السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

احتفالات في أحضان الجبل تفوح منها رائحة أصالة التراث

احتفالات في أحضان الجبل تفوح منها رائحة أصالة التراث
17 مارس 2012
موزة خميس (رأس الخيمة) - اختفت احتفالات إشهار ختان الأبناء الذكور لدي بعض القبائل، ولم يعد هناك وقت أو ربما اهتمام باقامتها، لكن هناك من فكر في إحياء هذه العادة، وجهز لها وأقام الولائم ودعى لها رجال المنطقة والأحياء القريبة من منطقته في رأس الخيمة، وهو خميس سعيد المزروعي بمشاركة شقيقه. وقال إنه وجد أن الاحتفالات فرصة لتجمع الأهالي، الذين أصبحوا لا يجتمعون ببعضهم مثلما كان في الماضي، واليوم يتلاقون في فترة الصلاة بالمسجد عند الفجر وربما العصر إن كان الرجال جميعهم في المنطقة، لكن في الغالب الكثير من الشباب والرجال يتوجهون إلى المدن، وذلك من أجل الدوام في وظائفهم، كما يذهب البعض لقضاء أوقاته خارج المنطقة، أو زيارة أقاربه في مناطق أخرى، ولذلك لم يعد الأهالي يجتمعون مثلما كان حال آبائنا عندما كنا أطفالاً. طقوس الاحتفال المزروعي أشار إلى أنه من أجل ذلك ومن أجل إضفاء طابع احتفالي على المنطقة، قرر إقامة احتفال بمناسبة ختان أبنائه وأبناء أخيه، لأن المنطقة لا تقام بها الاحتفالات إلا في عيدي رمضان والأضحى أو عندما يقام حفل زفاف، لذلك لا تحدث الكثير من الأفراح، فاختار أن يكون الطهي أيضاً حسبما كان في الماضي، حيث لم يكن هناك طهاة أجانب، إنما يتطوع رجال المنطقة للتعاون والطهي مع أحد رجال العائلة التي تحتفل بأي مناسبة، حتى القدور أو طناجر الطهي العملاقة، إن لم تكن الأسرة ميسورة، تستعيرها من عائلة أخرى . وأوضح أن أحد رجال العائلة يقوم بالمرور على رجال المنطقة لدعوتهم للمناسبة، كما ينتهز الداعي فرصة التجمع للصلاة لإعلان الدعوة لأكبر عدد ممكن، وخلال فترة يوم الدعوة يتم اختيار الذبائح لإقامة الوليمة، وعادة ما تكون من ضمن قطيع تملكه الأسرة، لأن العديد من الأسر في مناطق رأس الخيمة، يقومون بتربية الماعز والخرفان لهذا الغرض، ولأجل الحصول على اللحم طوال العام، ولا يحتاج أحد للذهاب إلى سوق الأغنام، إلا أن كان لديه المزيد ويرغب في البيع، وليس الشراء. ويكمل المزروعي: غالب شباب القبائل هم ممن يحفظون الرزيف وأيضاً الأبيات الشعرية التي تقال في المناسبات، ولذلك ما إن تتم دعوة أحدهم حتى يسارع لإخبار بقية شباب المنطقة، وذلك من أجل معاونة صاحب الدعوة في إحياء الاحتفال بالرزيف والأهازيج دون مقابل، لأنهم ليسوا فرقة تجارية، إنما من أهل المنطقة أو المناطق القريبة، وفي العادة يكونون أبناء عمومة أو أصهار أو أصدقاء مقربين نتيجة الجيرة والعشرة. العادات القديمة انتقلنا مع خميس إلى سعيد المزروعي وهو والد خميس ليخبرنا عن العادات القديمة الخاصة بالختان، فقال إن الدعوة إلى وليمة بمناسبة الختان تكون بمثابة بطاقة إشهار لختان الأطفال من الذكور، ولذلك فإن كل ولي أمر يرغب في إخبار الأهالي أنه قام بختان أبنائه، يدعو لوليمة ويقيم احتفال بهذه المناسبة، وتكون هناك ساعات من الترقب من طرف جميع الأهالي لأنهم سيجتمعون ويلتقون ببعضهم، ولأنهم سيباركون للأسرة. وعند سؤال سعيد عن الذي يحدث في ذلك اليوم: يأتي المقربون من الجيران والأهل منذ الصباح الباكر، حيث يقدمون عرضاً للمساعدة، حتى يشعروا الأهل أنهم من أهل البيت، وتأتي النساء ليعملن في تقطيع عشرات الكيلوات من البصل، وما يتم وضعه مع اللحم، كما ينظفن كميات هائلة من الأرز، وفي بعض الأحيان تكون المهمة كاملة على رجال من المنطقة، وهم خبراء في تهيئة كل ما يتعلق بصنع العيش واللحم، ومنهم من يعرف كيفية تنظيف المكان. ويستدرك سعيد، لكن اليوم ولتوافر الشغالات فإن عملية التنظيف في الجزء الخاص بمكان لقاء النساء، تتم عن طريقهن وأيضاً يجهزن الصواني وكل ما سيحتاجون له أثناء الحفل، وبالنسبة لمكان الرجل فإن اليوم الأسرة لديها بعض الأيدي العاملة، ولذلك عند إحياء مناسبة، تجدهم يتطوعون للمساعدة، فيما يتعلق بمعاونة الطهاة من السكان المحليين للمنطقة