بيت النابودة لسانه يبوح بما يخفي قلبه

إذا كان ''للحيطان آذان'' فإن بيت النابودة له ''لسان'' يحدث ويحكي، ويسمعه القلب قبل الآذان· يقول البيت الذي يفوح منه عبق التاريخ والتراث: ''أنا واحد من أهم الأماكن التراثية في الشارقة· صرت ''متحف الشارقة للتراث'' بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة، وبإشراف دائرة الثقافة والإعلام، ويمكن لمن يرغب في مشاهدتي أن يأتي إليَّ في منطقة الغرب في حي ''فريج السوق''، ليشرب القهوة العربية التي تفوح منها رائحة الهيل ويتذوق بعض حبات التمر كتحية ترحيبية أقدمها لكل زائر''· أما معمار البيت فينبئك عن العمارة التقليدية التي كانت متبعة في المباني القديمة، حيث الطراز الإسلامي واضح في التفاصيل التي تعكس روحاً شارقية بحتة، يحدثنا عنها محمد ثاني المشرف على البيت· يقول ثاني: للبيت مدخل منكسر أسوة بالبيوت الشارقية ذات النمط الإسلامي، إضافة إلى الملاحق والسلالم· ويعود هذا البيت للسيد عبيد بن عيسى بن علي الشامسي الملقب ''بالنابودة''· وقد سكن البيت هو وزوجاته وأحفاده· بني عام 1845م، وتبلغ مساحة البناء فيه 1280 متراً مربعاً، أما مساحة فنائه فهي 510 أمتار مربعة، ويعد أحد أكبر الأبنية في الإمارات في ذاك الزمن· ويعرض حالياً نماذج الترميم، الألعاب الشعبية، السفن وحياة البحر، الأزياء الشعبية، الحلي والزينة· تصميم البيت يعتبر هذا المبنى المكون من طابقين في تصميمه الخليجي والعربي التقليدي، تحفة معمارية تعبر عن نمط حياة ثقافية متميزة ومتكيفة مع الظروف المناخية والموارد الطبيعية والحاجات الاجتماعية لخصوصية الحياة والأمن· فقد بني من مواد متوفرة محلياً وأخشاب مستوردة· واستغرق بناؤه 18 شهراً وتمت الاستعانة ببنائين مهرة من الهند· يحتوي البيت على ثلاثة أجزاء: المبنى الرئيسي وغرف المعيشة وملحق المطبخ والمجلس· يتكون الطابق الأرضي من 11 غرفة بما في ذلك جميع غرف النوم والمطبخ بساحته والبئر والحمام، يعلوه درج صغير· يوفر هذا المكان الداخلي المحوري السلام والطمأنينة لسكان البيت· ويمكن لكل من يزوره أن يتخيل أفراد العائلة وهم يتحركون جيئة وذهاباً عبر هذه الباحة، التي تلقي عليها شجرة النخيل ثم اللوز لاحقاً ظلها الوارف، فتبدو كواحة خضراء وسط الجدران البيضاء، بينما تستقبل أسطح المبنى الخارجية النسائم العليلة، وهكذا يتمتع السكان بالضوء والظلال طوال النهار· الباب بحسب ثاني، تختلف أبواب اليوم المصنوعة من الحديد أو الخشب عن أبواب الماضي، فقد كان الباب المتين الثقيل يقف كحارس للمدخل الرئيسي، جامعاً بين مهمته كمدخل يتحكم بحركة الداخل والخارج من وإلى البيت وبين جماليات الزخرفة· فجميع الأبواب (38 باباً) مزينة بأشكال نباتية وهندسية متنوعة تعكس فخامة الباب المصنوع من الخشب الصلب لأغراض الأمن مع لوحين وفجوة داخلية مفتوحة· وكان الباب المزدوج يفتح لكبار الزوار فقط، أما في الأوقات الاخرى فكان أهل البيت وزوارهم يدخلون عبر أبواب صغيرة تفتح فقط عند الاستعمال· فتحات التهوية ليس لبيت النابودة كسائر البيوت الاخرى في زمنه أبراج بارزة أو ''براجيل'' كما جرت العادة، وتأتي التهوية - كما يقول ثاني- ''عبر الفتحات المخفية الجارية من السقف إلى الأرض، ساحبة بذلك نسائم الهواء العابرة التي تولد تياراً من الهواء المنعش البارد· وغالبا ما تنتهي هذه الفتحات إلى فجوة في الجدار مما يجعلها تصلح كمكان للتخزين· ويظهر نظام التهوية في الطابق الأول بوضوح''· ويضم البيت/ المتحف مرافق عديدة هي: ؟ غرفة الترميم: تحتوي على مجسم يوضح مراحل ترميم البيت إلى جانب معروضات عن مكوناته قبل الترميم مثل: باب بيت النابودة الأصلي، زخارف جصية، عمود وتاج· ؟ غرفة النوم: وهي خاصة بأحد أبناء النابودة· توجد بها مجموعة من الأغراض تشكل الأثاث القديم مثل السرير ذي القوائم التي تمتد إلى الاعلى، ويوضع عليها ما يشبه الحجاب أو الساتر، وقد فرشت الغرفة بالسجاد القديم، ويوجد بها الصحون الخزفية· ؟ غرفة المراكب: تعرض فيها السفن المعروفة في الخليج وحياة البحر· ؟ غرفة الأزياء الشعبية: تعرض فيها الملابس والحلي التي كانت المرأة تتزين بها قديما والمرصعة بالأحجار الكريمة· ؟ غرفة الألعاب الشعبية: تضم بعض الألعاب الشعبية التي كان الأطفال يلعبونها في ''الفريج''· ؟ غرفة السفن: تعرض فيها سفن مختلفة منها: ''الجالبوت'' وتستخدم للغوص وصيد اللؤلؤ، و''البغلة'' و''البوم'' وتستخدم للسفر والشحن وغيرها· كما تعرض ''الديرة'' أو البوصلة، وصندوق اللؤلؤ و''البشتخته'' القديمة مع اسطوانتها· وهناك غرف أخرى يمكن للزائر أن يستمتع برؤيتها·