع المدني. أمل أبو زيدان ناشطة في برامج تعليمية تشجّع القيم الديمقراطية ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©