الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رحيل «كيم داي»... أفول «الشمس المشرقة»

رحيل «كيم داي»... أفول «الشمس المشرقة»
19 أغسطس 2009 23:53
يعرف عن الرئيس الكوري الجنوبي السابق «كيم داي جونج»، الذي فارق الحياة يوم الثلاثاء الماضي، توليه لرئاسة كوريا الجنوبية خلال الفترة 1998-2003، وأنه كرّس حياته كلها للصراع ضد الطغاة، مما أكسبه جائزة نوبل للسلام مكافأة له على جهوده التي لم تكل من أجل المصالحة بين سيئول وجارتها الشمالية بيونج يانج. وبسبب تلك الجهود، أثنى عليه عقب رحيله المعجبون به وألد خصومه، على حد سواء. ومن بين هؤلاء الأخيرين رئيس كوريا الجنوبية الحالي «لي ميونج-باك» -وهو محافظ معارض لرؤى كيم داي جونج التصالحية مع الجارة الشمالية بيونج يانج، الذي وصفه بأنه: قائد سياسي عظيم، وسوف نذكر دائماً تطلعاته، والجهود التي بذلها من أجل التحول الديمقراطي في كوريا الشمالية، وتحقيق المصالحة بين شطري شبه الجزيرة الكورية». كما أثنت عليه السفارة الأميركية في سيئول بقولها: «لقد كان قائداً ملهماً وناشطاً ملتزماً وصديقاً مخلصاً لبلادنا». وأشار البيان الصادر عن السفارة بهذا الخصوص إلى عدة مكاسب تحققت في ظل رئاسته في مجال العلاقات الثنائية بين واشنطن وسيئول. غير أن ذلك البيان أخفى في الواقع حقيقة الخلاف الكبير بين واشنطن وسيئول في عهد رئاسة داي جونج بشأن الأولوية الرئاسية التي طبعت ولايته كلها: مساعي التصالح بين الجارتين الكوريتين. ففي يونيو من عام 2000، تعمد «داي جونج» كسر حاجز المواجهة بين الدولتين الجارتين، وسجل زيارة إلى بيونج يانج لعقد أول قمة كورية جنوبية- شمالية، مع نظيره الشمالي «كيم يونج- إل» بهدف التوصل إلى مصالحة كورية معه. وبعد ستة أشهر من تلك الزيارة حصل داي جونج على جائزة نوبل للسلام. وكانت تلك القمة تتويجاً لسياسات «الشمس المشرقة» التي تبناها «داي». وقد استمر الجدل طويلاً بين دعاة تلك السياسة ومنتقديها حول مدى نجاحها أو فشلها. فبينما أثنى عليها البعض بسبب ما نسب إليها من تخفيف لحدة المواجهة المتصلة بين سيئول وبيونج يانج لعدة عقود إثر توقيعهما على اتفاقية وقف إطلاق النار في عام 1953، وهي الاتفاقية التي وضعت حداً للحرب الكورية، شجبها فريق آخر جراء عجزها عن إرغام بيونج يانج على التخلي عن طموحاتها وأسلحتها النووية، إضافة إلى ما نسب إليها من تجاهل لاستمرار انتهاكات حقوق الإنسان في كوريا الشمالية. وبفضل الدعم الإقليمي الكبير الذي حظي به الرئيس السابق كيم داي جونج، فقد لمع اسمه بصفته قائداً شعبوياً مدافعاً عن مصالح مواطني محافظات «شولا» الواقعة جنوب شرقي كوريا الجنوبية، والتي طالما امتد قهر الحكام الكوريين المتعاقبين عليها، منذ أيام العائلات الملكية والإمبراطورية الحاكمة في التاريخ القديم، ليستمر القهر نفسه على يد القادة السياسيين الجدد، الذين تعود جذور بعضهم إلى المناطق والمحافظات نفسها. وقد جاء فوز كيم داي جونج بالمنصب الرئاسي في عام 1997 أصلاً تتويجاً لمسيرة حياته السياسية الطويلة التي بدأت في مدينة «موكبو» بمحافظة «شولا الجنوبية» القريبة من القرية التي ولد فيها. وعقب نهاية الحرب الكورية كان كيم داي جونج قد تولى تحرير صحيفة محلية وبدأ حياته السياسية باعتباره ناشطاً يسارياً متمرداً على قوة قبضة النظام الحاكم حينئذ، وتواقاً لانفكاك بلاده من أسرها. ولكنه هجر أفكاره تلك واعتنق المذهب الكاثوليكي الروماني في عام 1957. وفي عام 1971، نازل كيم داي جونج الجنرال «بارك شنج-هي» الذي تولى السلطة في شهر يونيو من عام 1961، في المعركة الانتخابية الرئاسية التي أُجريت في ذلك العام واستطاع أن يحصل على نسبة 43.6 في المئة من جملة أصوات الناخبين. وبعد أربعة أسابيع من نهاية الانتخابات، تعرض كيم داي جونج لحادث مروري كاد يودي بحياته، وكان في اعتقاده حادثاً مدبراً. ومهما يكن، فقد كانت مشاركة كيم داي جونج في تلك الانتخابات سبباً مباشراً دفع الجنرال «بارك» إلى فرض حالة الطوارئ في البلاد، وسن تشريع جديد قصد منه تركيز السلطات كلها بيد الجنرال، بما يجعل منه حاكماً ديكتاتورياً. وعلى إثر اغتيال الجنرال «بارك» في أكتوبر من عام 1979، فرضت الإقامة الجبرية على كيم داي جونج بمنزله لعدة أشهر، ثم اقتيد إلى السجن وقدم للمحاكمة وصدر بحقه حكم بالإعدام إثر إدانته بتهمة التحريض على تمرد «كوانجو» الدموي في مايو من عام 1980 الذي أزهق خلاله الجنود أرواح ما لا يقل عن 200 من المدنيين، معظمهم من الطلاب الذين سيطروا على المدينة لمدة أسبوعين. غير أن الولايات المتحدة تمكنت من إقناع الجنرال «شون دو-هون»، الذي تولى مقاليد الحكم عقب اغتيال «بارك»، بإلغاء حكم الإعدام في مقابل السماح له -الجنرال الحاكم الجديد- بأن يكون أول رئيس دولة يزور الرئيس الأميركي رونالد ريجان في عام 1981. وأخيراً، تمكن كيم داي جونج من الفوز بالمنصب الرئاسي في عام 1997، إثر تغلبه بفارق انتخابي ضئيل جداً على منافسه من المحافظين. وقد ساعدته على الفوز موجة الأزمة الاقتصادية القوية التي ضربت الجزء الغالب من القارة الآسيوية وقتئذ. يذكر أن إدارة الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون كانت مساندة لسياسة «الشمس المشرقة» التي تبناها الرئيس كيم داي جونج. وعندها أدت وزيرة خارجية كلينتون «مادلين أولبرايت» زيارة إلى بيونج يانج في عام 2000. ولكن سرعان تغير ذلك التأييد إلى خلاف حاد بين واشنطن وسيئول، منذ أن صنف الرئيس بوش بيونج يانج ضمن قائمة «محور الشر» في عام 2000. دونالد كيرك كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©