لا تتوقف خطورة مرض السكري عند حد المعاناة الدائمة للمصابين به، في ما يتعلق بطبيعة الطعام الذي يتناولونه والنشاطات التي يمارسونها، وانعكاساته على نظام حياتهم بشكل عام، بل تأتي أيضاً من المضاعفات الصحية المفصلية التي يمكن أن يصابوا بها· فقد يؤدي أحياناً إلى الوفاة أو الإصابة بعاهات مستديمة يصعب على المختصين علاجها مثل (فقدان البصر، عجز الكلى، تخريب الاعصاب المحيطية، فقدان الاحساس) وغيرها·
وبالطبع تترتب على ذلك نتائج خطيرة على المصاب وعائلته وعلى المجتمع أيضاً، لذلك، وحرصاً على التوعية بالسكري ومخاطره يستعد مركز ''امبريال كوليدج لندن للسكري'' حالياً لتنظيم ''ماراثون التوعية بمرض السكري السنوي الثاني'' الذي سيقام في 14 نوفمبر المقبل، الذي يصادف اليوم العالمي لمرض السكري·
وفي حوار خاص مع ''دنيا الاتحاد'' قالت الدكتورة مها بركات المدير الطبي ومدير الأبحاث في المركز: ''تبلغ المسافة التي سيقطعها المشاركون في ''الماراثون'' خمسة كيلومترات، ويتوقع أن يبلغ عدد المشاركين قرابة 10 آلاف شخص، بزيادة قدرها 100% عن ''ماراثون'' العام الماضي ·2007
وفسرت الدكتورة بركات هذا الاهتمام بالسكري والحرص على توعية الجمهور بمخاطره بأنه ''يعود إلى شيوعه وانتشاره في الدولة، فحسب مصادر مختصة تحتل الإمارات المرتبة الثانية عالمياً في نسبة أعداد المصابين بالسكري· والأرقام تشير إلى أن واحداً من كل خمسة أشخاص بين سن 20 و79 سنة يعاني من مرض السكري''·
من جهة ثانية، تتابع الدكتورة بركات، تشير الإحصائيات العالمية إلى أن عدد المصابين بالسكري حول العالم يبلغ نحو 246 مليون شخص، ومن المتوقع أن يصل إلى 380 مليوناً خلال 20 عاماً·
وننتقل من ''الماراثون'' وأخباره
إلى تفاصيل الحوار الذي يتناول المرض وأنواعه وأسبابه وطرق الوقاية منه وغيرها·
بداية، تعرف د· مها بركات السكري: ''حالة مرضية تتميز بارتفاع السكر ''الجلوكوز'' في الدم فوق المستوى العادي· والسبب في ذلك هو أن البنكرياس، وهو عضو داخلي في الجسم، لا يقوم بإفراز الكمية الكافية من الأنسولين أو تصبح مادة الأنسولين المفرزة غير فعالة، ومن المفروض أن تقوم مادة الأنسولين، وهي هرمون يفرزه البنكرياس، بتنظيم مستويات كمية السكر في الدم وتسمح للجلوكوز بالدخول إلى خلايا الجسم لتوفير الطاقة''·
نوعان
هناك نوعين من السكري، الأول يحدث بسبب المناعة الذاتية لوجود أجسام مضادة تتلف خلايا بالبنكرياس فلا تفرز الأنسولين· والسبب وراء ذلك ليس مفهوماً تماماً، والمرضى الذين يعانون هذا الداء يفرزون القليل من الأنسولين أو لا يفرزونه إطلاقاً· ويمكن أن يصيب هذا المرض الجميع لكنه عادة ما يصيب الأطفال والشباب صغار السن· والذين يعانون مثل هذا النوع من السكري يحتاجون إلى حقن الأنسولين يومياً لكي يتمكنوا من السيطرة على مستوى الجلوكوز في الدم· علماً بأن عدم حصول مرضى النوع الأول من السكري على الأنسولين يؤدي إلى الوفاة''·
أما النوع الثاني، تتابع بركات، ''فإن الأفراد الذين يعانون منه لا يحتاجون إلى حقن الأنسولين، وعادة ما يتحكمون في الجلوكوز في الدم باتباع حمية غذائية وممارسة التمارين بصورة منتظمة، مع تناول الأدوية عن طريق الفم وربما الأنسولين كذلك· وهذا النوع هو الأكثر شيوعاً بين المصابين بالسكري، نحو 90 - 95% ممن يتجاوزون عمر الـ45 عاماً، لكن ونظراً لازدياد معدلات السمنة بين صغار السن فقد أصبح أكثر شيوعاً بين الأطفال والشباب''·
ويمكن أن يؤثر ''السكري، مع مرور الزمن، في القلب والأوعية الدموية والعينين والكليتين والأعصاب· وتتمثل العواقب المشتركة لمرض السكري باعتلال الشبكية، وهو من أهم أسباب فقد البصر، ويحدث نتيجة للضرر المتراكم في الأوعية الدموية الصغيرة على مستوى الشبكية، وبعد 15 سنة من مرض السكري يفقد نحو 2% من المرضى بصرهم في حين يجابه نحو 10% منهم علة بصرية حادة· ونتيجة السكري أيضاً يحدث اعتلال عصبي سكري تتمثل أعراضه في النخر والألم والضعف في القدمين واليدين''·
اكتشاف المرض
ويمكن اكتشاف مرض السكر لدى شخص ما، من خلال أعراض معينة، مثل: فقدان الوزن، زيادة العطش، كثرة البول، أو لأسباب غير مباشرة بسبب حدوث مضاعفات في بعض الأجهزة العضوية كتدهور النظر باستمرار، العنة الشديدة، الالتهابات الجلدية العنيفة، أو يكتشف السكر مصادفة أثناء تحليل البول أو الدم لسبب آخر بعيد تماماً عن مرض السكر''·
تعتبر د· بركات أن ''التغيرات البسيطة في نمط الحياة تساهم في منع الإصابة بمرض السكري، إذ أظهرت الأبحاث أن الجمع بين حمية غذائية صحية وممارسة النشاط البدني والحفاظ على وزن جيد والامتناع عن التدخين، كلها عوامل تساهم في تقليل مخاطر الإصابة بمرض السكري''·
وتركز د· بركات على أهمية التغذية الصحيحة ودورها في الصحة العامة للإنسان، خصوصاً لدى المصابين بمرض السكري· وأخيراً، تدعو د بركات إلى قراءة المعلومات والتوضيحات الموضوعة على عبوات الطعام، فهي تعرف بما يتم تناوله وما يتوجب تجنبه''·
عدد اليوم
