الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

راشد عبدالله.. قصة للبدايات في تأسيس أول إذاعة شعبية في الإمارات

راشد عبدالله.. قصة للبدايات في تأسيس أول إذاعة شعبية في الإمارات
17 مارس 2013 20:04
موزة خميس (دبي) - رحل راشد عبدالله بن حمضة العليلي قبل نهاية فبراير الماضي، مؤسس أول إذاعة شعبية في الإمارات، انطلقت من إمارة عجمان بجهود شخصية وفردية، حيث بدأ البث الإذاعي عام 1961 واستمرت حتى 1965، وكانت برامج الإذاعة تقتصر على بث آيات من القرآن الكريم والمواعظ الدينية، إلى جانب الشعر والمنوعات الغنائية، وقد حاول أن يصل بثها إلى أكبر مساحة ممكنة، وذلك من خلال تركيب هوائي عال يزيد على 30 متراً، وكانت الإذاعة تعمل بالبطاريات الجافة. وحول حياة مؤسس أول إذاعة شعبية، يقول نجله عبدالله راشد بن حمضة، إن والده لم يكن يدرك مدى الشهرة التي ستكون من نصيبه وهو في بداية مرحلة الشباب، وأول ما فكر فيه الوالد هو الكسب والسعي لإيجاد وظيفة أو مهنة، بعد وفاة والده في سن مبكرة، وكان اختياره شديد القسوة على شاب يبلغ الرابعة عشرة، حيث عرض عليه العمل بعيداً، في زمن لم تكن فيه وسيلة السفر متوافرة كي يسافر ويعود وقتما زاد به الحنين والشوق إلى الأم والأخوات والوطن، ولم تكن هناك وسيلة اتصال متوافرة، وعندما رحل إلى الخارج برفقة رجل من أهل عجمان، قام بتشغيله في محل لبيع الدراجات والتلفزيون وأجهزة الراديو، وكان أول راتب له ثلاثمائة ريال، وكانت تساوي الكثير بالنسبة للناس في ذلك الزمن. قصة البدايات وقصة الإذاعة مع راشد بدأت من ذلك المحل، الذي هو عبارة عن ورشة لإصلاح الأجهزة الإلكترونية، ويعمل فيها رجل من الهند كمهندس، ولذلك بعد فترة من الزمن التحق بالورشة ليتدرب ويعمل على إصلاح بعض الأجهزة، واستغرق منه العمل في الخارج مدة خمس سنوات، حتى سمع من المسافرين الذين يأتون من الإمارات، أن الأم في حالة شوق شديد ربما يقضي عليها من فراق الابن الوحيد، وهنا قطع سفرته الطويلة، وبقي مدة شهرين مع أمه وأخواته، ثم سافر وبقي لمدة عام آخر كان الأخير، حين قرر العودة نهائياً للوطن لأن فكرة جريئة كانت قد بدأت تراوده وتتراءى له بشكل دائم، وأصبح يحلم بتنفيذها في الوطن. وقام الوالد بتنفيذ مشروعه الخاص، وهو فتح محل لإصلاح الساعات وأجهزة الراديو، ورغم أن الناس لم يكن معظمهم يستطيعون شراء الراديو، ويراه البعض غير ضروري إلا أن الإقبال على إصلاح أجهزتهم وساعاتهم كان جيداً من وجهة نظر راشد عبدالله، حيث كان يتقاضى وفقاً لما ذكره ابنه عبدالله ما بين 20 و30 روبية، وكان يراعي ظروف البعض الآخر، فلا يتقاضى أكثر من خمس عشرة روبية، ومهنة إصلاح أجهزة الراديو التي تعلمها لمدة خمس سنوات، جعلت منه الرجل «المحب لسماع الإذاعات، وكثيرا ما سمع وهو في المملكة العربية السعودية إذاعة صوت ساحل عمان، التي كانت تبث من إمارة الشارقة بجهود حكومية. سرية العمل ويتابع عبدالله راشد: كثيراً ما تساءل لماذا لا تكون في عجمان إذاعة مشابهة؟ فوجود إذاعة في إمارة لصيقة بعجمان يبشر بالخير وبإمكانية تنفيذ ذلك، وفي إصرار، عمل والدي على إنشاء إذاعته، ولم يخبر بها حتى أقرب المقربين. وعندما أصبحت جاهزة للبث قام بتشغيلها عبر تسجيل ما سيبث، حتى اكتمل إطلاق الإذاعة، التي فوجئ بها رواد المقهى، الذي يتجمع فيه جميع رجال الإمارة تقريباً بشكل يومي، حيث قام بتشغيل الإذاعة وذهب إلى قهوة عبدالله الغملاسي التي يتجمع فيها رجال عجمان لتناول الشاي والقهوة وكان الوقت قبل الظهر والجميع كانوا يستمعون إلى جهاز الراديو، فدخل راشد وفتح على الموج] التي ضبط عليها إذاعته ثم جلس، وكانت فترة المنوعات الغنائية، وما إن انتهت الأغنية حتى سمع الناس الجملة التي تقول: «لا نزال نواصل بث هذه المنوعات من إذاعة عجمان». وكان للجملة تأثير كبير على الناس حيث ضجوا وفرحوا وتساءلوا، وظن بعضهم أن المذيع قد أخطأ، فأخبرهم راشد عبدالله بأن تلك الإذاعة تبث من بيته، وأنه هو الذي قام بإنشائها، لكن الأغلبية من الرجال بدوا غير مصدقين، حيث طلب الجميع الذهاب لمنزله لرؤية ذلك بأنفسهم، وأصبح منزله مثل المتحف أو المزار. ولاحظ راشد بن حمضة بذكائه وفطنته الشك في تصرفات ضابط إنجليزي، زارها وقتها، حين قام بتفتيش غرفته جزءاً جزءاً، ليرى إن كانت هناك أجهزة أخرى يخفيها راشد، وكان يكرر سؤالاً واحداً: هل أنت متأكد من أن إذاعتك ليست لها أجهزة أخرى غير هذه التي أمامنا؟، حيث كان كل ذلك خوفا من أن يكون الرجل يملك أجهزة تجسس ربما تلتقط الإشارات الخاصة بالجيش. مساعدات وأنفق راشد عبدالله الكثير من ماله ووقته على إنشاء تلك الإذاعة، حيث أوضح ابنه عبدالله أن بعض المواطنين ساهموا في دعم تلك الوسيلة الإعلامية، من خلال تقديم المساعدات المالية والتبرع بالمواد التسجيلية، كما قامت بعملية جمع التبرعات سيدة مواطنة تسمى مطيرة، وكان يساعدها وقتها سالم راشد بن تريس القمزي، وهو أحد طلبة مدرسة الراشدية. وواجهت راشد بعض المصاعب نتيجة زيادة الاحتياجات في ظل الإمكانيات المحدودة، فتوقف العمل في إذاعته عام 1965، وقام بعدها بالزواج، حتى إن زوجته حين دخلت المنزل وجدت الكثير من الأجهزة والأسلاك، وكان حزيناً على أنه لم يجد الدعم لتستمر الإذاعة، وقدم للعمل في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، حيث عمل مراسلا لمدة 23 عاماً، وبعد التقاعد قام بفتح محل للملابس الرجالية، واعتبر ذلك المحل بمثابة المجلس أو الصالون، الذي يتيح للرجال التجمع فيه للدردشة وتبادل الأحاديث، وقبل شهر تقريبا أصيب بوعكة صحية لم تمهله طويلا، حيث كان قلبه قد أصبح ضعيفاً، فتوقف ليرحل مؤسس أول إذاعة شعبية في إمارة عجمان. جيل الإذاعيين الأوائل رداً على سؤال عن الذين لعبوا دوراً، أشار عبدالله راشد إلى أن سالم عبيد سيف، وهو أول من بدأ في إجراء التجارب الأولى على البث الإذاعي، ويعد أول مذيع حيث قام بتقديم البرنامج اليومي ما يطلبه المستمعون، وشارك أيضاً المطوع خلفان بن حميد بن عيسى، وهو معلم القرآن الكريم وهو رجل ضرير وإمام مسجد، وذلك من خلال تسجيل راشد بن حمضة لخطبة الجمعة قبل إلقائها، ثم يقوم ببثها عبر الإذاعة مساء، وأيضاً شارك جودت عايش البرغوثي من فلسطين، وكان أحد قدامى المعلمين في مدرسة الراشدية منذ إنشائها عام 1958، حين قدم برامج أدبية وتوجيهات تربوية، وفضيلة الشيخ محمد التندي، من خلال المواعظ والبرامج الدينية، وكان للراحل الشاعر حمد خليفة بوشهاب دور من خلال إلقاء القصائد الشعرية، ومن رواة الشعر الشعبي عمران بن سلطان بن مرداس، وقدم الفنان عيد الفرج بعضاً من الأناشيد حينما كان طالباً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©