الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قرغيزستان... فرصة لأميركا في آسيا الوسطى

9 مايو 2010 21:47
أطاح المحتجون بحكومة الرئيس القرغيزي كورمانبيك باكييف في السابع من أبريل الماضي؛ والآن، توجه له تهمة القتل الجماعي. وفي هذه الأثناء، تَعد الحكومة المؤقتة الجديدة، برئاسة "روزا أوتونباييفا"، بدستور ديمقراطي في يونيو المقبل وانتخابات حرة في أكتوبر، ولكن سيطرتها على الأوضاع في البلاد ليست قوية. وبالتالي، فإن الثورة تضع الولايات المتحدة أمام فرصة فريدة لتشجيع الديمقراطية والاستقرار والإصلاح الاقتصادي في بلد ذي أغلبية مسلمة، مع الحفاظ في الوقت نفسه على قاعدة عسكرية أميركية بالغة الأهمية بالنسبة للحرب الأفغانية. بيد أن إدارة أوباما كانت بطيئة وحذرة في الاعتراف بالحكومة المؤقتة التي كان أسلوبها وشرعيتها بخصوص الاستيلاء على السلطة محل تساؤلات على نطاق واسع. والأكيد أنها لم تكن ثورة ديمقراطية سلمية، غير أن ذلك ليس سبباً لبقاء الولايات المتحدة متحفظة، لاسيما وأن النشطاء الديمقراطيين الذين تحدوا سلطوية باكييف كانت لهم مطالب أربعة هي: أولا، وضع حد لمحسوبية الرئيس؛ وثانيا، وقف القمع السياسي؛ وثالثا، احترام الديمقراطية وحقوق الإنسان؛ ورابعا، وضع حد لعملية الخصخصة الفاسدة لممتلكات الدولة. لكن "باكييف" رد على هذه المطالب بحملة اعتقالات لم تزد المحتجين إلا غضباً؛ حيث دخل بعضهم في اشتباكات مع السلطات وهاجموا الإدارات الحكومية عندما فتح رجال "باكييف" النار عليهم، فقتل الحرسُ الرئاسي وأفراد الشرطة 86 محتجا وجرحوا أعدادا أخرى دفاعاً عن الحكومة. وعلى رغم من أعمال النهب التي تلت ذلك، فإن معظم المشاركين كانوا أشخاصاً يعبرون عن استياء وسخط عميقين جراء المشاكل الاقتصادية والفساد والتجاوزات ومظاهر الحيف التي تسبب فيها نظام باكييف الديكتاتوري. واليوم، تكافح الحكومة المؤقتة للسيطرة على الوضع المضطرب الذي يؤججه حلفاء باكييف. إن الحفاظ على الاستقرار بموازاة مع سلك طريق الانتقال الديمقراطي مهم وأساسي بالنسبة لقرغيزستان، وهو أمر التزمت "روزا أوتونباييفا" ومعاونوها بالقيام به. ولذلك، يتعين على الولايات المتحدة أن تتزعم المجتمع الدولي للاعتراف بهم ودعم الاستقرار وعملية الدمقرطة عبر تقديم حوافز اقتصادية من أجل الإصلاح. ومعلوم أنه تحت ضغط أميركي وروسي وكازاخي مشترك، غادر باكييف البلاد؛ غير أن الرئيس أوباما، وخلافاً لتعهده القوي في القاهرة في يونيو 2009، بدا متردداً في قرغيزستان، كما في أماكن أخرى، في تشجيع الديمقراطية. والحال أنه لا سبيل الآن للتراجع لأن مستقبل قرغيزستان، والمصالح والقيم الأميركية، يعتمد على الانخراط والالتزام الأميركيين بالديمقراطية. ولذلك، فإن الولايات المتحدة، وعبر دعمها الحكومة المؤقتة والانتقال الديمقراطي من خلال مساعدات سياسية واقتصادية، ستبدد ما ينتاب الجمهور القرغيزي من شعور بأن أميركا لا