الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهند... وسجال تعويض الحوادث النووية!

9 مايو 2010 21:47
يثور في الهند الآن جدل واسع حول مشروع قانون لتطبيق نظام للحوادث النووية -يمثل خطوة رئيسية نحو السماح للشركات الأميركية بإقامة مفاعلات في الهند- تم تقديمه للبرلمان الهندي في جلسته المنعقدة يوم الجمعة الماضي، تزامناً مع اتهامات أطلقها مقدمو مشروع القانون للحكومة بأنها تفضل مصالح الولايات المتحدة، والشراكات التجارية، على حقوق الشعب الهندي. وقد هتف المعترضون على مشروع القانون مرددين: "يا للعار! ... يا للعار!" عندما بدأ وزير البحث العلمي والتكنولوجيا "بريثفيراج تشافان" إجراءات تقديم مشروع قانون "المسؤولية المدنية عن الأضرار النووية" في قاعة مجلس النواب، قبل أن يغادروا القاعة بعد ذلك تعبيراً عن احتجاجهم. وكان من بين المشرعين المحتجين "سوشما سواراج" عضو البرلمان عن حزب المعارضة الرئيس "بهاراتيا جاناتا" الهندوسي، الذي قال: "لقد بذلنا قصارى جهدنا لإدخال تغيير على مشروع القانون هذا، وعندما فشلنا في ذلك، بسبب الموقف المتعنت للحكومة، لم يكن أمامنا من بديل سوى الانسحاب للتعبير عن احتجاجنا الشديد". كما وصف أعضاء آخرون في المجلس مشروع القانون المذكور بأنه "غير قانوني" و"غير دستوري"، واتهموا الحكومة بالعمل تحت ضغط من الولايات المتحدة، وبتأثير مباشر من قبلها. واعتبر مشرعو القانون التابعون للمعارضة أن مشروع القانون المذكور يصادر حقوق الضحايا في رفع دعاوى تعويض أمام المحاكم في حالة وقوع كارثة نووية. ويسعـى مشروع القانون، لوضع عبء التعويض عن الأضرار على كاهل مشغل المنشأة النووية وحده، وليس على موردي المعدات النووية، وهو ما جعل هذا المشروع موضوعاً دسماً لمناقشات محتدمة استمرت شهوراً عديدة بين عامـة الهنود، لأنـه يحيي في أذهانهم الذكريات المقلقة لمعارك التعويض عن الأضرار التي دارت رحاها في أعقاب حادث تسرب الغاز السام من مصنع "يونيون كاربايد كوربوريشن" في مدينة "بوبال" الواقعة وسط الهند، الذي أدى إلى مصرع الآلاف عام 1984. وتشريع المسؤولية عن الحوادث النووية، يعتبر ضمن الخطوات الأخيرة المطلوبة من أجل التفعيل الكامل لاتفاقية نووية مدنية مهمة تم توقيعها مع الولايات المتحدة ستسمح للشركات الأميركية بإنشاء مفاعلات نووية في الهند. وهذه الاتفاقية الموقعة بين البلدين عام 2008 ستسمح للهند أيضاً بالحصول على التكنولوجيا النووية العالمية، وإمدادات الوقود النووي، بعد ما يزيد عن ثلاثة عقود من المقاطعة الدولية التي تعرضت لها عقاباً على التجربة النووية التي أجرتها عام 1974. وبالحصول على مساعدة شركات أميركية وفرنسية وروسية متخصصة في المجال النووي، تأمل الهند في تعزيز اقتصادها الصاعد، الذي يعاني من فقر شديد في مصادر الطاقة، وذلك من خلال توليد ما يصل إلى 63 ألف ميجاوات من خلال الطاقة النووية بحلول 2030 -علماً بأن كمية الطاقة المولدة في الوقت الراهن لا تزيد عن 1.700 ميجاوات وهي كمية لا تستطيع الوفاء باحتياجات الاقتصاد الهندي الصاعد الآن بسرعة كبيرة. ويقول المدافعون عن الاتفاقية الجديدة إنها ستؤدي لخلق عشرات الآلاف من الوظائف في الهند، والولايات المتحدة، كما ستؤدي إلى إقامة مشروعات تجارية يستفيد منها البلدان وتتجاوز قيمتها 100 مليار دولار. وبطبيعة الحال لم يكن لدى الهند تشريع قانوني يغطي مطالبات التعويض في حالة وقوع حادث نووي. وقد قال مسؤول حكومي إن 416 منشأة من المنشآت النووية الموجودة في العالم، والتي تبلغ في مجملها 436 منشأة، مغطاة بالفعل بقوانين عن المسؤوليات القانونية عن الحوادث النووية، مؤكداً أن الاستثناء من ذلك يتمثل في 18 منشأة نووية موجودة في الهند، واثنتين موجودتين في منافستها المجاورة، باكستان. وإلى أن تمرر الهند قانوناً للمسؤولية عن الحوادث النووية، لن تتمكن الشركات الأميركية الكبرى مثل "جي. ئي" و"ويستنجهاوس" من بدء عملها هناك، على رغم حقيقة أنه قد تم تخصيص موقعين لمنشأتين نوويتين، سيتم إنشاؤهما بمساعدة تكنولوجية أميركية. و"هناك حجج قوية ومقنعة يمكن تقديمها للتدليل على أهمية وجود قانون خاص بالمسؤولية عن التعويض في حالة وقوع حادث نووي"، هذا ما قاله "مانيش تيواري" عضو البرلمان الهندي عن "حزب المؤتمر" الحاكم، الذي يرى أيضاً أن "الشركات ستحتاج إلى ضمان لإقامة مفاعلات نووية، وأن القانون لهذا السبب يؤكد على المسؤولية عن التعويض. وبدون وجود مثل هذا الضمان لن تتمكن الشركات من دفع التعويضات المطلوبة لضحايا الكوارث النووية في حالة وقوعها". ويقول منتقدو مشروع القانون إنه يضع المسؤولية القانونية عن الحوادث على المشغل الحكومي للمنشأة النووية وهو في هذه الحالة "هيئة الطاقة النووية الهندية" وليس على الموردين والمقاولين الخصوصيين، ومعظمهم سيكون شركات أجنبية. ويضع مشروع القانون موضوع الجدل سقفاً أعلى للتعويض يبلغ 100 مليون دولار على مشغل المفاعل النووي، في حين يسمح بدفع ما يصل إلى 450 مليون دولار في صورة تعويضات مباشرة من الحكومة الهندية. راما لاكشمي - نيودلهي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©