في عملية الطهي، وتنظيف المكان، ورمي المخلفات في المكان المخصص. اللهجة المحلية وأوضح أنه في اللهجة الدارجة يقال سنطهر الوليد، والتطهير تعني الختان وتوجد عملية خاصة بالإناث،كانت تفعل قديما، لكن اليوم تم منع عادة ختان الإناث، وبالنسبة للبنين فإن عملية الختان تتم قبل أيام عدة من الحفل أو الوليمة، ويتجمع الأقارب لأجل التحادث قرب المكان الذي يتم فيه الطهي، فلربما يحتاج الطهاة إلى من يساعدهم في بعض الأمور، خاصة تصفية اللحم وإخراجه من المرق. وتدخل سيف سعيد محمد بقوله إن شباب المنطقة يأتون ويذهبون ثم يعاودوا المجيء، تعبيراً عن حرصهم على المساعدة، وأيضاً لأن عملية التلاقي تجعل التقارب بينهم يتجدد، ويبقى ذلك من الذكريات الجميلة، وربما يرتبط بأحداث أخرى، وكمثال على ذلك عندما يرغب أحدهم في تذكر موعد أو أي حدث، ويكون ذلك مرتبط بيوم الاحتفال، فإنه من السهل القول لقد صادف ولادة فلان أو يوم وليمة ختان آخر. وأضاف إن أجمل ما في الولائم والاحتفالات ليس المجيء لتناول الطعام، لأن كل الناس في خير ونعمة، ويملكون المقدرة على صنع الأطعمة والأطباق الشهية أو يشترونها جاهزة، لكنهم يأتون لمشاركة الأهل فرحتهم بأبنائهم، ولذلك فإن جمال المناسبة يمكن في التقارب، وفي تجمع الرجال بعد فترة من الزمن ربما لم يلتقوا خلالها ببعضهم، وبمجرد وصولهم تقدم لهم القهوة، ثم يؤتى بالفوالة حسب الموسم ولذلك ربما تكون هناك ثمار شتوية أو صيفية إلى جانب الأطباق الشعبية من الحلويات. سباقات علي خميس كان يجلس بجوار سعيد ولم يكن يرغب المشاركة في الحديث، لكن بعد أن سمع الأحاديث، أضاف: الاحتفالات كانت تبدأ منذ الصباح الباكر، وتستمر لمدة ثلاثة أيام، ويتخللها أوقات لإقامة السباقات مثل السباق على الهجن أو الإبل والسباق على الحمير، وهو من باب المرح واللهو وإضفاء الطابع الفكاهي على السباقات، وبعد إن يدعو صاحب الوليمة، الأهالي فإنهم يسارعون لتقديم الهدايا، ومنهم من يهدي بقرة والبعض يهدي بعض الأغنام، والبعض يأتي بالدواجن، وكل منزل يأتي بطبق يوضع مع بقية الفوالة، وكان ذلك نوعاً من التكافل، واليوم أختلف الوضع، حتى في ولائم أخرى مثل زيارة شخصية أو عودة غائب، وحين تقيم الأسرة وجبة غداء أو عشاء بتلك المناسبة، فإنها تتقدم لدعوة الرجال خلال الصلاة، ويطلبون من بقية الرجال الحضور دعوة من لم يحضروا، لكن يتجاوب عدد قليل جدا من المدعوين، وذلك مؤشراً غير جيد. وذكر أنه في المكان المخصص للنساء سواء من أهل البيت أو الحضور، يتم ترديد الأهازيج لكنه لا يتذكر ما كان يقال، مشيراً إلى أنه اليوم لم تعد النساء تحفظ ما كانت الأمهات يرددنه، وربما كان هناك بعض الشعر من بعض العجائز اللاتي أقعدهن المرض، ولم يعد أحد يتذكر ما كن يرددنه، لكنهن في النهاية يرحبن بتجمع المدعوات حيث إن المرأة في المنطقة تفرح لمجيء الزائرات إلى بيتها. وعن أهمية هذه المسألة أوضح أن الناس تقول إن هذا إنسان يوجّب جيرانه ويعني ذلك أنه يقبل الدعوة، ويترك كل ما لديه من عمل أو وقت راحة، كي يأتي لأداء الواجب تجاه الأسرة، حتى ولو جلس دون أن يشارك في إعداد الوليمة، فمجرد مجيئه يعد شيئاً كبيراً، لأن كل أسرة من المنطقة تعلم أن الدور سيأتي عليها ذات يوم، وستحتاج لوقوف أهل المنطقة في حفلهم، سواء كانت لعقد القرآن أو الزفاف أو عودة غائب. خلال الاحتفال قدم مجموعة من الشباب وتناولوا القهوة ثم خرجوا إلى الفناء للبدء في التمرين للرزفة، في انتظار المزيد من الشباب من أصدقائهم، والذين تدربوا وبرعوا في أداء حركي يرفضون أن يطلق عليها رقص، وإن كان فلكلورياً أو تراثياً. وقد أعد خميس المزروعي المكان وهيأه من أجل المزيد من الضيوف، وكانت هناك حركة نشطة في المكان، لكنهم رغم ذلك يؤكدون أن الاحتفال الحقيقي يكون بعد صلاة العشاء، لكن المنطقة لا توجد بها إضاءة كافية، ولذلك فإنهم يقيمون فقراتهم التراثية أثناء النهار، ويتركون اللقاء للتسامر وتناول الأطعمة في المساء حتى الحادية عشرة ليلاً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©