تكترث سوى لمصالحها الجيوسياسية الخاصة بها. كما أن بإمكان الولايات المتحدة، عبر تشجيع الديمقراطية ودعمها، استرجاع بعض من الشرعية والمصداقية اللتين كانت تتمتع بهما ذات يوم في آسيا الوسطى. وعلاوة على ذلك، فإن "أوتونباييفا"، تمثل أفضل أمل في زعيم قرغيزي جديد وملتزم بالديمقراطية. ذلك أنه خلافاً لباكييف، الذي وعد باستئصال الفساد ودمقرطة البلاد لكنه سرعان ما سقط في المشاكل نفسها التي خُلع بسببها سلفه عندما وصل إلى السلطة، فإنها تتمتع بسجل جيد وواعد، حيث عارضت تراجع الديمقراطية عندما كانت تعمل في إدارة الرئيس عسكر أكاييف في التسعينيات. كما أنها كانت من نشطاء الديمقراطية الذين شاركوا في الاحتجاجات المدنية السلمية عام 2005 التي أسقطت نظام أكاييف. ولعل الأهم من ذلك ما تشتهر به "أوتونباييفا" على نطاق واسع من صدق ونزاهة، إذ تعد واحدة من الوزراء السابقين القلائل الذين لم تتلطخ سمعتهم بالفساد. ولذلك، فإنها ستجلب على الأرجح الشرعية والمصداقية لديمقراطية جديدة هي في أمس الحاجة إليهما. صحيح أنها ليست مناوئة لروسيا -ولا يمكن تصور زعيم قرغيزي براجماتي أن يكون كذلك- إلا أن أوتونباييفا تمثل أفضل أمل لزعيم مؤيد للديمقراطية ويدعم قاعدة "مناس" الأميركية في قرغيزستان. ومعلوم أن "ماناس" أساسية بالنسبة للحرب المتواصلة في أفغانستان، غير أن الثورة تضع هذه القاعدة في خطر لأن العديد من القرغزستانيين -ومن بينهم عدد من النشطاء الديمقراطيين وأعضاء الحكومة المؤقتة - باتوا معادين للولايات المتحدة بشكل متزايد منذ أن غضت واشنطن الطرف عن فساد باكييف وتجاوزاته خلال السنوات الخمس الماضية. وفضلا عن ذلك، فإن روسيا لطالما أرادت رحيل الأميركيين عن القاعدة الجوية؛ وهي تقوم من أجل ذلك بتقديم حوافز اقتصادية وقوات لحفظ السلام لتشجيع الحكومة المؤقتة الهشة على إنهاء عقدها مع الولايات المتحدة. وبالنظر إلى افتقار قرغيزستان للاستقرار السياسي وتردي الأوضاع الاقتصادية وغياب مساعدات اقتصادية وسياسية أميركية جوهرية، فإن "أوتونباييفا" قد تضطر للارتماء في أحضان روسيا، وهو أمر ستكون عواقبه بالنسبة للمصالح الاستراتيجية الأميركية وخيمة. في الماضي، كان الكثير من المساعدات الخارجية تذهب إلى جيوب المسؤولين الفاسدين؛ لكن الفساد الحكومي ونقص الفرص الاقتصادية حرك المحتجين في 2005 ثم هذا الشهر مرة أخرى. ولذلك، يجب دعم الشفافية، التي تشمل المساعدات الاقتصادية وتمويل المشاريع الصغيرة التي تخلق الوظائف وتدعم نمو الطبقة الوسطى الضروري من أجل ديمقراطية مستديمة. باختصار، على الولايات المتحدة أن تغتنم اللحظة وتدعم انتقال قرغيزستان الديمقراطي، لأن القيام بذلك يخدم مصالح قرغيزستان والولايات المتحدة معاً. كاثلين كولينز أستاذة العلوم السياسية بجامعة مينيسوتا الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتو«
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©