السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نزاع نفطي على دلتا نهر النيجر

نزاع نفطي على دلتا نهر النيجر
22 يونيو 2008 02:47
عندما ارتطمت مجسات المنقبين الأجانب لأول مرة بالطبقة الحاوية للنفط تحت التربة السمراء والغابات اليانعة الخضرة لقرية ''أولويبيري''، أقام السكان المحليون احتفالا صاخبا استمر طوال الليل، كما يتذكر عجائز القرية، بعد ذلك اليوم بعقود، لا تزال اللوحة الباهتة الحروف الموضوعة على الحقل المغلق -أول حقل نفط يتم اكتشافه في نيجيريا- تحمل اسم القرية المطلة على نهر النيجر، والواقعة في جنوب نيجيريا، بيد أن المشكلة الآن هي أن سكان قرية'' أوتاباجي'' القريبة يصرون على أن ذلك الحقل يقع في أراضيهم، ويطالبون فرع شركة'' شل'' الهولندية هنا بتسمية الحقل على اسم قريتهم· ويعود السبب في الخلاف حول إعادة تسمية الحقل بعد كل تلك السنوات إلى أن السكان المحليين يعتقدون أن الارتفاع الهائل في أسعار النفط ربما يغري شركة ''شل'' بإعادة فتح البئر التي أغلقت عام 1977 وهو ما يعني حصولهم على المزيد من الأموال، وما يجري في هذه المنطقة، ليس سوى نموذج مصغر لما يجري في مناطق أخرى من نيجيريا من نزاع، حول ما يطلقون عليه ''النصيب العادل من الثروة النفطية للبلاد''، فقد شنت -الخميس الماضي- مجموعة مسلحة هجوما نادر الحدوث على منشآت النفط البحرية التابعة لشركة ''شل''، مما اضطر الشركة إلى إيقاف الإنتاج في حقل ''بونجا'' الذي ينتج 200 ألف برميل من النفط الخام يوميا أي ما يعادل 10 في المائة من الإنتاج اليومي لنيجيريا البالغ مليوني برميل· ويشار إلى أن إحدى تلك الحركات المسلحة وهي ''الحركة من أجل تحرير دلتا نهر النيجر'' قد أرسلت رسالة بالبريد الإليكتروني لصحيفة ''كريستيان ساينس مونيتور'' تقول فيها إنها قد اختطفت فنيا أميركيا يعمل في إنتاج النفط أثناء عودتهم من شن ذلك الهجوم، وهو ما أكدته مصادر وزارة الخارجية الأميركية فيما بعد، وفي الوقت نفسه، يوجّه وجهاء القريتين المتنازعتين تهديدات مبطنة إلى شركة ''شل'' أيضا مدفوعين في ذلك بشعور مماثل بالغبن· فعلى الرغم من مرور عدة عقود على اكتشاف النفط في نيجيريا، إلا أنه لا يزال حتى الآن يشكل عاملا من عوامل الانقسام في مجتمعها، خصوصا وأن نخبة هذا البلد البالغة الثراء هي التي تستفيد بمعظم عوائد النفط ولا تكاد تترك شيئا للغالبية العظمى من الشعب الذي يبلغ تعداده 140 مليون نسمه -دخلهم لا يزيد عن دولارين في اليوم للفرد- يعانون من نقص مياه الشرب، والكهرباء، والتعليم، والرعاية الصحية· تسبب النفط أيضا في الكثير من الانشقاقات السياسية التي وقعت في نيجيريا منذ استقلاله عن بريطانيا في ،1960 والتي قسّمته إلى 36 ولاية فيدرالية، وهذا الاتجاه نحو التقسيم، يبدو جليا في النزاع المندلع حاليا بين قريتي ''أولويبوري- وأوتاباجي''، وهي النزاعات التي تختبر في الحقيقة مدى قوة الولاءات القبلية في قرى مثل ''أولويبيري'' و''أوتاباجي''، فبعد أن كان سكان هاتين القريتين ينظران إلى أنفسهم على أنهم أفراد في مجتمع واحد، فإنهم انقسموا الآن إلى جماعتين متنافستين على الحصول على أكبر قدر منافع النفط· وربما يكون من المفيد في هذا السياق، أن نذكر أنه على امتداد التاريخ النيجيري، كان هناك دائما أجانب يقومون بتوزيع الهدايا والمنافع على القرويين الفقراء، من أجل السماح لهم باستخراج الموارد الطبيعية من أراضيهم بدءا من زيت النخيل وانتهاء بالبترول، فشركة ''شل'' على سبيل المثال تقول حاليا، إنها قد أنفقت مئات ملايين الدولارات، على إنشاء مشروعات لتنمية المجتمعات في دلتا نهر النيجر، وأنها لا تزال تواصل ذلك، خصوصا في المناطق التي تمارس فيها الشركة نشاطها، على الرغم من أن تلك المشروعات تعتبر من صميم مسؤولية الدولة· يرد النشطاء المدافعون عن حقوق القرويين بالقول: إن تلك المساهمات لم تزد عن هبات نقدية كانت الشركات تدفعها لوجهاء القرى لإسكاتهم؛ ويصف المحللون النزاع المندلع حاليا بين القريتين، بأنه نزاع على ''فتات صناعة النفط''، من هؤلاء المحللين ''ديمتري فون كيميدي'' -استشاري بشركة ''ياناجوا'' - نيجيريا، والمتخصص في شؤون حل الصراعات- يقول: ''إن المنافع التي يتحدث عنها وجهاء القريتين تدعو للضحك في الحقيقة، وكان من الأفضل لهم أن يتحدوا ويتفقوا على طريقة مشتركة للحصول على نصيبهم العادل من المنافع''· في الوقت الذي يبدو فيه ''فون كيميدي'' غير واثق من الطريقة التي سيحل بها نزاع القريتين، إلا أنه يصر مع ذلك على إن الحل واضح - وإن كان من الصعب تحقيقه- بالنسبة للعديد من الصراعات المماثلة التي يشعر فيها المواطنون النيجيريون بأنهم لم ينتفعوا بالصورة الكافية من عوائد النفط خلال الخمسين عاما الماضية· هذا الحل في رأيه يتمثل في ضرورة استماع شركات النفط لشكاوى المواطنين النيجيريين، والتعاون معهم من أجل التعرف على احتياجاتهم، مع العمل على تعزيز التماسك الاجتماعي في مناطق النزاعات، على اعتبار أن صناعتهم كانت هي السبب في نشأة تلك النزاعات في الأصل، ويواصل ''فون كيميدي'' وصفته بمطالبته للحكومة الفيدرالية بضخ المزيد من الأموال التي تحصل عليها في صورة عائدات بترولية من أجل توفير الوظائف، وتحسين المرافق والخدمات الأساسية في تلك المناطق مع القيام في الوقت نفسه، بتعزيز إجراءات الرقابة والمحاسبة حتى لا يساء استخدام المخصصات المالية التي يتم توفيرها لتلك المجتمعات حتى تتمكن في النهاية من الخروج من دائرة الفقر الذي يعانون منها، وأن تتوافر قبل ذلك الإرادة السياسية لدى السياسيين النيجريين لتحقيق ذلك· سارا سيمبسون أولويبيري- نيجيريا ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''كريسيتان ساينس مونيتور''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©