الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زورو الشوارع

22 يونيو 2008 01:48
بقيت سنوات طويلة في الشوارع أقوم بدور زورو ، بالطبع لا أسرق من الأغنياء وأعطي الفقراء، وإنما أتبنى مظاليم الطرق· بقيت هكذا إلى أن أنجبت أطفالاً، زوجتي هي التي أنجبت في الحقيقة، وصاروا هم قضيتي بدلاً من الاهتمام بأولاد الشوارع· بدأت الفكرة حين لاحظت أنني أعبئ سيارتي بالبترول ثم أحرقه بلا هدف، فكل يوم هناك ما بين 3-8 ساعات ''لفلفة'' في الشوارع، فقررت البحث عن قضية أشغل بها وقتي الثمين، فكانت قضية المظلومين مرورياً· كنت أبحث عن الرادارات المتحركة، فإذا لاحظت إحداها، عدت إلى الشارع نفسه محذراً السائقين من اختباء العدو خلف شجرة أو سيارة أو عامود إنارة· وكان بعض السائقين تكفيهم الإشارة، ويشكرونني على نبل أخلاقي، لكن بعضهم الآخر كانوا أغبياء لا يعرفون معنى ما أقوم به ويواصلون السير بسرعة· ولأن الأخذ بيد الضعفاء عقلياً واجب على أصحاب القضايا، فكنت ألحقهم بأقصى سرعة ثم أتجاوزهم وأتعمد التخفيف قبل الرادار واستعمال الإشارات الإضافية، فيضطرون إلى التخفيف خلفي، ويظنون أنني أستفزهم، فتصدر منهم تلويحات بذيئة من أيديهم، وأنا أضحك وأقول: هل هذا جزاء الإحسان؟ ومرة قال لي أحدهم إن مدى رؤية الرادار على شارع الاتحاد بين دبي والشارقة لا يصل إلى خلف الخط الأصفر وبالتالي لا يمكنه ضبط السرعة هناك· ووجدتها فرصة لمساعدة السائقين المستعجلين الذين يقودون بسرعة جنونية، خصوصاً أن الشارع في ذلك الزمن كان يزدحم في أوقات الذروة فقط· ومع منتصف الليل بدأ الاختبار، فقدت بسرعة عالية على الخط الأصفر متوجهاً إلى الشارقة، لكن ''فلاش'' الرادار أضاء المكان، وقلت لا بد أنه ضبط السيارة المحاذية التي يقودها شخص لا يعرف شيئاً عن نقطة ضعف هذه الأجهزة الغبية· وعدت مرة أخرى إلى دبي وكررت المحاولة وأضاءت الحقيقة نورها في وجهي للمرة الثانية· ولا بد أن جماعة الرادار تعجبوا في ذلك اليوم من شخص وقع في فخ الرادار نفسه مرتين خلال أقل من عشر دقائق· اكتشفت بعد هذه الحادثة أنني لا أصلح لإفساد متعة رجال المرور وهم يحصدون المخالفين بأجهزتهم، و''من صارع الحق صَرعه''، ثم تذكرت أن هذه الأجهزة في النهاية تضبط السائقين وتقلل من نسبة حوادث السرعة المميتة· وانتقلت إلى الجزء الآخر من القضية، أي الدفاع عن السائقين المدهوسة حقوقهم المرورية· أمشي في حالي في المسرب الثالث، وألاحظ أن طائشاً في المسرب الأول يبعد السائقين أمامه برعونة وجنون· فأشمّر عن إطاراتي وألحق به برعونة وجنون ليعرف أن كل مجنون فوقه من هو أجن منه، وفوق كل أرعن هناك من هو أكثر رعونة· وإذا لاحظت الموقف نفسه وكان هناك سائق يعيق الحركة بقيادة بطيئة لا مبالية ولا يستجيب لنداءات الشعب الذي ''يُهرن'' أو يضيء المصابيح العالية خلفه، أقول لهم أبعدوا وأنا كفيل بتأديبه، وأتجاوز الجميع وانحرف على كل السيارات حتى أصل خلفه، ثم لا أتركه إلى أن يستجيب للشعب الذي يريد الحياة· وإذا انتبهت إلى محاولة دخول سيارة بين أرتال السيارات من دون استئذان وبشكل فج واستعلائي، فإنني لا أكتفي بمنعه من الدخول أمامي، بل أظل أراقبه من المرآة الداخلية لأرى ما يحصل من بعدي، فالذي يتبنى قضية ما، لا يجوز أن يقول ''أنا ومن بعدي الطوفان''، فإذا اقتحم الرتل خلفي مباشرة، فإنني أمارس معه كل ما تعلمته من فنون رفع الضغط· ومع زواجي وإنجابي خسر السائقون في الإمارات واحداً من أكثر الناس اهتماماً بقضاياهم المرورية· ahmedamiri47@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©