الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاختلاف والتفرقة والتفكير الإيجابي

17 مارس 2013 20:06
تمارس التربية والتعليم والثقافة والإعلام وغيرها من مؤسسات التوعية والتوجيه، دوراً حاسماً في تحديد بوصلة المجتمعات واتجاهاتها واهتماماتها، وعندما تكون المجتمعات في حالة من النزاع الداخلي المتواصل تكون هناك بالتأكيد مشكلة بنيوية لا تتوقف فقط على السياسات والمصالح الآنية، بل تتعداها إلى مستويات تتخطى الظاهر والشعارات والدعاية المحيطة بمثل هذه النزاعات. صحيح أن هذه النزاعات تستند في الغالب إلى تفجّر (أو تفجير) تركيبة منوّعة. إلّا أن كل كيان صغيراً كان أم كبيراً، مادياً كان أم بشرياً، في الغرب والشرق على حد سواء، ينطوي على عناصر اختلاف وانسجام. بل إن الاختلاف الطائفي والعرقي والثقافي والطبقي في مكونات التركيبة الاجتماعية والثقافية لكيان ما قد يزيد، كماً ونوعاً، عن عناصر الانسجام، ومع ذلك يكون أكثر استقراراً وازدهاراً وتقدماً في معظم المجالات. والأمثلة كثيرة في العصر الراهن وخاصة إذا تطلعنا غرباً وراء الأطلسي. هذا أيضاً يؤكد الطبيعة البنيوية للمشكلة ويتطلب البحث فيما وراء الانطباعات والشعارات الجاهزة. وإذا كان من المنطقي أن يحوم شبح سياسات التفرقة فوق كل قتال أو حرب أو صراع، إلا أن المثير أن مثل هذا الاعتقاد لم يسهم ولا مرة في حل مثل هذه الأزمات المتتالية منذ عقود وربما قرون. ورغم أن هذه المشكلة/الظاهرة أصبحت مزمنة بشكل ما، إلا أننا لم نكتسب حتى الآن أية طريقة أو وسيلة للتعامل المناسب مع مثل هذه المؤامرات الخارجية، لسبب بسيط وهو أن الاختلاف على تحديد هوية المُفرّق قد تغلّب على أي شيء آخر. مثل هذه المكاسب تحتاج للتفكير الإيجابي الذي يضع نصب عينيه ضرورة إيجاد الحل- وأحياناً أي حل- للخروج من حالات التفرقة ومآزق التقاتل الداخلي. هذا المنحى أو النوع من التفكير يمكنه تحصين المجتمعات من التفرقة، داخلية كانت أم خارجية، إنه يوفّر قدرة وبيئة من شأنها ابتكار آليات لحل الخلافات وإرضاء الأطراف والمكوّنات ونقل علاقاتها من الاختلاف والتنازع إلى المصالحة والتفاعل والإبداع. والنقيض الطبيعي للتفكير الإيجابي هو التفكير السلبي الذي يؤدي إلى تحويل الاختلاف من مصدر للتنوع الخلاّق إلى بؤرة انفجار، أي يحوّل المجتمعات إلى لقمة سائغة لأية مساعٍ للتفرقة وفتنتها. ولأن المشكلة بنيوية وليست ظرفية، فإن إحلال التفكير الإيجابي مكان السلبي لا يتم بين ليلة وضحاها ولا بقدرة ساحر، بل لا بد من حالة عامة، نخبوية أو أكثر، تأخذ على عاتقها نشر نهج هذا التفكير وتقنياته وفلسفته في مفاصل العملية التربوية والتعليمية، ومؤسسات الإعلام والثقافة والتوجيه. وفي شتى الأحوال إن مثل هذه التفكير يشكل حاجة عامة ليست حصراً على كيفية الحد من ظواهر التقاتل والفتن، بل حاجة ملحّة للمساعدة في حل مشاكل شائكة. فحتى العلاقات الأسرية يمكن أن تتفجر إن لم نستوعب أي اختلاف ثم نطوره ونجعله مصدر غنى وتنوع بواسطة التفكير الإيجابي. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©