الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جريمة «الديوم الشرقية»

17 مارس 2012
مصرع الشابـة السودانيـة عوضية سلطـان، على يدي مـلازم صغير من قوة ما يسمى في السودان بشرطة أمن حماية المجتمع، أمام أسرتها وجيرانها من سكان "الديوم الشرقية" في الخرطوم، مر بالنسبة للحكومة السودانية، كما لو كان حادثاً عادياً. ومحاولة السلطة ممثلة بوزير الداخلية، التغطية الفنية عليه ومنع الصحافة وأجهزة الإعلام من النشر، وبيانه المبتسر الذي تعهد فيه بإيقاف الملازم "المتهم البريء" والقوة المصاحبة له، والتحقيق معهم حتى يأخذ العدل طريقه، عملية ساذجة وتكشف استهانة السلطة بالمجتمع السوداني والمجتمع الدولي. فقد أصبح "الخبر" الذي أرادت التغطية عليه بمنع النشر، معروفاً ومتداولاً بين الناس ونقلته بتفاصيله إحدى القنوات العالمية على لسان والدة القتيلة وأخيها وأختها الكبرى (وكانت المفارقة أن الأخت المشار إليها كما قالت بالصوت والصورة إنها عضو ناشط في حزب "المؤتمر الوطني"، ووصفت كيف كانت صدمتها وخيبة أملها عندما حاولت الاتصال تليفونياً بزملائها وإخوانها المسؤولين عن أمانة "المؤتمر الوطني" وكيف تهربوا منها ولم يردوا على استغاثتها بهم بدعوى عدم وجودهم). هل يجب أن يمر حادث مقتل الشابة عوضية سلطان، كما اعتاد الناس من كثرة الحوادث التي عايشوها وعرفوا قيمة عهود الحكومة وإعلاناتها المماثلة باجراء التحقيق القانوني وتحقيق العدل ومعاقبة المسؤولين من حماة أمن المجتمع؟ شرطة حماية أمن المجتمع إحدى إبداعات"الإنقاذ" منذ أشهره الأولى، وسجله في سوء معاملة المواطنين والتعدي على حرماتهم وحياتهم الخاصة (حتى أفراحهم) معروف ومسجل، وقد وصل الأمر إلى درجة التعدي وجلد طالبات كلية طب البنات أمام مقر الجامعة بدعوى أنهن لا يلبسن "اللباس الشرعي"، وأن (البنطلون) الذي يلبسنه عورة وغطاء الرأس لا يغطي الوجه، وهو حادث أثار غضب ليس أباء وأمهات وأساتذة طالبات الكلية، بل عامة وخاصة السودانيين الذي ليس لهم صلة بالطالبات المجلودات. كان هذا الحادث وقبله وبعده حوادث كثيرة، كان هدفها الاستراتيجي إرهاب وتخويف الناس من "النظام الإسلامي". وقتها كان من لديه شجاعة في الحق من الصحفيين السودانيين الأحرار أن يتساءل عن قانونية وشرعية قوات شرطة أمن المجتمع. والجميع يعلم أن هذا التنظيم ليس من أجهزة الدولة السودانية، إنما هو أحد أذرع النظام الحزبي الشمولي وقيادته الفعلية ليست لدى قيادة الشرطة الرسمية إنما يقوم بقيادته وتعيين أفراده أحد قادة الجبهة القومية الإسلامية والمسؤول الأمني في الحركة الإسلامية جماعة (الإخوان المسلمين)، وقد درب وعلم أفراده وفقاً لرؤيته القائمة على الاستهانة بالشعب السوداني. ثم جاءت مرحلة السلام وحكومة الوحدة الوطنية والشراكة مع الحركة الشعبية وهدأت السلطة من غلواء جهاد "حماة أمن المجتمع"، وأصبح من الممكن للمواطن أن يتقدم بطلب إذن (مدفوع القيمة) ليقيم أفراحه في داخل منزله.. ولكن إلى حين. ويبدو أن النظام السوداني عاد إلى خطاب الحرب وتهديد الخصوم، بل وبعض أعضائه المعارضين. هذا النظام لا يدرك حقائق الأمور، خاصة بعدما أضيف اسم وزير الدفاع إلى اسم الرئيس أمام المحكمة الجنائية الدولية. وفي اعتقادي أن ثمة خطوات قد تقدم عليها بعض القوى السياسية المعارضة المترددة، والتي لا تزال تأمل في أن يعود النظام إلى صوابه، ويجنب السودان المخاطر. لقد توافق مقتل الشابة السودانية مع يوم المرأة العالمي 8 مارس... وقلت عن (الملازم المتهم البريء) وأنا لا أعني مقولة "المتهم بريئ حتى تثبت إدانته"، إنما أعني فعلاً أنه بريء، وأن المجرم ليس هو من بيده مسدساً أطلق منها رصاصة واحدة قتلت شابة في مقتبل العمر، لكن الفاعل الأصيل هو النظام الذي أجج ثقافة العنف بإسم الدين وهذا الأخير بريء من ذلك. لقد حان الوقت أن يقف كل أحرار السودان وأهله وقفة لحل القوات المسماة بشرطة أمن المجتمع. عبدالله عبيد حسن كاتب سوداني مقيم في كندا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©