براقع تراثية في جدارية عصرية

ما تنفك العاصمة الجميلة أبوظبي تفاجئنا بما تزخر به من عناصر جمالية تستثمر يومياً لدفع عجلة التطور السياحي فيها، بما يؤكد النهضة العصرية التي تشهدها في كل القطاعات· تلك المعاصرة والحداثة لم تظهر من فراغ ولم تستورد أبجديتها من الخارج بل استمدت أسسها من الماضي بتاريخه وظروفه ووقائعه، وجيّرت ملامحه وتفاصيله لإحياء التراث من جهة، ولعرضه أمام عيون الذين يزورون البلاد من شتى بقاع العالم من جهة ثانية· وإذا كان مألوفاً أن يرى المرء تفاصيل التراث المختلفة تنتشر هنا وهناك، فإن الذهاب إلى البرقع كثيمة، واستخدامه شعاراً أو وسيلة للتعريف بالمنطقة وتراثها يبدو غريباً إلى حد ما، لكن البحث عن المختلف والمميز هو الذي دفع فندق ''شانغريلا- قرية البري'' أحد أحدث المرافق السياحية في الإمارة التي تستقطب سنوياً ملايين الزوار والسياح، إلى تفعيل التراث الشعبي في تجلياته المختلفة،بدءاً من تصميم بنائه الخارجي والداخلي على الطراز المحلي والعربي، ومروراً بالتركيز على تفاصيله البسيطة والحميمة في آن معاً، وانتهاء بإعطاء هذه تفصيلة صغيرة من التراث حقها وإبرازها من خلال جدارية كبيرة تستند على أحد الجدران في بهو الاستقبال الواسع· أما الثيمة فهي ''البرقع'' أو غطاء الوجه الذي كانت المرأة الإماراتية تستخدمه في السابق، وما زال حاضراً في بعض المناطق، وأما المكان فلوحة جدارية تصطف عليها مئات البراقع التراثية مجزأة إلى سبعة أقسام، في شكل جمالي بديع، اعتمد تقنيات فنية عالية يصعب أن يمر بها الزائر ولا يراها، لهذا تجد حولها الكثير من الزوار ينظرون إليها متسائلين عن معناها!، بينما تشكّل اللوحة أيضاً، اعترافاً بحضور المرأة وكينونتها في الماضي والحاضر والمستقبل، وإشارة إلى دورها في التنمية الاجتماعية والاقتصادية على حد سواء· رضوة صفوت، مديرة العلاقات العامة في الفندق، قالت عن الجدارية: ''كما لاحظتم، فإن اللوحات السبعة تضم براقع حقيقية -لا مجسمات- من قماش أسود موشى بالقصب المذهب، جميعها تفترش أرضية بنفسجية اللون، في 6 لوحات تضم 14 صفاً، وكل صف يحوي 3 براقع، بمجموع 252 برقعاً، بينما تتوسطها لوحة أكبر تضم أيضاً 14 صفاً، كل منها يحوي 4 براقع أي 56 برقعاً، بحيث أن العدد الاجمالي 308 براقع، وكل اللوحات ترتفع نحو 2 متر، وبعرض 50 سنتميتراً''· هذه الجدارية التي تضم اللوحات السبعة لم يأت فيها الرقم سبعة عشوائياً أو جمالياً، بل يرمز إلى عدد إمارات الدولة، بينما اللوحة الكبرى التي تتوسط القطع الست في موقع القلب فتشير إلى العاصمة أبوظبي·