الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روسيا وسيناريوهات الانتخابات الرئاسية

1 يناير 2012
يحدق زعماء روسيا حالياً في مأزق صعب في وقت يحتج فيه مواطنوهم على الانتهاكات والتجاوزات التي شابت انتخابات الرابع من ديسمبر البرلمانية. وإذا كانت هذه الاحتجاجات وأعمال التزوير الانتخابي التي أدت إليها تمثل تخوفات حقيقية، فإن التهديد الحقيقي الذي يواجه نظام رئيس الوزراء فلاديمير بوتين هو خسارة الانتخابات الرئاسية في الرابع من مارس، أو أن تكون تلك الانتخابات متبوعة بموجة أكبر من الاحتجاجات. غير أن ثمة لحسن الحظ حلاً سهلاً لهذه المشكلة يبدو أن الكريملن أخذ الآن فقط يتأمله، ألا وهو السماح بإجراء انتخابات حرة في مارس المقبل. فالرؤساء الروس يفضلون الفوز في الانتخابات الرئاسية في الجولة الأولى من التصويت بأكثر من 50 في المئة من الأصوات؛ غير أن روسيا لديها نظام تصويت من جولتين بالنسبة للانتخابات الرئاسية؛ إذ في حال لم يحصل أي من المرشحين على أكثر من 50 في المئة في الجولة الأولى، فإن المرشحيْن الأولين يلجآن إلى جولة ثانية بعد بضعة أسابيع. بيد أن الذهاب إلى جولة ثانية لطالما اعتُبر من قبل الرؤساء الروس أمراً خطيراً جداً لعدد من الأسباب، ومن ذلك أنه يكشف عن المستوى الحقيقي - والمتدني على نحو محرج ربما - من الدعم الذين يتمتعون به؛ كما أن احتمال الخسارة في جولة ثانية من الانتخابات يكون أعلى مقارنة مع جولة أولى تجمع عدة مرشحين وتكون فيها أصوات المعارضة منقسمة ومشتتة. وحتى الآن، يعتقد معظم المحللين أن السلطات الروسية ستتلاعب بنتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة بالطريقة نفسها تقريباً على غرار ما فعلته مع انتخابات "الدوما"، أو البرلمان: أي من خلال منع مرشحي المعارضة الشرعيين من الترشح، وحرمان المعارضة من الظهور على التلفزيون، واستعمال سلسة واسعة من الحيل القذرة للطعن في صدقية شخصيات المعارضة، وتزوير الأصوات من أجل ضمان تصويت أكثر من 99 في المئة من الشيشانيين، مثلاً، لمرشح الحكومة. غير أنه في تنازل مفاجئ للمحتجين، أعلن رئيس الوزراء بوتين هذا الأسبوع أن انتخابات مارس المقابل ستجرى بطريقة شفافة مقترحاً تركيب كاميرات فيديو في مئات الآلاف من مكاتب الاقتراع. وإذا كان هذا الإعلان يُظهر نقصاً مزعجاً في فهم الاختلافات بين تقنيات إجراء انتخابات حرة ومراقبة الشرطة، فإنه يشكّل خطوة في الاتجاه الصحيح. كما أنه يُظهر أن حكومته تدرك أنه سيكون من شبه المستحيل تزوير نتائج الانتخابات الرئاسية الآن في وقت باتت تعرف فيه أغلبية من الناخبين الروس حقيقة ما يجري، وأقلية مصممة وميسورة مستعدةً لمعارضته. فمستوى التزوير المطلوب حتى يفوز بوتين في الجولة الأولى في مارس -والتنديد به- سيكون كبيراً على الأرجح؛ حيث أظهر استطلاع رأي ذو صدقية كبيرة أجراه مركز" ليفادا" في موسكو في أواخر نوفمبر الماضي أن 31 في المئة فقط من الناخبين الروس سيختارون بوتين رئيساً للبلاد في حال تم إجراء الانتخابات فوراً. والأرجح أن ذلك العدد استمر في الانخفاض. غير أن إجراء انتخابات حرة في هذه المرحلة من شأنه ليس تحقيق مطالب المحتجين فحسب، وإنما خدمة مصالح النظام نفسه أيضاً. والسبب يكمن في حقيقة أنه إذا كان الروس غير راضين عن بوتين، فإنه ليس لديهم مرشح ممكن آخر لمنصب الرئاسة. وبالتالي، ففي انتخابات شرعية من جولتين، فالأرجح هو أن بوتين سيفوز في الجولة الثانية، إذ يمكن أن يحصل على 20 أو 25 في المئة من الأصوات في الجولة الأولى عندما سيصوت العديد من الناخبين على المعارضة. غير أنه إذا واجه بوتين جولة ثانية ضد مرشح الحزب الشيوعي جينادي زيوجانوف، أو الأوليغارشي ميخائيل بروخوروف، أو منافس آخر، فالأرجح أنه سيفوز. بوتين وميدفيديف قد يجدان صعوبة في إقناع المتشككين بأن انتخابات مارس ستجرى بشكل نزيه؛ والحال أنه يمكن تنظيم انتخابات حرة -من دون كاميرات المراقبة - عبر استدعاء مراقبي انتخابات دوليين ومنظمات المعارضة من أجل مراقبة الانتخابات، وتقليص عدد التوقيعات المطلوبة لتسجيل مرشحين رئاسيين، والسماح للمعارضين بالظهور على وسائل الإعلام والمشاركة في المناظرات الرسمية. ووقتها، ستكون لدى بوتين، الذي يحاول عكس صورة رجل قوي، فرصة لإثبات أنه رجل بما يكفي لمواجهة الصراع والتنافس القويين الذين يعدان جزءاً من الحياة السياسية الديمقراطية. وسيكون مضطراً لطلب دعم قاعدته في الجولة الأولى، وإظهار أنه يستطيع توجيه روسيا إلى مستقبل أكثر ديمقراطية في الثانية، ربما عبر الوعد بانتخابات تشريعية حرة ونزيهة في غضون عام. وعلى رغم المظاهر، فإن هذه الاحتجاجات لا تتعلق ببوتين بقدر ما تتعلق بخلق نظام أكثر سلطوية من أي وقت مضى يحاول فرض إرادته على نحو 140 مليون روسي لا يرغبون في أن تصبح روسيا بلداً ديكتاتورياً. والواقع أنه مازال لدى بوتين الوقت لنزع فتيل الأزمة وقيادة روسيا إلى عهد جديد؛ فإنه حتى إذا خسر في 2012، عبر احترام إرادة الشعب، فإنه سيكون قد عبّد الطريق لعودة انتخابية دراماتيكية ممكنة في 2018. ميتشيل أورنشتاين أستاذ الدراسات الأوروبية بجامعة جون هوبكنز الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©