الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

ظاهرة «الدولرة» تجتاح سوق الصيرفة المصرية

ظاهرة «الدولرة» تجتاح سوق الصيرفة المصرية
18 مارس 2013 00:24
(القاهرة) - عاود سعر صرف الدولار ارتفاعه في السوق المصرية مدفوعاً بعدد من العوامل السياسية والاقتصادية، حيث قفز متوسط سعره أمام الجنيه المصري بنحو خمسة قروش، ليدور حالياً حول 678 قرشاً مقابل 673 قرشاً في الأيام الماضية. وجاء هذا الارتفاع ليمثل مزيداً من الضغوط التي يواجهها الجنيه لا سيما أن سعر الدولار في السوق السوداء التي يلجأ إليها المستوردون اضطراراً اقترب من 750 قرشاً، ما يؤشر على أن الارتفاع الذي حدث في سعر الدولار في السوق الرسمية بداية موجه صعود سعرية جديدة سوف تتواصل خلال الأسابيع القادمة ليتجاوز السعر، حسب محللين ماليين 690 قرشاً على أقل تقدير. ولعبت مجموعة من العوامل دوراً مؤثراً في صناعة هذه الموجة، ومنها استمرار غموض المستقبل السياسي على ضوء تأجيل الانتخابات البرلمانية التي كان مقرراً لها شهر أبريل المقبل. وتشير التوقعات إلى أن هذه الانتخابات لن يتم إجراؤها إلا في الربع الأخير من هذا العام بعدما قرر مجلس الشورى إعداد قانون جديد للانتخابات سوف يستغرق شهوراً عدة. وعلى صعيد العوامل الاقتصادية، يأتي التراجع الكبير في حصيلة البلاد من الموارد من النقد الأجنبي سواء فيما يتعلق بعائدات السياحة التي لم تتجاوز 8?5 مليار دولار مقابل 12 مليار دولار في الأعوام السابقة أو في حصيلة الصادرات، حيث يحتفظ حالياً عدد كبير من المصدرين بجزء من هذه الحصيلة في بنوك خارجية بهدف إعادة استخدامها في استيراد مواد خام ومستلزمات تصنيع أو استيراد سلع تامة الصنع وتوجد صعوبات كبيرة في استيرادها بسبب تعقد إجراءات فتح الاعتمادات المستندية بالبنوك نتيجة نقص الدولار. الطلب الحكومي وهناك تزايد ضغوط الطلب الحكومي على الدولار لاستيراد المحروقات بعد تصاعد أزمة نقص السولار منذ فترة طويلة، وأصبح لها تأثيرات سلبية على حركة نقل البضائع والركاب والقطاع الزراعي، حيث تضطر الحكومة حاليا إلى تدبير موارد دولارية إضافية لاستيراد كميات من هذه المحروقات لمواجهة الطلب المحلي وتشير بيانات وزارة البترول إلى استيراد الوزارة مواد بترولية في حدود مليار و750 مليون دولار كل شهر. وتمثل ظاهرة الدولرة مصدراً كبيراً للطلب على الدولار عبر شركات الصرافة، حيث قام عدد كبير من أصحاب المدخرات بتحويل مدخراتهم من العملة المحلية إلى الدولرة تحسباً لحدوث مزيد من ارتفاع سعره في الفترة القادمة، ما أدى إلى طلب كبير على الدولار لم يكن قائماً قبل هذه الأزمة. وتشير بيانات البنك المركزي إلى وصول حجم الودائع لدى الجهاز المصرفي المصري بالعملة الأجنبية إلى نحو 37 مليار دولار في الأشهر الثلاثة الأخيرة صعوداً من نحو 30 مليار دولار قبل التقويم الأخير للجنيه في 27 ديسمبر الماضي، أي أن حجم الودائع الدولارية زاد بسبعة مليارات دولار يعود معظمها إلى القطاع العائلي. وصدرت سلسلة من التقارير الدولية على مدار الأيام الأخيرة تنطوي على توقعات متشائمة للاقتصاد المصري في الفترة القادمة لاسيما في حالة عدم حدوث تقدم على مسار العملية السياسية وعدم اتخاذ إجراءات حكومية فاعلة لخفض عجز الموازنة والاستمرار في سحب السيولة المحلية لتمويل هذا العجز واستمرار حالة الانفلات الأمني التي تؤثر بدورها على أداء العملية الإنتاجية بالبلاد. التصنيف السيادي وكان أحدث هذه التقارير ما صدر عن البنك الدولي ومؤسستي “فتيش” و”استاندرد أندبورز” للتصنيف الائتماني، بما يشير إلى إمكانية حدوث مزيد من الخفض في التصنيف السيادي لمصر في الفترة المقبلة. وكذلك التصريح الذي صدر عن مدير وكالة الاستخبارات الأميركية عن أن الأزمة الاقتصادية في مصر باتت تشكل تهديداً للأمن القومي للبلاد أكثر من التهديد الذي تمثله حالة الفوضى والانفلات الحادثة في الشارع المصري. كل هذه العوامل تجمعت خلال الفترة الأخيرة لتحكم حصارها على الجنيه وتشكل مزيداً من الضغط على سعره مما يثير مخاوف خبراء الاقتصاد من إمكانية أن يضطر البنك المركزي للسماح بمزيد من الانخفاض في سعر صرف الجنيه في المرحلة المقبلة على ضوء نقص المعروض من الدولار أمام الاحتياجات الملحة الخاصة باستيراد السلع الرئيسية من القمح والسكر والزيوت والمواد البترولية. ويرى الخبراء إمكانية إقدام البنك المركزي على اتخاذ سلسلة من الإجراءات الجديدة تستهدف تجفيف منابع الطلب على الدولار في السوق المصرية ومنها إصدار قائمة جديدة من السلع الكمالية التي لن يقوم البنك بفتح اعتمادات مستندية لاستيرادها من الخارج ومنح حوافز إضافية للمصريين العاملين في الخارج لتحويل أموالهم إلى الداخل خلال هذه الفترة، إلى جانب الاتجاه إلى زيادة رسوم المرور في قناة السويس والدخول في مفاوضات مع شركات البترول الأجنبية العاملة في البلاد لتأجيل سداد مستحقات هذه الشركات والبالغة نحو عشرة مليارات دولار توازي قيمة ما حصلت عليه وزارة البترول من الخام المستخرج من حصة الشريك الأجنبي وهي مديونية تراكمت على مدار السنوات الثلاث المقبلة. ويأمل الخبراء أن تسهم هذه الإجراءات المرتقبة في حصار مرحلي للطلب المتزايد على الدولار وإعطاء حائزي العملة المحلية الثقة بالجنيه حتى لا يسارعوا بالتخلص منه فتدخل العملة المحلية دوامة متواصلة من الانخفاض وبما يؤدي إلى إبطاء وتيرة الموجة الأخيرة من صعود سعر الدولار. الاتجاه الصعودي وقال علي الحريري رئيس شعبة شركات الصرافة في الاتحاد العام للغرف التجارية، إن سوق الصرف المصرية شهدت تحركات مكثفة في الأيام الأخيرة أدت إلى صعود جزئي في سعر صرف الدولار بعدة قروش أمام الجنيه بعد استقرار نسبي عند سعر 673 قرشاً استمر قرابة ثلاثة أسابيع. وقال إن هذه التحركات تشير إلى استمرار الاتجاه الصعودي ليكسر السعر حاجز 680 قرشاً في الأجل القصير الأمر الذي يستلزم أعمال آليات البنك المركزي في معادلة العرض والطلب لتلبية الاحتياجات الضرورية من الدولار لاسيما وأن عدد الذين أصبحوا يبيعون الدولار لشركات الصرافة محدود بسبب المضاربات التي تجري على الدولار خارج السوق الرسمية. وأوضح أنه من المهم إعادة النظر في بعض السياسات الاقتصادية المتبعة وضرورة التوصل إلى التوافق السياسي الوطني الذي يهيء المناخ لكي تعمل الأسواق في جو طبيعي بعيدا عن الاضطراب والتوتر وعدم الاستقرار.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©