الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هلاوس دردشـــــة

هلاوس دردشـــــة
22 يونيو 2008 01:48
اعتاد أشرف وصديقه عادل أن يذهبا إلى نادي الإنترنت في نهاية الشارع كل يوم، للعب لعبة (كاونتر سترايك) الشهيرة· في هذه اللعبة يشترك معك عدد من اللاعبين في نادي الإنترنت، وتغيب عن العالم بضع ساعات· في زيارتهما الأولى لهذا النادي لم يخطر ببالهما أن اللعبة إدمانية لهذا الحد، حتى عندما رأيا ذلك الفتى الذي غلفه نسيج العنكبوت، والفتى الذي تحول إلى هيكل عظمي ممسكاً بعصا التحكم· كما لم يتوقفا كثيرا أمام الأم التي تحمل كيساً مليئاً بالشطائر وتقف على الباب دامعة - كأنها تقف على باب سجن القناطر - ترجو صاحب النادي أن يحمل هذه الشطائر لابنها الوحيد الذي لم يذق الزاد منذ أسبوع· لعبا كثيراً جداً ثم بدآ يملان هذه اللعبة· وهنا استرعى انتباههما هؤلاء الشباب الذين يجلس كل منهم أمام شاشة مقسومة إلى نصفين، وأمامه صورة فتاة حسناء أو شاب وسيم وجمل متلاحقة كأنه حوار مسرحي· هناك فتيات تجلس الواحدة منهن أمام شاشة، لكن هناك ألف عين فضولية تختلس النظر إلى ما تكتبه· عرف أشرف وعادل أن هذا هو ''الشات'': الدردشة الإلكترونية· تعطي نفسك اسماً زائفاً ثم تجلس أمام برنامج الدردشة وتبحث عن شخص تريد الكلام معه، وتمر ساعات طويلة عليك وأنت في هذا الوضع· وهكذا قرر الصبيان أن هذه لعبة مسلية أكثر من (كاونتر سترايك)· وسرعان ما جلس كل منهما أمام شاشة وبدأ يبحث عن اسم يتحدث معه· قرر أشرف أن يطلق على نفسه اسم (العاشق الحزين)، ووجد فتاة اسمها (المعذبة) فطلب أن يتكلم معها· - أنا العاشق الحزين· مهندس في الأربعين ومقيم في كندا (طبعاً أشرف طالب في الصف الثاني الإعدادي وهو من (بولاق) في مصر)· - وأنا المعذبة، فتاة رقيقة، زرقاء العينين في العشرين من مصر· وبما أنني معذبة فأنا لا أكف عن البكاء· وهكذا ولدت صداقة حميمة بين الاثنين· الصداقة تحولت خلال نصف ساعة إلى قصة حب· المهندس الحزين الذي لم يلق قصة حب حياته وجدها أخيراً· وهي التي لم تلق رجلاً صادقاً حتى اليوم وجدَتْهُ الآن· - ''هات عينيك تسرح في دنيتهم عينيا''· - ''الموج الأزرق في عينيك يناديني نحو الأعمق''· هنا مال عادل على أشرف يخبره أن موعد درس العلوم قد جاء، فانتفض أشرف مذعوراً وكتب للفتاة: ''آسف، هناك اجتماع لمجلس الإدارة مع الخبراء اليابانيين حالاً· يجب أن أتركك يا أغلى الناس''· كتبت الفتاة: ''أما أنا فقد حان موعد بكائي اليومي· لا تنسني يا أعز الناس واذكرني عندما يكتمل قرص القمر وعندما يرحل الخبراء اليابانيون''· أغلق الصبيّان جهازي الكمبيوتر ودفعا الأجرة، ثم غادرا المكان وهما يوشكان على الموت ضحكاً· هذه لعبة مسلية أكثر من أية لعبة لعباها في حياتهما· قال أشرف لصاحبه وعيناه دامعتان من كثرة ما قهقه: ''وجدت فتاة حمقاء، أقنعتها أنني مهندس ثري في الأربعين أقيم في كندا، وأنني لم أتزوج لأنني لم أجد فتاة تفهمني سواها!''· قال عادل وهو يمسك ببطنه التي آلمته من الضحك: حمقاء!· وأضاف: ''أما أنا فقد خدعت رجلاً أبله· زعمت أنني فتاة مرهفة، حساسة، زرقاء العينين، لا تكف عن قراءة الشعر والبكاء· فتاة لم تجد قط رجلاً يفهمها أو يصدق معها''· وانفجر الصبيان ضحكاً وضربا كفيهما· وللحظة خطر لأشرف أن ما يقوله عادل يبدو مألوفاً إلى حد ما، ثم نسي الأمر كله· المهم أنه سيكون هنا غداً لينعم بالكلام مع تلك الفتاة الرقيقة الحزينة· قال أشرف وهو يشير لرأسه في ذكاء: ''من السهل أن تخدع أي واحد على شبكة الإنترنت لأنك لا تضمن أية معلومات تقال من أي نوع''· قال (عادل): لكننا ذكيان ومن الصعب أن يخدعنا أحد· قال أشرف: أحسنت القول، لا تنس موعدنا غداً لنواصل المرح!!·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©