الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مجزرة حمص: شبهات طائفية!

17 مارس 2012
دفعت أعمال القتل الوحشية، التي ارتُكبت في حق عشرات النساء والأطفال بمدينة حمص السورية، مجلس المعارضة الرئيسي الذي يمثل أغلب أطياف المعارضة السورية، إلى المطالبة يوم الاثنين الماضي بتدخل عسكري دولي لحماية المدنيين ومنع الحرب الأهلية، في الوقت الذي فشلت فيه الجهود الدبلوماسية المستمرة لحل الأزمة السورية في تحقيق أي تقدم ملموس. وقد أصدر "المجلس الوطني السوري" الذي أخفق في جهود رص صفوف المعارضة السورية بسبب التباين في المواقف بشأن التدخل العسكري في سوريا، طلباً واضحاً بالتدخل بعدما تم تحميل شريط فيديو على الإنترنت يُظهر جثثاً مشوهة لما لا يقل عن 45 ضحية، وهو ما اعتبره الناشطون وعمال الإغاثة المحليون دليلاً قاطعاً على ارتكاب الميلشيات التابعة للنظام لما أسموه بالمذبحة في حق المدنيين بحمص بعدما أطلق النظام يد الجماعات المسلحة التابعة له لاقتحام حي كرم الزيتون السني يوم الأحد الماضي وتنفيذ عمليات القتل العشوائي ضد السكان. وأضاف الناشطون في توضيح لما جرى أن جماعات الشبيحة الموالية للنظام انطلقت من حي مجاور تقطنه أغلبية من الطائفة العلوية، وبدأت في إطلاق النار على الأهالي وطعن وحرق آخرين. وفي ردها على الاتهامات قالت الحكومة السورية إن "الجماعات الإرهابية" هي من قتلت المواطنين وصورت جثثهم بهدف التأثير على النقاش الدائر حول سوريا في مجلس الأمن الدولي ولتعزيز مطالب المعارضة "بالتدخل الأجنبي في سوريا". لكن هذه الادعاءات الحكومية يستحيل التحقق من صحتها في ظل منع دمشق دخول صحفيين أجانب إلى البلاد، وإن كان شريط الفيديو واضح في إظهاره لجثث الأطفال والنساء بأحد المستشفيات الميدانية. هذا التطور يؤشر، حسب المراقبين، إلى ما وصل إليه العنف في سوريا من حدة بعد تكثيف الحكومة لجهود قمع الانتفاضة الشعبية ضد حكم الأسد، والمستمرة على مدار السنة، ولسحق المعارضة المسلحة. وتزيد المؤشرات الدالة على الطابع الطائفي لعملية القتل الأخيرة من مخاوف المراقبين من أن الصراع في سوريا ينزلق سريعاً نحو حرب أهلية ذات طابع طائفي مع احتمالات تمددها خارج الحدود. وجاءت عملية القتل بعد ساعات فقط على الزيارة التي قام بها مبعوث الأمم المتحدة، كوفي عنان، إلى سوريا لإقناع النظام بوقف العنف والبدء في المفاوضات مع المعارضة، وهي الجهود التي يبدو أنها انتهت إلى لا شيء. وفي الأمم المتحدة حاولت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، ونظراؤها من الاتحاد الأوروبي والدول العربية، الضغط على روسيا والصين، اللتين صوتتا ضد قرار يدعو الأسد للتخلي عن بعض سلطاته، إلى تبني موقف أكثر حزماً تجاه النظام في دمشق. وبدت كلينتون متفائلة يوم الاثنين الماضي بشأن آفاق تأييد روسيا لمشروع قرار صاغته الولايات المتحدة يدين سوريا ويدعم جهود الوساطة التي يقودها عنان. وفي هذا السياق قالت كلينتون: "أجريت حواراً بناء مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، وأعتقد أنه سمع بوضوح عن المشاعر القوية في المنطقة ومجلس الأمن، وأتوقع من جميع البلدان، بما فيها روسيا والصين، أن تنضم إلى جهود الضغط على نظام الأسد لإسكات الرصاص". ومن ناحيته قال جورج صبرا، عضو المجلس الوطني السوري للصحفيين: "إن المجزرة الأخيرة التي أعقبت مباشرة زيارة عنان تدل على أن وقت الحلول السلمية قد انتهى". ومن مظاهر التدخل الدولي التي نص عليها بيان المجلس الوطني السوري: فرض منطقة لحظر الطيران، وإقامة ممرات آمنة، وإحداث منطقة عازلة حيث يستطيع المدنيون الاحتماء من القتل، فضلاً عن "عملية سريعة ومنظمة لتسليح الجيش السوري الحر". هذه النقاط كانت منذ فترة جزءاً أصيلاً من مطالب المحتجين والجيش "السوري الحر"، لكن المجلس -المكون أساساً من معارضي المنفى- كان متحفظاً، كما أن القوى الغربية كانت تركز على التباين داخل المعارضة حول مسألة التدخل العسكري لرفضها التحرك الخارجي ضد النظام. غير أن رضوان زيادة، العضو في "المجلس الوطني السوري"، أكد أنه بعد عمليات القتل الأخيرة في حمص "انتهت الخلافات، فمن الواضح اليوم أن نظام الأسد لم يترك لنا خياراً بعد ذبح النساء والأطفال، ولم يبقَ سوى التدخل الدولي لمنع الحرب الأهلية". وتأتي المجزرة الأخيرة لتعزز مخاوف البعض على مصير المدنيين في حمص بعد دخول قوات النظام للمناطق التي كانت خاضعة للمعارضة. وفي تفاصيل الحادث قال عضو في الطاقم الطبي رفض الكشف عن اسمه خوفاً من النظام، إن عمليات القتل حصلت في وقت متأخر من يوم الأحد الماضي، بعد ساعات فقط على مغادرة عنان لدمشق، عندما اجتاحت عناصر الشبيحة حي "كرم الزيتون" قادمة من حي "وادي ذهب" القريب ذي الأغلبية العلوية. وبالإضافة إلى خمسين قتيلاً تم تسجيلهم، يضيف الطبيب أن المستشفى الذي يعمل به تلقى 57 جريحاً، 30 منهم أطفال لا يتجاوز عمر بعضهم 4 أشهر، تعرض بعضهم لإطلاق نار وبعض آخر منهم للطعن وبعض ثالث للحرق. كما أن بعض الناجين ممن تحدث إليهم الطبيب قالوا إن بعض النساء تعرضن للاغتصاب، وبأن من بين القتلى ثمانية أفراد من عائلة فلسطينية. وفي نفس السياق قال عمر شاكر، الناشط السوري الذي فر إلى لبنان بعد الهجوم الأخير على "بابا عمرو"، إن ما لا يقل عن 46 امرأة وطفلاً لقوا حتفهم في عمليات القتل بالإضافة إلى بضعة رجال. وكان مجموعة من الناشطين قد اكتشفوا الجثث ليتم نقلها إلى حي باب السباع، الذي ما زالت تسيطر عليه المعارضة، وذلك بعد فرار بعض سكان الحي المنكوب وإبلاغ نشطاء المعارضة حول ما حدث. ليز سلاي - بيروت ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©